تجد الحكومة الفلسطينية نفسها أمام اختبار صعب للتوازن بين تدابير مكافحة انتشار مرض فيروس كورونا الجديد وتحقيق الإنعاش الاقتصادي.
وتزداد المهمة صعوبة في ظل الخسائر القياسية التي يشهدها الاقتصادي الفلسطيني بعد أشهر من اتخاذ إجراءات حكومية شملت فرض الإغلاق العام وحظر التجوال.
وقال وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي لوكالة أنباء (شينخوا)، إن الحكومة تعمل عن كثب لضمان التوازن بين هدف كسر مواجهة الإصابات العالية بمرض كورونا، والحفاظ على الوتيرة الاقتصادية.
وذكر العسيلي أن " كافة الإجراءات التي يتم اتخاذها ضمن تدابير مكافحة مرض كورونا يتم دراستها بشكل معمق بهدف كسر حدة انتشار المرض مع الحفاظ على عمل المؤسسات الاقتصادية".
وأشار إلى أن الحكومة تعمل جادة على ضمان إنعاش اقتصادي يتضمن عدم تعطيل الحركة التجارية ودفع وتيرة التصدير والاستيراد بما ينعكس إيجابا على الإيرادات الحكومية.
وشدد العسيلي على أن "الخاسر الأكبر في إجراءات الإغلاق المتخذة هي الحكومة الفلسطينية التي تعاني من تراجع كبير في الإيرادات المحلية وبالتالي هي المعنية الأكبر بالإنعاش الاقتصادي".
وأقرت الحكومة الفلسطينية مؤخرا تشديد إجراءات مكافحة مرض كورونا بما يشمل حظر تجوال كامل يومي الجمعة والسبت وفي أوقات المساء أيام باقي الأسبوع إضافة إلى منع التنقل بين المحافظات.
كما قررت الحكومة العودة إلى إغلاق كلي للمطاعم والمقاهي والنوادي الرياضية والتشديد على حظر التجمعات العامة وهو ما أثار احتجاجات شعبية في عدد من المحافظات.
واعتبر المحلل الاقتصادي من رام الله نصر عبد الكريم لـ (شينخوا)، أن العامل الاقتصادي يشكل عامل ضاغط على الحكومة الفلسطينية في إدارة أزمة مرض كورونا.
ونبه عبد الكريم إلى أن الحكومة مضطرة إلى اتخاذ سلسلة إجراءات لمكافحة انتشار مرض كورونا وفي الوقت ذاته مطلوب منها الحفاظ على وتيرة الحياة الاقتصادية والحد من تداعيات أزمة المرض.
وأشار إلى أن الإيرادات المحلية تتراجع للحكومة الفلسطينية في وقت ترتفع نفقاتها والالتزامات المترتبة عليها بفعل مواجهة مرض كورونا بما في ذلك صرف تعويضات للفئات المتضررة.
وأوضح عبد الكريم أن التقديرات تشير لخسارة الاقتصاد الفلسطيني أكثر من 2.5 مليار دولار هذا العام، وهو رقم كبير بالنسبة لبلد حجم اقتصاده لا يتعدى 15 مليار دولار، أي بنسبة 15 بالمائة.
وأظهر تقرير صدر عن سلطة النقد الفلسطينية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني اليوم، أن نمو الاقتصاد الفلسطيني تراجع بنسبة 12 في المائة في عام 2020 بسبب أزمة مرض فيروس كورونا وتداعياتها.
وقال التقرير إنه جراء هذا التراجع شهدت معظم الأنشطة الاقتصادية تراجعا في القيمة المضافة، ما أدى لانخفاض ملحوظ في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتزايد في عدد العاطلين عن العمل لتدخل فئات جديدة إلى دائرة الفقر.
وأوضح أن العام 2020 شهد تراجعا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12 في المائة مقارنة مع عام 2019 بفعل تداعيات أزمة مرض كورونا وإجراءات الإغلاق العام.
وعلى مستوى الإنفاق تراجع الاستهلاك الكلي في فلسطين خلال نفس العام بنسبة 6 في المائة كما تراجع الاستثمار الكلي بنسبة 36 في المائة بحسب التقرير.
وأوضح أن معظم الأنشطة الاقتصادية شهدت تراجعاً ملحوظاً في قيمتها المضافة خلال العام 2020 مقارنة مع العام 2019.
وسجل نشاط الخدمات أعلى قيمة تراجع وبنسبة 10 في المائة، كما تراجع نشاط الإنشاءات بنسبة 35 في المائة، ثم نشاط الصناعة الذي تراجع بنسبة 12 في المائة، وشهد نشاط الزراعة تراجعا بنسبة 11 في المائة.
وبلغ حجم التبادل التجاري من وإلى فلسطين 10 مليارات دولار أمريكي خلال العام 2020 بنسبة تراجع وصلت إلى 10 في المائة مقارنة مع عام 2019.