- حسن عبادي
كان طارق يافعًا وسيمًا زمن الانتفاضة الأولى، شارك مجايليه في نشاطاتها وصار غازي قلوب العذارى؛ ضايقه الأمر فانخرط في المقاومة ليصير مُطاردًا حتى تمّ اعتقاله ونال، بجدارة، مؤبّداته رُغم عشرينيّته.
دخل السجن وآثر العزلة في زنازينه المُظلمة، وذات يوم لمحته تاليا، سجّانة عانس، ثلاثينيّة تحلم أن تصير أُمًا، ويبهرها جماله. غيّرت أوقات عملها وأصبحت تفضّل الدوريّات الليليّة لتكون قريبة منه.
ذُهل حين أخرجته ذات ليلة من زنزانته بعد العدد المسائي، أدخلته غرفة نظيفة مرتّبة، مع تخت وحمّام، ولأوّل مرّة منذ اعتقاله يستحمّ بأريحيّة، تسامرا تلك الليلة حتّى الرابعة فجرًا، دون قيود وسلاسل، تحدّثا بخليط من اللغات، عربيّة وعبريّة وإنجليزية، لتُعيده إلى زنزانته متسائلا: أنا في حِلِم ولّا عِلِم؟
تكرّر الأمر، وفي لقاءات قادمة أخذت تلاطفه وتداعبه، أحيانًا مقيّدًا وأحيانًا أخرى محرّرًا من قيوده، حسب مزاجيّتها المفرطة، وتعيده إلى برشه في حيرة من أمره.
بعد عدّة أسابيع تخلّلتها سهرات مجونيّة، ساقته ذات مساء هاتِفة: "الليلة ليلتك. أريد منك ولدًا!". لم يستوعب ما تقوله، ابتدأت السهرة بوجبة ملوكيّة أحضرتها معها، تخلّلها النبيذ الفرنسيّ الأحمر الفاخر، وخوليو يصدح في الخلفيّة برومانسيّة حالمة، بدأت باحتضانه كعادتها، تقبيله ولعقه، تعانقت فحولته بأنثويّتها...وأدخلته بها.
من يومها اختفت، فشلت محاولاته بالاستفسار عنها، ولاحقًا تبيّن أنّها استقالت من الوظيفة.
مرّت السنون، وبعد سنين، وصل السجن سجّان يافع يُدعى سالم، يتلذّذ بتعذيب الأسرى ومضايقتهم، يكره العرب "عالمسبَحة"، وكان شبيه طارق، الخالق الناطق.
صار السجناء ينادونه طارق، ضايقه الأمر وزاده عنفوانًا تجاههم، في نهاية الأسبوع عاد إلى البيت وأخبر والدته، فأخذت تاليا بالنحيب والبكاء الهستيريّ.
تقدّم سالم وطارق بطلب مشترك من إدارة السجون لفحص أنسجة(T.E)...كلّ وأسبابه.
(نُشرت القصّة في العدد الثالث، السنة السادسة، أيلول 2020، مجلّة شذى الكرمل، الإتّحاد العام للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل 48)
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت