- بقلم عدنان الصباح
جاء اغتيال العالم الايراني فخري زادة تماما كما كانت عملية قصف المفاعل النووي في بغداد واغتيال العالم المصري يحيى المشد وكذا اغتيال السياسيين والمقاومين كما فعلت مع يا سر عرفات و ابو جهاد والشيخ احمد ياسين وابو علي مصطفى والشقاقي وخالد نزال والقادة الفلسطينيين الثلاث كمال ناصر وكمال عدوان والنجار وقاسم سليماني والرنتيسي وابو شنب وغيرهم وغيرهم وكذا كمال مغنية وسمير قنطار وكذا الفنانين والادباء كغسان كنفاني وماجد ابو شرار والقائمة تطول وتطول.
ليس الهدف من الاغتيال عادة يقصد به فقط انهاء التأثير المباشر للشخص ولا يقصد بالهدف من الغارات الحربية على مواقع مهمة وتدميرها فقط التخلص من تأثيرات المنشأة كما حصل مع المفاعل النووي العراقي وكما لا زال يحدث في سوريا ولبنان في الكثير من الحالات فإلى جانب تحقيق الهدف المباشر من العملية فان الهدف الاخطر هو هزة النجاح التي يحققها العدو في عقولنا واحلامنا والامل الذي نعيش عليه , ذلك ان مواصلة اسرائيل القيام بعمليات نوعيه ناجحة بالمطلق كما حدث في اغتيالات قادة كبار في قلب البلدان العربية كما في تونس مع ابو جهاد والمذبوح في دبي وخروج القتلة بكل بساطة دون ان يتركوا أي اثر ودون ان يجدوا ردا الا التوعد والخطابات سيجعل الاحباط هو السائد في اوساط الفلسطينيين والعرب وحتى المسلمين كما جرى في الاغتيال الاخطر للعالم فخري زادة في طهران وقبله مهندس الطائرات بدون طيار في تونس والعالم فادي البطش في تونس.
هذا التكرار المتوال لذلك لا يمنع العقول والقادة فقط من مواصلة العمل المقاوم بكل اشكاله بل يساهم في زرع الشعور بالعجز والاقرار الذاتي بالفشل من قبل الجماهير التي تنتظر مرة واحدة ردا على كل ذلك وفيما عدا عملية تصفية الوزير العنصري رحبعام زئيفي فان الحالات النوعية كهذه تكاد تكون معدومة بعد توقف تشاط الثورة الفلسطينية الاقوى بعد الخروج من بيروت فلا يوجد في السجل عمليات تفوق نوعية جعلت هذا الشعور ينتقل الى جانب الاحتلال نفسه لتزرع في اوساط جمهوره وقادته الخوف والاحباط.
الاخطر مما يفعله الاعداء هو مواصلة تفكيك الجبهة المعادية وتقليها حد انحسارها في بؤر صغيرة ومحدودة بل ونستطيع القول بانها معزولة فاليوم تنحصر المواجهة بين الاحتلال وفلسطين في قطاع غزة مع بعض الانشطة في الضفة الغربية بنما سكتت كل الجبهات الاخرى وخارج فلسطين لم يبق من المواجهة من العرب الا سوريا وحزب الله وفيما عدا الاعلان المتواصل لماليزيا عن معاداتها للاحتلال تبقى ايران وحدها في مواجهة اسرائيل وامريكا بل ان ايران تجد في مواجهتها مساعدين علنيين للمشروع الصهيوني الامبريالي في المنطقة بما في ذلك القبول بالموافقة العلنية على التعاون مع اسرائيل لمواجهة اطماع ايران في المنطقة كما تروج لها اسرائيل وامريكا بكل مناسبة وقد سعتا معا الى تحويل ايران الى فزاعة ضد العرب لمواصلة السيطرة عليهم واخضاعهم لإرادتها ونهب ثرواتهم حد الوصول الى افقارهم.
من كل ما تقدم تبقى الحالة الفلسطينية هي الاسوأ فلا زالت حالة الانقسام هي الاخطر والأسوأ ولا يوجد ما يبرر لأي من الطرفين مواصلة هذه الحالة التي تقوي الاحتلال وتجعل منه سيد الموقف وما الحالة الاخيرة المتمثلة بإعادة التنسيق الامني وواد المصالحة التي شكل اجتماع الامناء العامين وما نتج عنه الامل الاكبر منذ الانقسام وكذا اعادة السفراء الى عواصم الدول المطبعة بلا ثمن مما يعني احباطا اخطر في تاريخ القضية الفلسطينية ويشكل داعما لإنجازات الاحتلال في اختراقات واختراقات متواصلة في الحالة العربية باتفاقيات وتواصل ونشاطات مشبوهة بقيت قليل الدول العربية خارجها.
وبعيدا عن كل شيء فان الصحوة الغائبة اليوم عن حالة العرب والفلسطينيين هي ما نحتاجه لعل وعسى لاستعادة الامل ومنع الاحباط هو المطلوب من جميع القوى والفعاليات الفلسطينية وان لم نتمكن من خلق الادوات والمقومات لاستعادة هذا الامل فسنبقى نراوح مكاننا داعمين بصمتنا وقبولنا بالحال لسطوة اخطر واكبر لمشروع الاعداء ليس في فلسطين فقط بل وفي العالم اجمع فمعسكر الاعداء يتنامى ومعسكر المقاومة يتضاءل وينحسر الى حد خطير ولا يبدو في الافق وجود من لديه الاستعداد للتنازل عن مصالحه الضيقة لصالح القضية والى ان نجد من يفعل يبقى الجميع بلا استثناء برسم الاتهام.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت