دعا فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، السلطة الفلسطينية، إلى التراجع عن الرهان على استئناف المفاوضات تحت رعاية «الرباعية الدولية»، وقال في مقابلة مطولة أجرتها معه فضائية «الكوفية»، (18/12/2020) إن الرباعية الدولية ماتت سريرياً فضلاً عن أن التجربة التفاوضية معها أثبتت أنها كانت تحت النفوذ الطاغي للولايات المتحدة، وشكلت غطاء لتفرد واشنطن في إدارة العملية السياسية. ولفت فهد سليمان إلى البيان الذي كانت الرباعية قد أصدرته في 1/7/2016، حين اتهمت ما أسمته «العنف والتحريض والفساد» الفلسطيني بتعطيل العملية السياسية، متجاهلة في الوقت نفسه كل أشكال البطش الإسرائيلي ومشاريع الإستيطان، والتحريض اليومي للإعلام الإسرائيلي ضد شعبنا وإنكاره حقوقه الوطنية المشروعة وإنتهاكه لقرارات الشرعية الدولية.
وقال فهد سليمان إن ما دعا له المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الأخيرة هو مؤتمر دولي يدعو له مجلس الأمن، وترعاه الدول الخمس الكبار، بمرجعية قرارات الشرعية الدولية، ومن أجل تنفيذ هذه القرارات التي تكفل لشعبنا حقوقه الوطنية كاملة في تقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران 67 وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948، ورأى في الرهان على «الرباعية الدولية» إنتهاكاً لقرارات المجلس الوطني وتقزيماً للدعوة للمؤتمر الدولي.
العودة إلى أوسلو
ووصف فهد سليمان قرار السلطة الفلسطينية في 19/11/2020 العودة إلى اتفاق أوسلو بشقيه الأمني والتفاوضي، أنه قرار صادم للحالة الشعبية الفلسطينية، شكل إنقلاباً على المسار التوافقي الفلسطيني الذي افتتحه قرار 19/5/2020، بالتحلل من الاتفاقات مع حكومة إسرائيل وإدارة ترامب.
كما وصف القرار بأنه تعبير عن سياسة تفرد وإنفراد تتبعها السلطة الفلسطينية، ما يلحق الضرر بمبادئ الإئتلاف الوطني والشراكة الوطنية، التي أتى على ذكرها بيان اجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020 ثلاث مرات، والتي شكلت عنوان «خارطة الطريق» الفلسطينية للخروج من أوسلو، وإستعادة وثيقة «الوفاق الوطني» (وثيقة الأسرى 2006) أساساً للتوافق الوطني في مواجهة تحديات المرحلة القادمة.
وأكد فهد سليمان، ضرورة أن تصحح السلطة الفلسطينية الخطأ الذي أقدمت عليه، وأن تعود إلى العمل بمخرجات اجتماع الأمناء العامين، وفي ظل الأجواء التي سادت آنذاك، أجواء التوافق والتقدم نحو قرارات مهمة اتخذها الإجتماع، مازالت معطلة حتى الآن، وهي، كما قال نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية: تشكيل القيادة الوطنية الموحدة، لتوفير الغطاء السياسي لإستنهاض كل أشكال المقاومة ضد الإحتلال والإستيطان، بما فيها المقاومة الشعبية، بحيث لا يبقى «احتلالاً بلا كلفة»، وبحيث نستعيد شيئاً فشيئاً حالة من التوازن في موازين القوى التي اختلت كثيراً لصالح الإحتلال، بسبب الإلتحاق بأوسلو، وتداعيات الإنقسام الفلسطيني. أما القرار الثاني، الذي اتخذه اجتماع الأمناء العامين فهو تشكيل هيئة وطنية تنجز وثيقة للمواجهة الإستراتيجية الوطنية الشاملة، وتضع آليات وأسس إنهاء الإنقسام، وإستعادة الوحدة الوطنية.
الحوار الوطني ضرورة إستراتيجية
وأكد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية أن الحوار الوطني الفلسطيني ضرورة إستراتيجية، وهو الوسيلة للعودة مرة أخرى إلى التوافق الوطني، محملاً حركتي فتح وحماس مسؤولية وصول الجولة الأخيرة للحوار إلى الطريق المسدود. فتح بعد الإنقلاب على قرار 19/5 ومخرجات اجتماع الأمناء العامين. وحركة حماس لتراجعها عن مخرجات وتفاهمات اجتماع اسطنبول في 23/9/2020، حين تراجعت عما تم التوافق عليه ثنائياً بشأن الإنتخابات. وفي هذا السياق أوضح فهد سليمان أن الحركتين تجاوزتا في اسطنبول مخرجات اجتماع الأمناء العامين وذهبتا إلى البحث في الإنتخابات، التي تحولت بينهما إلى أداة للصراع على السلطة، ولم تعد مدخلاً لإعادة بناء المؤسسات الوطنية كما تمت الدعوة لها في أدبيات الفصائل الفلسطينية ودعواتها المتكررة، ورأى فهد سليمان، أن الفشل في تنظيم الإنتخابات، لمرات ست على التوالي، يؤكد أن الحالة الفلسطينية، بتوازناتها وتعقيداتها، غير مؤهلة في اللحظة الراهنة، لتنظيم إنتخابات تشكل مدخلاً لإعادة بناء المؤسسات الوطنية، لذلك – قال فد سليمان- دعت الجبهة الديمقراطية إلى خطوة توافقية تعيد بها الحالة الوطنية تشكيل اللجنة التنفيذية في م.ت.ف، لتكون إطاراً جامعاً لكل الأطراف الفلسطينية المنضوية تحت لوائها، والتي شاركت في اجتماع الأمناء العامين، وإعادة تشكيل المجلس المركزي، بما يوفر أجواء من التفاهم والتقارب، تشكل فرصة جديدة للذهاب إلى انتخابات شاملة، بعيداً عن أساليب المغالبة، وفي إطار من التوافقات الوطنية.
الفصائل الخمسة لقاء تشاوري
وأوضح فهد سليمان أن الفصائل الخمسة التي دعت في بيان لها إلى جولة جديدة لإجتماع الأمناء العامين (الجبهة الديمقراطية والشعبية والقيادة العامة، والجهاد الإسلامي والصاعقة) لا تشكل إطاراً محورياً على الإطلاق، بل هي مجرد لقاء تشاوري، يجمع خمسة فصائل، شاركت في اجتماع الأمناء العامين، وتتواجد في مساحة جغرافية متقاربة، شعرت أن الواجب الوطني يملي عليها إدامة الحوار والتشاور فيما بينها، وتحمّل مسؤولياتها الوطنية لتقديم الآراء والأفكار والرؤى وممارسة الضغط من أجل إخراج الحالة الوطنية من مأزقها (العودة إلى أوسلو والإنقسام) واستئناف مسارات التوافق الوطني التي انطلقت مع قرار 19/5.
وشدد فهد سليمان على أن الجبهة الديمقراطية لن تكون يوماً ما جزءاً من إطار تنظيمي يشكل بديلاً أو منافساً لمنظمة التحرير الفلسطينية. فالمنظمة، بكل ما تشكوه من نواقص وثغرات، هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، من مهامنا النضالية العمل على إصلاح مؤسساتها، وتطويرها على أسس الإئتلاف والشراكة الوطنية وبرنامجها الوطني: حق تقرير المصير والعودة والإستقلال. [البرنامج المرحلي].
التطبيع لن يخيفنا
وعن التطبيع قال فهد سليمان: إن التطبيع لن يخيفنا، فنحن أساساً نراهن على إرادة شعبنا وإستنهاض طاقاته النضالية وتعبئتها، واستنهاض عناصر القوة في الحالة الفلسطينية، فضلاً عن الرهان على إرادة شعوبنا العربية التي هي المعنية بأن توفر الأساليب النضالية لسد الطرق أمام آليات التطبيع، خاصة وأن من شأن هذا التطبيع أن يلحق بشعوبنا العربية، من الأذى والضرر والكوارث، أكثر مما سيلحقه بقضيتنا الوطنية، ولسوف تتلمس شعوبنا العربية سريعاً الآثار المدمرة لهذا التطبيع على مصالحها الوطنية والقومية، في ظل تغلغل المؤسسات والعصابات الصهيونية في تلافيف مجتمعاتنا العربية، والإستحواذ على ثرواتها الوطنية.