- رشيد شاهين
من خلال التجربة "المريرة" التي عايشناها مع السلطة الفلسطينية وممارساتها على مدار سنوات طويلة، فانه يصبح من الوهم الاعتقاد ان قرار وقف التنسيق الامني"ان كان هناك وقف اصلا" الذي اعلن عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 19 ايار الماضي عندما صرح بان دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية اصبحتا في حل من جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع حكومتي اميركا واسرائيل، كان يمكن ان يستمر طويلا.
لقد سبق وان قلنا ان ما يحدث في الساحة الفلسطينية من احداث تتعلق بما سمي بالمصالحة وانهاء الانقسام، ابتداء من البيانات والتصريحات النارية من قبل عديد "القادة" الفلسطينيين وكذلك "همروجة" المؤتمر بين بيروت و رام الله، وانتهاء بمحادثات فتح وحماس في تركيا يندرج ضمن "سياسة التكتيك" التي تورثتها القيادة الفلسطينية عن قائدها الراحل عرفات.
لقد أكدنا ان ما يجري لا يتعدى ذر الرماد في العيون ومجاراة لحالة الغضب التي سادت الشارع الفلسطيني استنكارا لاداء الحكومة، وكذلك كل مظاهر الفساد التي انتشرت في مفاصل مؤسسات "الدولة" وانكشاف الكثير منها خلال جائحة كورونا كما والفشل في الاداء البائس للديبلوماسية الفلسطينية ممثلا بهجمة التطبيع العربي التي فشلت السلطة والحكومة عن التعامل معها او تبرير "حدوثها"، كما وخيبتها في التعامل مع قصة المال الفلسطيني الذي تحتجزه دولة الاحتلال تحت اسم المقاصة، وهو مال حق للفلسطينيين لا تشوبه شائبة، لكن سياسة الحرد الفلسطينية غير المفهومة بالتمنع عن استلامه كانت السبب في حالة من "الجوع" للكثير من العائلات المستورة عدا عما تسببه ذلك في حالة تشبه "الموات" في الاسواق الفلسطينية.
كنا نعلم ان ما يجري ليس سوى محاولة لشراء الوقت من اجل الوصول الى الانتخابات الامريكية، حيث راهنت القيادة على فوز بايدن والتخلص من الرئيس الامريكي الحالي ترمب وتركته التي شكلت كارثة على كل ما هو فلسطيني، للاسباب العديدة المعروفة والمتعلقة بما عرف بصفقة القرن وانتقال السفارة الى القدس ...الخ.
لم تكد نتائج الانتخابات الامريكية ان تعلن، والتي اظهرت فوز السيد بايدن حتى بدات القيادة الفلسطينية بدون أي محاولة "للتكتيك" الذي من المفترض انها تعلمته من زعيمها بمغازلة الرئيس الامريكي المنتخب هكذا بدون مواربة، فهي عبرت عن غبطتها بشكل مفضوح وبدأت بتقديم اوراقها بشكل مكشوف فيه الكثير من "اللهفة" والهرولة، علما ان أي موقف او بيان او تصريح يجب ان يكون محسوبا تماما بحيث لا يجوز التصرف هكذا وكان الامور تسير بغير هدى وان السلطة جاهزة لكل ما قد يطلب منها.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد، بل فوجيء الجمع "المؤمن، وغير المؤمن" بما اعلن عنه الوزير حسين الشيخ من انتصار يتحقق بدون اطلاقة واحدة نحو الهدف، هذا الاعلان الذي يتردد انه كان بدون معرفة أي من اركان القيادة العتيدة في رام الله او سواها، لا بل لم تكن تعلم عنه حتى قيادات وازنة من حركة فتح نفسها، وقيل ان الاعلان كان بمثابة الصدمة على بعضهم وهو الامر الذي دفع رجلا مثل جبريل الرجوب الى لملمة اغراضه والعودة من القاهرة حيث كان يحاور وفدا من حماس على قصة المصالحة وانهاء الانقسام.
لا نعتقد ان فلسطينيا عاقلا يمكن ان يكون ضد أي انتصار مهما كان بسيطا، لكن يجب ان يكون هذا الانتصار حقيقيا من اجل الاحتفال به، لا بل وتخليده في سجلات التاريخ.
ما جرى وبحسب نبض الشارع هنا في فلسطين لا علاقة له باي انتصارات ولا بتحقيق أي اختراقات لموقف الصلف اليميني الصهيوني، وكل ما حدث هو اعلان عن عودة التنسيق بشكل مجاني ودون أي ثمن مقابل، لا بل ان هذا الثمن تم دفعه ليس لممثل سياسي وازن في حكومة الاحتلال، بل لضابط ارتباط احتلالي لا يمثل عمليا في التسلسل الوظيفي او ماكنة القرار الصهيوني سوى برغي لا اهمية كبرى له، عدا عن النص الباهت حول مسألة واحدة فقط تتعلق باموال المقاصة.
قرار عودة العلاقات كما كانت عليه قبل اعلان ابو مازن عن تخليه والقيادة والمنطمة والدولة لم يكن بأي شكل من الاشكال من الحكمة بشيء وكان قرارا مجانيا يفضح الكثير عن الكيفية التي يتم التعامل بها مع دولة الاحتلال والطرائق التي يستعملها الطرف الفلسطيني في مفاوضاته مع هذا لااحتلال ، وهي بدون شك طرق لم يكن غريبا انها اوصلتنا الى ما نعيشه من واقع يزداد سوءا مع كل اشراقة شمس.
22-11-202
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت