تقاليد اجتماعية توارثها الفلسطينيون لأجيال تلاشت في زمن كورونا

إعداد أطباق حلوى "البربارة" تحضيرا لعيد القديسة بربارة في كنيسة الروم الأرثوذكس بقرية عابود قرب رام الله

 لسنوات طويلة توارث الفلسطينيون تقاليد ميزت مناسباتهم الاجتماعية، وحافظوا عليها قبل أن تتلاشى بشكل مفاجئ بفعل أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).

وفرضت التدابير الوقائية لمكافحة انتشار مرض فيروس كورونا نفسها على التجمعات العامة، التي ظلت لعقود الميزة الأبرز لمراسم الزواج والخطوبة في الأراضي الفلسطينية.

هذا الأمر افتقدته بشدة عائلة الشاب مصطفى توايهة، في بلدة صوريف في الخليل جنوب الضفة الغربية بعد أن أتمت حديثا مراسم خطبة نجلها بحضور عدد قليل جدا من العائلة وخلال وقت قصير.

وأتمت العائلة مراسم الحدث السعيد عبر وسائل الاتصال على الإنترنت عن بُعد بسبب ظروف انتشار مرض فيروس كورونا وصعوبة السفر إلى الأردن حيث تتواجد العروس.

وجرت المناسبة بحضور أفراد العائلة من عدة دول، حيث ينقسم أفرادها على مدينتي الخليل ورام الله في الضفة الغربية، وكذلك في الأردن والسعودية والإمارات، ولكن جمعتهم وسائل التواصل الاجتماعي عبر تقنية الفيديو.

واختلطت المشاعر لدى العريس مصطفى (25 عاما) مع إعلان خطوبته على فتاة أحلامه، لكن دون أن يتمكن من السفر إلى الأردن والاجتماع المباشر معها.

كما أنه افتقد أجواء عائلية معروفة في فلسطين بتجمع عائلي كبير لحضور مناسبات الزواج والمباركة للعرسان.

وقال مصطفى لوكالة أنباء "شينخوا"، إنه لم يتوقع أن تتم مناسبة ارتباطه على هذا النطاق الضيق غير أن ظروف أزمة مرض كورونا فرضت نفسها عليه وعلى عائلته.

وأضاف أنه في الوضع الطبيعي تجرى مراسم الخطوبة والزواج بحضور جميع أفراد العائلة ولأجلها يصل من يقيمون في الخارج في إجازة مؤقتة لمشاركة الفرحة وتقديم التهاني.

وأشار إلى أنه كان يرجو لو تمت مناسبة خطوبته في أوضاع عادية، لكن أزمة مرض كورونا وتقييد الحركة والسفر فرضت الاكتفاء باتصال قصير عبر الانترنت.

وبسبب التدابير الوقائية اقتصر الحضور في المناسبة داخل منزله عائلة العريس على عدد محدود من الأقارب من الدرجة الأولى والحال نفسه في منزل العروس في الأردن.

وقال عيد توايهة والد العريس ل"شينخوا"، إنها المرة الأولى التي يحتفلون فيها في العائلة بمناسبة ارتباط وخطوبة من دون احتفالات عامة ودعوة الأقارب والجيران.

وأشار إلى أن أزمة كورونا "غيرت الكثير من العادات سواء في الأفراح أو الأتراح وتبادل الزيارات الاجتماعية، وأثرت على مشاركة الناس مناسباتهم المختلفة".

ويأمل توايهة الأب انتهاء أزمة مرض كورونا وعودة الظروف سانحة للاحتفالات والتجمعات العامة من أجل الشعور بالسعادة والتشارك الاجتماعي الذي يزيد من قيمة المناسبات.

واعتاد الفلسطينيون على دعوة أكبر عدد ممكن من الأقارب والأصدقاء عند تقدم شاب للارتباط بشابة ضمن ما يطلقون عليها اسم "الجاهة"، والتي تضم المئات من معارف العروسين.

وعادة ما ينظم حفل موسيقي يطلق عليه حفل الخطوبة تحضره النسوة من الطرفين والمدعوات من المعارف والصديقات في إحدى القاعات وصالات الزفاف.

لكن العروس رانيا عرعر (22 عاما)، وهي من سكان الأردن وتحمل الجنسية الفلسطينية اكتفت باجتماع الأهل عبر الانترنت في غياب لطقوس الخطبة بسبب تداعيات أزمة كورونا.

وقالت رانيا في اتصال مع "شينخوا"، إنها شعرت بالغصة من غياب شريك حياتها لحظة إعلان ارتباطها، فضلا عن عدم الاحتفال بوجود الأقارب بالمناسبة.

وهي تأمل انتهاء أزمة مرض كورونا العام المقبل حتى يتمكنا من إقامة حفل الزفاف كالمعتاد، بحضور جميع الأهل والأحبة في فلسطين والخارج.

وأضافت أنه "رغم أن الطريقة التي تمت بها الخطوبة فريدة من نوعها، في غياب العريس والأهل والأصدقاء، لكنها ستبقى محفورة في الذاكرة، وستكون ذكرى جميلة مع مرور الأيام والسنوات".

وأشارت إلى أن مشاركة الأقارب مراسم الخطوبة من عمان والرياض وأبو ظبي والخليل ورام الله عبر الانترنت عوضها بالكثير من السعادة عن عدم إقامة احتفال.

وعادة ما يتم لدى الفلسطينيين طلب يد العروس من ذوي العريس ليجاوبه ولي أمر العروس وسط حضور المدعوين من الرجال، لكن خال رانيا وائل عرعر (60 عاما) أجاب بقبول طلب ذوي العريس بالاتصال عن بٌعد.

وقال عرعر، إن "المناسبات في ظل أزمة مرض كورونا تغيرت وأصبحت كل العادات غريبة لما نعيشه من إغلاق وتباعد اجتماعي واحتياطات السلامة".

وأضاف أنه رغم هذه الظروف والمصاعب "إلا أننا مصرين على انتزاع لحظة فرح وتقارب، ولذلك قلنا أنه مرحليا لنبدأ بقراءة الفاتحة وإتمام الخطوبة عن بُعد على أمل أن نتمكن مستقبلا من إتمام المراسم عند الزواج".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله (شينخوا)