ماذا يحدث في بلاطة وجنين والخليل وهل هي ثورة؟

بقلم: طلال الشريف

د. طلال الشريف
  • د. طلال الشريف

أيام الحكام الديكتاتوريين في أفريقيا من الخمسينات حتى أواسط الثمانينات، كان التمرد يحدث من بعيد في مناطق نائية تتجمع فيه قوى المعارضة بسلاحها وينضم إليهم الغاضبون من النظام وتبدأ رحلة تغيير النظام والديكتاتورية بالزحف نحو المدن الرئيسية وصولا للعاصمة مقر الحكومة والرئاسة وقوى الأمن الكثيفة التمركز حول المؤسسات الحكومية ومجلس الوزراء ومقرات الوزارات وثكنات الجيش والأمن والقصر الجمهوري وتستغرق مهمة الزحف لتغيير النظام أسابيع تنهار أمام زحف الثوار مدن ومواقع الجيش والأمن في الطريق إلى المركز العاصمة وعلى مشارف العاصمة تشتد المعارك وتبدأ فلول النظام بالتقهقر  أمام الثوار والثورة المتصاعدة ونادرا ما كانت تلك الأنظمة الديكتاتورية تحظى بتدخل دول خارجية لحماية النظام الفاسد رغم أنها حدثت في بعض الدول لكن في الغالب الأعم تكون سلبيات النظام وقمعه وجرائمه قد أصبحت متراكمة ومثخنة قبل ذلك بوقت طويل ولم يعد في مقدور المؤسسات الديكتاتورية إصلاح ذاتها، وتغرق في قمعها وشراستها كلما أحست بالخطر القادم،  فهذا المنحنى للسقوط تقريبا هو نموذج متكرر في غالبية الأنظمة الديكتاتورية وانهياراتها، وبدخول الثوار المتمردين  العاصمة يتقهقر النظام وقواته وعندها يهرب الرئيس بطائرته إلى دولة أخرى ويتبعه من يستطيع الهرب من المسؤولين الكبار ويقتل من يقتل، ويتقلد الثوار سدة الحكم ويفرضون حكم الطوارئ لمدة لتمكين زعمائهم وأنصارهم من تولي المسؤوليات واستعادة الاستتباب الأمني وإدارة شؤون البلاد من جديد وتنتهي قصة ديكتاتور أمعن في قمع شعبه ...
هكذا كانت تحدث  الثورات في غالبية دول أفريقيا  وبعض من دول أمريكا اللاتينية والدول النامية الفقيرة.

في فلسطين لا يختلف الوضع كثيرا عن تلك الدول الأفريقية من حيث أسباب ودواعي الظلم  للتمرد والثورة،  ولكنه يختلف في الوضع الجغرافي والمساحات الضيقة وأيضا وجود قوات الاحتلال بين المدن، وعلى ما يبدو سيكون في فلسطين نموذجا جديدا للتمرد والثورة كما حدث التمرد بالانقلاب العسكري مبكرا  في جنوب فلسطين واستولت قوات حماس هناك على السلطة دون إمكانية الزحف على مدن الضفة لوجود حواجز قوات الاحتلال فباتت غزة معزولة عن باقي مدن فلسطين إلا أن  السلطة المركزية فقدت سيطرتها هناك منذ العام ٢٠٠٧م ..
 
نموذج التمرد والثورة على النظام في الضفة الغربية سيحدث بنفس الآلية التي حدثت في غزة، لكن ببعض الاختلافات والخصوصية لكل مدينة، فهي بمثابة  جزر  بحد ذاتها لإمكانية عزلها بوجود عائق بين تلك المدن وهو قوات الاحتلال.

الخليل نموذج مقارب لقطاع غزة تماما في إمكانية التمرد المعزول والإدارة الذاتية وعدد السكان والإمكانيات، والأكثر تنظيما وقوة على الأرض نموذج العائلات الكبيرة العدد والإمكانيات وليس الأحزاب.

في نابلس وجنين وطولكرم  ورام الله سيحدث التمرد والزحف نحو المركز، وهنا المركز هو مقر المحافظة والمقاطعة ومركز الشرطة الرئيسي، وهي نماذج أخرى تحدث هناك وتختلف عن نموذج غزة والخليل حيث تلعب المخيمات دور التمرد الرئيسي وبها تنظيمات وأحزاب وكثافة سكانية غاضبة من أوضاعها المزرية واتساع شرائح الفقر المدقع والبطالة لدى سكانها وتكرار موجات القمع لهم من قبل قوات الأمن والنظام الحالي.

كل ذلك يحدث وسيحدث  نتيجة:
١- فشل التحرر وفقدان الأمل ببناء الدولة واستمرار الاحتلال
٢- فشل برنامج السلام الذي يقوده النظام الحالي
٣- فشل المصالحة الوطنية
٤- الفقر
٥- البطالة
٦- تتوج كل تلك الأسباب السياسية السابقة  بالقمع ومصادرة الحريات ومنع الانتخابات واستخدام العصا الغليظة للسلطة وأجهزتها الأمنية.

السؤال الأهم هو:
كيف يحافظ هؤلاء الثوار المتمردون، على وحدة الوطن، الذي فشلت في تحقيقها السلطة المركزية القائمة في رام الله؟ أم بسقوط السلطة في المركز في رام الله يمكنهم فعل ذلك واستعادة الوحدة ولم شمل المحافظات جنوبا وشمالاً  في نظام واحد؟؟!!
هذا تحدي كبير يحتاج التفكير ملياً.

للعلم :
محافظات فلسطين الجنوبية تحكمها حماس
١- شمال غزة
2- غزة
3- الوسطى
4- خان يونس
5- رفح

محافظات فلسطين الشمالية من سيحكمها؟؟
١- القدس
2- بيت لحم
3- الخليل
4- رام الله والبيرة
5- نابلس
6- سلفيت
7- قلقيلية
8- طولكرم
9- طوباس
10- جنين
11- أريحا والأغوار

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت