هل من حروب قادمة في الشرق الاوسط؟؟

بقلم: اماني القرم

أماني القرم
  • بقلم: د. أماني القرم

يبدو السؤال غريباً بعض الشيء مع نجاح سريان الترتيبات المتلاحقة الساعية لجعل اسرائيل عضو طبيعي في المنطقة،حيث تحولت من مهدد الى "صانع سلام". ظاهريًا وفي رأي السائرين على هذا الدرب، فإن هذه العملية تبدو كطريق مستقبلي لإرساء الاستقرار.

وفي هذا السياق، هل من المنطقي أن يشهد الشرق الأوسط حروباً مقبلة؟ ام أن سيناريو الحرب بات صفحة مطوية بعد واقع العلاقات بين اسرائيل والدول العربية وحملة جوائز الترضية التي وزعتها الولايات المتحدة على الدول المطبعة؟؟ خاصة أنه من غير المعقول على أيًّا من كان يرأس الولايات المتحدة أو اسرائيل في المنظور القريب أو البعيد أن يعارض عملية التطبيع .

ورغم ذلك يستمر مكونان من شأنهما أن يكونا فرصة لتفاعل قد يؤدي الى حرب محتمل : القضية الفلسطينية وايران .

بالنسبة للقضية الفلسطينية فلا توجد بوادر على قرب حلها، وبناء على المعطيات الاقليمية: هل من الإمكان أن تكون عجلة التطبيع بديلا عن عملية السلام ؟ وهل تستطيع تحميل اسرائيل مسئولياتها؟

طبعاً لا لأن محاولة اختراع حلول جديدة للقضية الفلسطينية باءت وستبوء كلها بالفشل. والشواهد والتجارب التاريخية حاضرة للعيان فالحل الأوحد المقبول هو حل الدولتين. إضافة إلى أن اسرائيل تعيش مرحلة تضخم القوة فإذا كانت الولايات المتحدة على مدار إداراتها المتعاقبة لم تستطع بناء استراتيجية تمكنها من تحميل اسرائيل المسئولية مثلما تفعل مع الفلسطينيين، كذلك لم تستطع الدول الكبرى الصديقة لفلسطين فهل ستقدر باقي الدول؟ ما هو جدير بالملاحظة أن عملية التطبيع هذه لم تكن جمعية رغم تواليها، بمعنى أنها استهدفت  كل دولة على حدة وبحسابات خاصة ودول المنطقة باتت تتصرف حسب ما تراه مناسبا لمصلحتها القومية بعيداً عن الجمع العربي. في المقابل فإن محاولة الالتفاف والقفز عن حل عادل للقضية الفلسطينية بحجة "الفرص الضائعة" أمر لا يجلب الاستقرار بل بالعكس يزيد الضغط على برميل البارود القابل للانفجار في أية لحظة. الولايات المتحدة عرّاب عملية التطبيع الجارية أرادت لاسرائيل أن تكون بديلا عنها في الشرق الأوسط،  وزيادة تخمة القوة الاسرائيلية ينسف معادلة التوازن التي كان من الممكن أن تبعد شبح شرارة الحرب .

بالنسبة لايران التي تضعها اسرائيل وحلفائها كأولوية تهديد، فهي بلا شك مصدر حرب محتمل ليس شرطاً أن يكون مباشراً وإنما عبر الوكلاء المعروفين وغير المعروفين . مثلاً استفزاز ايراني لدولة خليجية ورد إسرائيلي عليه أمرليس ببعيد ، والساحة في سوريا وجنوب لبنان وغزة دليل على ذلك .

من جانب اخر، فإن المطالبين بتغيير النظام الايراني من الداخل لا يدركون مدى خطورة الأمر ــــــ وأستبعد أن يكون هذا في مخططات اسرائيل أو الولايات المتحدة ــــ فإيران بلد الثمانين مليون نسمة لن تتحول الى دولة ديمقراطية بين عشية وضحاها بفعل ثورة داخلية أو غزو خارجي، وإلا لكانت العراق بعد غزوها أوسوريا بعد ثورتها أو اليمن. وما تحويل ايران الى ساحة جديدة من الصراعات إلا خلق لكيانات جديدة من الميليشيات الغير حكومية المسلحة يعلم الله انعكاساتها على سائر المنطقة  .

المحصلة الحروب المحتملة واردة جدا في الاقليم ويزداد درجة احتماليتها مع عملية التطبيع الجارية واسرائيل ليست الولايات المتحدة وغير مقبولة لان تكون بديلاً.وما يحدث لا يحقق توازناًوإنما نفوراً بين أقطاب متعددة تضع أسباباً معقولة للحروب القادمة .

16/12/2020

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت