العالم العربي في نهاية 2020..

بقلم: محمد بركه النجار

محمد بركه النجار
  • محمد بركه النجار

ثورات ربيع عربي أشبه بحمل في رحم مستأجرة لم تنشأ من صلب الوطن العربي رغم توفر كل أسباب الثورة الحقيقية ضد الفقر والاستبداد والتفرد بالحكم والتمايز الطبقي والمحسوبية والفساد وحدث ولا حرج.

وقد يكون أبرز موجبات التغيير هو الذل الذي يعيشه المواطن العربي في وطنه وكذلك أمام الشعوب الأخرى.

ولعل غيرة المواطن العربي على وطنه وقوميته ودينه وكذلك نظرة الآخرين للعربي ووضعه في مرتبة دونية واعتباره مستهلك غبي مترف يبحث عن اللهو والمتع ولذلك يكون هدفا للابتزاز والاستنزاف المادي

وبعد فشل التغيير وتدني نتائجه والخيبة التي أصابت المواطن العربي بفعل هشاشة المجتمعات المدنية وغياب الديمقراطية والافتقاد لأدواتها من أحزاب مستقلة فاعلة ذات جذور شعبية وطنية تمثل إرادة الجماهير ولا تعتبرها مجرد رقاب مطأطئة يسهل ارتقائها سخرة وبيعها بوهم ووعود كاذبة وكذلك غياب الصحافة ووسائل الإعلام الحرة وعدم التداول السلمي للسلطة بانتخابات حرة نزيهة تحمل إرادة الجماهير وتعبر عن طموحاتها.

ناهيك عن تسلط بعض القوى الخارجية حد التغول والإستقواء والعبث بأنظمة الحكم وتقزيمها أمام الشعوب.

كل ذلك يظهر الأخطار الحقيقية المحيطة بالعالم ومنها إيران شرقا وهي دولة تحمل إرث إمبراطورية قديمة تسعى لاستعادة مكانتها وتحديد مناطق نفوذها لدرجة أصبحت تمثل ما يوظف على إنه خطر إيراني يجعل دول عربية تبحث عن حلفاء خارجيين يستنزفون اقتصادياتها ويرتهنون مواردها الاقتصادية وإرادتها السياسية.

وكذلك وجود الخطر التركي غربا لدولة تسعى لاستعادة إرثها التاريخي لإمبراطورية قديمة أيضا بما يمثله هذا الدور التركي من مصدر تهديد لبعض الدول العربية.

وهذه الأدوار الإقليمية ليست بديلا للقوى الدولية الخارجية المتمثلة بأمريكا وأوروبا وروسيا والصين كل بدرجة تختلف عن سواها ولا يخفى على أي مراقب قوة وقسوة الدور الأمريكي الذي لا يحتاج لأي تبريرات أخلاقية أو إنسانية.

وكل ذلك لا يخفي الدور الإسرائيلي الذي يسعى بكل قوة لتوحيد أهدافه مع أهداف الدول العربية في مواجهة الدورين الإيراني والتركي مع الأولية لتضخيم الخطر الإيراني لأسبابه الخاصة ولاعتبار إيران دولة تملك قوة تنظير عقائدي مع وجود قطاعات شيعية عريضة على امتداد الساحة العربية من أقصاها إلى أقصاها بدرجات متفاوتة وكذل لأن إيران ليست جزء من حلف الناتو وتمثل منافسا عنيدا للنفوذ الغربي وتمتلك مشروعها ونموذجها الخاص.

وتمتاز قوة الدور الإسرائيلي أيضا من أنه يوظف نفسه كرأس سهم للمصالح الأمريكية والقوى الغربية عموما.

ناهيك عن قوتها الاستخبارية التي توظفها للتلاعب بمخاوف حكام المنطقة بالدرجة الأولى وكذلك تقدمها التكنولوجي والعلمي والاقتصادي وقوتها العسكرية التي تتكفلها أمريكا بالحماية وتوظفها لما يخدم مصالحها من أدوار.

وعندما نتساءل لماذا هذا الضعف العربي فإنه يعود بالدرجة الأولى لعدم شعور أنظمة الحكم بمشروعيتها وكذلك العجز عن بناء نظام حكم ديمقراطي يحظى بالرضا الشعبي

وكذلك هشاشة البنية الاقتصادية رغم مظاهر الثراء في اقتصاديات تفتقر البناء الاقتصادي القوي القائم على التنوع ووجود بنية اقتصادية حقيقية .

وكذلك تدني الثقة والأمان بين الأنظمة العربية القائمة رغم الاصطفاف الظاهري الهش القابل للتغيير طفريا.

 وكذلك  غياب الثقة السياسية وتباين النظم السياسية وغياب المصالح الاقتصادية الحقيقية العميقة التي تفرض ذاتها في وجه التقلبات السياسية المزاجية والتي قد تخضع للقوى الخارجية.

وهذا مايفسر الاندفاع التطبيعي غير المبرر والذي لا يفصح أي نظام سياسي من المطبعين عن أسبابه الحقيقية.

وكذلك يبدو أن توظيف القضية الفلسطينية قد استنفذ أغراضه في ترويض الشعوب العربية وإخضاعها لأنظمة الحكم بكل كفاءة وفاعلية.

والآن جاء دور تسديد فواتير الحكام للقوى التي جاءت بهم أو ببعضهم . وثمن الرضا عن بقائهم في الحكم طوال هذه الفترات الزمنية التي استخدمت فيها تبريرات كثيرة وصلت حتى التدخلات العسكرية في أدوار مرسومة مسبقا وإن كان ثمنها بعض دماء الشعوب وتوزيع بعض النياشين والأوسمة على شجعان وشهداء غابت عن عيونهم حقائق تلك الأدوار.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت