في ذكرى الانتفاضة المجيدة الشهداء تيجان الوطن ومتراسه وأسواره وضميره

بقلم: أسامة فلفل

اسامة.فلفل
  • كتب / أسامة فلفل

في ذلك الصباح الفلسطيني المؤرخ في سفر التاريخ الثامن من نوفمبر عام 1987م شق شهداء الوطن فلسطين طريقهم نحو المجد الذي لا ينتهي، بكل هدوء وثقة بالنفس والوطن، صعدوا درجات التضحية والبطولة وهم موقنون بالنصر، ولم تكن رؤوسهم تعرف الانحناء، وإنما أنشدت انظارهم باتجاه شمس النصر المشرقة في ذلك الصباح، هاماتهم مرفوعة تطل على شبان وشابات وأطفال وصبايا وشيوخ وماجدات جاؤوا ليقولوا للشهداء أنتم وحدكم تيجان الوطن وأنتم وحدكم متراسه وأسواره وضميره.

كان يعتقد الاحتلال الصهيوني أنه سيكسر شوكة المنتفضين في الانتفاضة المجيدة والمباركة التي أصبحت اليوم تدرس كنظرية ثورية في العمل النضالي البطولي، لم يكن يعتقد المحتل أن انتفاضة عام 1987م ستكون بهذه القوة والزخم، ولم يدري أن الشعب كل الشعب الفلسطيني بكل مشاربه وألوانه عاهدوا الأرض وعشقوا الوطن على طرد المحتل الدخيل.

لم يدور في خلد قادة الاحتلال وجنرالاتهم المهزومة أن أطفال الحجارة يحملون بيارق الأمل والمجد لأمتهم، وهم يدركون أن المشاركة بالانتفاضة والمواجهة مع الاحتلال سوف تأخذهم إلى حيث يسكن الشهداء وعالم الأبدية وخلود الكبرياء. ‏  

شهداء الأمس واليوم والمستقبل، في سجلات وصحف ودفاتر التاريخ، سيرة قديمة لا تعرف التوقف ولا تعرف معنى الإحباط أو الهزيمة، فشهداء فلسطين وأبطالها ورموزها ومشاعلها من رموز العمل النضالي والكفاحي والرياضي امتشقوا البندقية جنبا إلى جنب والتحموا في خندق الدفاع عن حياض الوطن، ومنذ فجر التاريخ امتزجت دمائهم لتسير جداول وأنهار لتروي بساتين الرياضة الفلسطينية وشجرة الحرية، ولطالما أدركوا شهداء الوطن والرياضة الفلسطينية أن الحق يؤخذ ولا يعطى. ‏  

فالشهداء يا سادة يا كرام أشبه بالفصول المتعاقبة، يأتون ويذهبون مثل الغيمة الماطرة بعد فصل صيف جاف، كذلك يأتون مثل نهر متدفق جذوره في الأرض وجداوله آتية من السماء، هم الخصوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، هم الجذع اليانع والناضر لشجرة الحرية. ‏  

والمتتبع للتاريخ يعرف جيدا أن الرياضيين الفلسطينيين كانوا ومنذ فجر التاريخ يرفعون شعار العطاء ولا يعرفون معنى الأخذ أو المقابل، ولقد برهن الرياضيون عبر محطات التاريخ والحقب الزمنية المتباعدة بأن الانتماء للوطن لا يوازيه أي معنى لانتماء آخر والشهداء وحدهم يكرسون معنى الانتماء بالدم الأحمر القاني. ‏  

الشهداء الخالدين هم وحدهم يسكنون التاريخ ويصنعونه من دم وإرادة وكبرياء وشموخ وعزة وكرامة، ومنذ فجر التاريخ كانوا بمثابة السياج الذي يحصن جسد الوطن والأسوار التي تتحطم عليها النبال القادمة من غرباء ولصوص اعتقدوا بأن الليل لا ينتهي والفجر سيبقى حبيساً وراء أسوار يضعونها لحجب حلم الحرية. ‏  

أعراس الشهداء لا تنتهي، وإذا كانت ا الانتفاضة المجيدة عام 1987م تؤرخ لميلاد دمهم، والمكان الذي رفعوا فيه هامة الوطن عالياً، فإن المتراس أيضاً الذي وقف خلفه اجدادهم وأباءهم  و أبنائهم وأحفادهم من بعدهم، سيكون بمثابة الشاهد الذي غسل دمهم في عرس وبيعة الدم لكل الملاحم والانتفاضات والبطولات الفلسطينية.  

 ختاما ...

مسيرة الشهداء لم تتوقف عند حدود ذلك اليوم الثامن من نوفمبر عام 1987م فمنذ ذلك الصباح وما قبل ذلك الفجر، لم تتوقف قوافل الشهداء عن المسير، الاحتلال الصهيوني وجنرالاته اعتقد أن بمقدوره سرقة وطن في وضح النهار والسيطرة على الانتفاضة المجيدة.

 الثامن من نوفمبر ليس يوما عابرا وعاديا في ذاكرة الأمة على وجه العموم والفلسطينيين على وجه الخصوص، ففي هذا اليوم الكثير من المعاني والدلالات التي لا تعرف الطريق إلى النسيان، وفي هذا اليوم تستعيد الذاكرة أسماء الشهداء ومعنى التضحيات ودلالات الفداء التضحيات الجسام. ‏

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت