في عام 2020، واصلت الصين والدول العربية تكثيف الجهود من خلال تسليم دفعة جديدة من المساعدات الطبية وإقامة عدة جلسات نقاشية ومنتديات لتعزيز التعاون بين الجانبين، ما يبرز الصداقة الخالصة بين الشعب الصيني والشعوب العربية.
في الثامن من الشهر الجاري، قام السفير الصيني بالقاهرة لياو لي تشيانغ، بتسليم جامعة الدول العربية دفعة جديدة من المساعدات الطبية، للمساهمة في جهود التصدي لمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19). ويذكر أن الصين أهدت 200 ألف كمامة طبية و9 آلاف كمامة (N95) للجامعة العربية كدفعة أولى، فيما تضمنت الدفعة الثانية 130 ألف كمامة (N95). واعتبر لياو أن تسليم هذه المساعدات للجامعة "لحظة تاريخية مهمة في تاريخ الصداقة الصينية العربية".
وأكد لياو أن "الصين لم تنس أبدا عندما كانت في أصعب أوقاتها من مكافحة الجائحة أن قادة الدول العربية أعربوا عن التضامن الكامل معها بطرق مختلفة، مثل رسائل وبرقيات ومكالمات هاتفية، كما بعث الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط برسالة إلى وزير الخارجية الصيني أكد فيها على الدعم الثابت لجهود الصين في مكافحة الجائحة".
وأشار إلى "القرارات الصادرة عن اجتماع الدورة الـ53 لمجلس وزراء الصحة العرب، والدورة الـ153 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، والتي أكدت أيضا على دعم الجهود الصينية في مكافحة الجائحة، فضلا عن تقديم الدول العربية أكثر من 10 ملايين كمامة وغيرها من المستلزمات الطبية التي كانت الصين تحتاج إليها".
وقال السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، وهو رئيس مكتب الأمين العام للجامعة، إن "اليوم ليس إلا علامة أخرى في طريق طويل من تبادل الدعم والمساعدة بين الجانبين"، مشيرا إلى "الصداقة والتآخي بين الصين والدول العربية، بما يعكس مدى قوة العلاقات" الثنائية.
وفي نهاية عام 2020، دعونا نستعرض الجهود المشتركة التي بذلها الجانبان لدفع الصداقة بينهما: في يوليو الماضي، انعقد الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني العربي عبر تقنية الاتصال المرئي بنجاح، بفضل الجهود المشتركة المبذولة من الجانبين الصيني والعربي، خاصة أن الجائحة أدت إلى تأجيل الكثير من الاجتماعات الضرورية هذا العام، لكن الاجتماع الوزاري للمنتدى عقد في الموعد المحدد، وتم إدراج مبادرة إقامة مجتمع صيني عربي للمستقبل المشترك نحو عصر جديد في الإعلان الختامي للاجتماع.
وقد قدمت الصين للدول العربية أكثر من مليون كاشف من الكواشف المعملية الخاصة بفحص فيروس كورونا الجديد، وأكثر من 18 مليون كمامة وغيرها من المستلزمات الوقائية، كما أرسلت فرقا من الخبراء الطبيين إلى 8 دول عربية، وعقدت أكثر من 40 اجتماعا افتراضيا بين خبراء الصحة الصينيين والعرب، حسبما قال السفير الصيني لياو لي تشيانغ، مؤكدا أن التعاون بين الصين ودول عربية مثل الإمارات ومصر والمغرب يشهد حاليا تقدما سلسا في مجال اللقاحات المضادة لكوفيد-19.
وبالإضافة إلى التعاون في مجال الصحة، عزز الجانبان أيضا التعاون والدراسة المتبادلة في مجالات الاقتصاد والثقافة. ففي الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر، زارت بعثة من السفراء العرب تضم 19 عضوا مدينة شانغهاي، التي تعد المركز الاقتصادي والمالي للصين ونافذة الإصلاح والانفتاح في البلاد، كما زارت البعثة مقاطعة جيانغسو التي تعتبر محورا للاقتصاد الحقيقي والصناعي.
وفي منبع الطريق الشرقي لمشروع "نقل المياه من الجنوب إلى الشمال"، وهو مشروع للحفاظ على المياه في جيانغدو، ناقش أعضاء البعثة العرب والمتخصصون الصينيون الممارسة الناجحة لاستخدام موارد المياه بشكل إبداعي وعلمي وكيفية استفادة الدول العربية، التي تواجه أيضا مشكلات تتعلق بموارد المياه، من تجربة الصين.
أما خلال زيارة البعثة للمركز الوطني للبيانات الصحية والطبية الضخمة (الفرع الشرقي) في مقاطعة جيانغسو، فقد اهتم أعضاء البعثة العرب بمناقشة مجموعة من المواد البحثية مع المتخصصين الصينيين رغبة في التعلم من التجربة الصينية واستكشاف سبل التعاون لخدمة بناء نظام صناعي جديد في الدول العربية.
وفي مجال الثقافة والتعليم، أُقيم في 11 من الشهر الجاري في جامعة بكين حفل توزيع جائزة أفضل عمل أكاديمي في دراسات الشرق الأوسط لعام 2020 وجائزة المساهمة المتميزة لجامعة بكين في دراسات الشرق الأوسط.
وقد حصل كتاب بعنوان "مراجعة وتحليل قضايا الشرق الأوسط الساخنة"، نشره نائب وزير الخارجية الصيني الأسبق يانغ فو تشانغ في العام الجاري، على "جائزة أفضل عمل أكاديمي في دراسات الشرق الأوسط لعام 2020". وتناول يانغ في الكتاب تجربته في الدراسة بمصر وعمله الطويل في مجال الدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط، ما وضع نموذجا ومصدرا جيدا لدراسات الشرق الأوسط في الصين. وتم منح "جائزة أفضل دار نشر وتوزيع" إلى دار المعرفة العالمية للنشر.
وأكد لين فنغ مين، رئيس قسم اللغة العربية في كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين، أن دراسات الشرق الأوسط في الصين شهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة. ومن الناحية التاريخية، ترتبط الصين ودول الشرق الأوسط بعلاقات صداقة عريقة، حيث كان الشرق الأوسط منطقة رئيسية على طريق الحرير القديم؛ أما في ظل الإطار الحالي لدفع مبادرة الحزام والطريق، تحتل دول الشرق الأوسط أيضا مكانة مهمة وشهدت أوجه التبادل والتعاون بين الجانبين تقدما.
كما قال يانغ جيه ميان، رئيس اللجنة الأكاديمية لمعهد شانغهاي للدراسات الدولية، في منتدى عقد عبر الفيديو واستضافه مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، إنه في الوقت الذي يشهد فيه العالم تغيرا عميقا، يتعين على الصين والدول العربية اغتنام فترة الفرص الإستراتيجية والقيام بالدور الواجب، وتلخيص التجارب ذات الصلة بالحوكمة العالمية والنظام الدولي والنظام الإقليمي والقضايا الرئيسية سعيا لزيادة تمثيل وأصوات الدول النامية، كما يتعين على الجانبين مواكبة العصر واتجاه التنمية والتحكم في مستقبلهم ومصيرهم.