هل التطبيع خيانة ؟!

بقلم: حسين موسى اليمني

حسين موسى اليمني
  • بقلم  د حسين  موسى  اليمني

27.12.2020

 عند  متابعة  رأي  الكثير  من  الكتاب العرب المؤيدين  لفكرة  التطبيع  , تجدهم  يركزون  على  جملة  واحدة  وهو أن العلاقات مع  الصهاينة  هي قرارات  خاصة  بكل  دولة  على  حدى  , ولا  يحق  لأي  دولة  اخرى  ان  تملل عليهم  بكيفية إقامة  علاقاتهم ,  ومع  من  يقيموا  علاقاتهم ,  حتى  أن  بعضهم شبه  العلاقات مع المستعمر الصهيوني  كالعلاقات  مع  فرنسا  , وامريكا , وبريطانيا , وروسيا ..الخ ومن  هنا  وجب  أن  نوضح  للجميع  هل يعتبر  التطبيع  خيانة !!!!!؟؟؟؟

حسب  قانون  العلاقات الدولية  كل  دولة  لها  حق  السيادة  على محيطها  الجغرافي  ولا  يحق لأحد ان  يتدخل  في  هذه  الشؤون  ,  ويحق  لكل  دولة  أن تسعى  الى  تطوير علاقاتها بما  يتناسب  مع  الوضع الراهن , وعندما  نُعرف العلاقات الدولية الاقتصادية فإننا  سنجد  أن  تلك  الدول  المطبعة  من  زاوية  التعريف الخاص  بالعلاقات الاقتصادية  محقة  في  إنشاء  علاقاتها  الثقافية  والسياسية  والاقتصادية والعلمية  ....الخ

فالعلاقات الاقتصادية الدولية  تقوم على تفاعلات بين  الدول  بشتى المجالات .

ولكن في واقع الامر   احتكمت  الدول  المطبعة  أو  نظرت  الى  التطبيع  مع  العدو  من  زاوية  الاغراءات المقدمة  من  قبل  الامريكان  والصهاينة  مقابل التطبيع  ,  فتجد  كل  دولة  لها رشوتها  الخاصة , بل اضف الى ذلك نجاح  العدو  في التغلغل بالقرارات السياسية  في  تلك الدول  والتأثير  عليها .

 ولكن  الشيء  الرئيسي  التي  افتقرت  اليه  تلك  الدول  المطبعة  أنها  لم  تنظر الى  التطبيع  من  الزوايا الاخرى  , وعندما  خرجت  من  الصندوق لم  تنظر  إلا  الى  اتجاه  واحد  فقط ,  ومن  خلال  هذا المقال اريد  التركيز  فقط  على  زاوية  واحدة واناقش  مشكلة  واحدة  فقط , لأثبت  للجميع  أن  التطبيع  مع  العدو  خيانة , ستقود  أصحابها  الى  ملعنة  التاريخ بدون  إستثناء .

إن  التطبيع  مع  العدو  الصهيوني  هو اعتراف  بدولتهم ولا  يتم  التطبيع  قبل  ان  توقع  الدول  المطبعة  على  ذلك  , حيث  اعترفت  كافة  الدول  المطبعة  أن  الكيان  الغاصب  هو  دولة  مستقلة  على  حدود  48 ,  وهذا الاعتراف يعتبر بمثابة  بيع  لفلسطين  ,  كيف  تعترف  الدول  المطبعة أن  فلسطين  دولة  صهيونية !!!!  ألا  يعتبر  ذلك  خيانة  لفلسطين  وأهلها !!!  ألا  يعتبر  ذلك  بيع  لفلسطين  والاعتراف بحق  المستعمر  في  الوجود !!!

ألا  يعتبر  التطبيع  بمثابة طوق  النجاة  للمستعمر  ليثبت  فيها  احقيته  بالوجود !!!

لو افترضنا  أن  جماعة  الحوثي  نجحت  في  احتلال  أي  دولة  من  الدول المطبعة وبعد  عقود  من  الزمن  جاء  الفلسطينيون  واعترفوا  بذلك  الاحتلال وسموه  بالدولة  الحوثية بدل  ان  يسمونه  بالإمارات المحتلة  !!!! كيف  سينظر  أهلنا  في الامارات  الى  الفلسطينيين !!!؟؟؟؟

وهكذا  ينطبق  نفس المثال على  كافة  الدول  المطبعة .

المحتل  هو  محتل  ولن  يتغير  اسمه  , قد  وقع  الكثير  من الكتاب  ومؤيدي التطبيع  بهذا  الخطأ  واستمدوا  أدلتهم  أن  الرسول  صل الله عليه وسلم  امتلك  معهم  هدنه  وسلام  حسب زعمهم  , علماً أن الهدنة  ليس  كالتطبيع الذي  يعطى  فيه للمستعمر  حق الوجود .

لقد  هادن  المسلمون الاوائل  الروم  ووقعوا  معهم  معاهدات  صلح  ,  ولكن  لم  يعترفوا  بهم  كدولة  وككيان  يحق  له  الوجود على  هذه  الارض.

ولهذا  أي  عملية  سلام  تكون  بين  الدول  العربية  والعدو , كان يجب  ان  تضع في  عين الاعتبار أن  فلسطين من  النهر الى البحر

عندما  نتلفظ  بكلمة  دولة  اسرائيل  هذا  التلفظ بحد  ذاته  يعتبر  خيانة  لان  المستعمر  وعبر التاريخ  لا  يسمى  إلا  بالمستعر  المحتل,  فكيف اعطيه  شرعية  بالوجود  !!!!

ألم  يتفكر  المفاوض  الفلسطيني  وكافة  رؤساء الدول  المطبعين  مع  المحتل  بهذه  النقطة  المهمة !!!

والصراع  بيننا  وبينهم  صراع  عقائدي في الدرجة  الاولى  وهم  الى زوال  بإذن الله , حتى  كتبهم  الدينية  تشهد  بان  دولتهم  لن  تزيد  عن  ثمانين  عاماُ  ,  فلماذا  خيانة  فلسطين  وأهلها والامة الاسلامية !!!  والأعتراف  بحق  قيام  دولة  المحتل  على  ارض  فلسطين  .

لو  تنازل  المطبعين  عن  جزء  من  حساباتهم  البنكية  للصهاينة  لربما  لم  يلمهم  على  ذلك  إلا  اقربائهم ,  فلهم  حق الاولوية  بالاستنفاع ,  لكن  ان  يتنازلوا  عن  حدود  48 ( وهي الاراضي الفلسطينية  التي  تم  احتلالها  من  قبل  العدو  عام 1948)  فهذا ليس  لهم ,  وليس  ملكهم , وليسوا  مخولين به  .

ومن  الممكن  اقامة  علاقات  وتطبيع  مع  اليهود  اذا  هاجروا  من  فلسطين  واعادوا الارض  لأهلها  هذه  العلاقات  وهذا  التطبيع  سيعتبر تطبيعاً متكافئ  , كالتطبيع  بين  فرنسا والجزائر  بعد  انتهاء الاحتلال .

وعبر  التاريخ  كان  هناك  خونة  منتفعين  من الاستعمار  وكانوا  يبذلون  قصار  جهدهم  لإرضاء المستعمر  على  حساب أرضهم  وعرضهم  وشرفهم  مثل  شخصية  الشارف الغرياني في فيلم عمر المختار ,  والذي  كان  يلمع  للمستعمر,  وبذل  جهداً  لإقناع  عمر  المختار  بالسلام  الشريف مع  المستعمر  ,فرفض  عمر  المختار ,  قائلاً (يسرقون ارضنا يدمرون بيوتنا  يقتلون الأبرياء وتسمي  ذلك  بالسلام ) وأكد على استمرارية   مقاومته  لهم   ما داموا  موجودين  على  ارضهم  .

فلسطين  ارض  اسلامية  عربية  من  ام  الرشراش  جنوباً  حتى  راس  الناقورة  شمالا  ومن  البحر  الميت  شرقاً  الى  البحر  المتوسط  غرباً.

والعدو  الصهيوني  هو  اشد  أعداء الامة الاسلامية  وهذا  ليس  بشهادتي  بل هو قرأن  كريم  ينطق  حتى  يومنا  هذا  فلن  يستطيعوا  أن  يغيروه , حيث  يقول  جل  في  علاه (  ۞ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ۖ)  المائدة 82

وهنا  يأتي الرد  على  من  حرفوا  كلام  الله  وادعوا  أن  ايران  هي  اشد  الاعداء  للأمة  الاسلامية  بحجة  أنهم  مشركين  , فلو  أخذنا  بهذا الاعتبار  فانك  تجد  أن  الله  عز  وجل  قد  بدأ  باليهود  قبل  المشركين ,  والله  جل  وعلا  اعلم

لقد  نجح  العدو  الصهيوني  في التغلغل  في مجتمعاتنا  وأثر  على  شبابنا  وبناتنا  بأفكار  زائفة وايضا  من  خلال  نشر  الكراهية  بين  الشعوب ,  فأصبحت  العلاقة  مع  الصهاينة  لبعض  الدول العربية  مثل  الامارات  والبحرين  والمغرب  والسودان  افضل  بكثير  من  العلاقات  مع  شعب  يرزح  تحت  نير  الاحتلال لأكثر  من  سبعين  عاما.  مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (الصافات 154)

وهذا  تخصص  الاحتلال  في أن  يفرق الاخ  عن  أخيه  ويجعلنا قبائل متناحرة  , وننسى  العدو الحقيقي  صانع الفتن  والخلافات  وهو المستعمر الصهيوني ,ولو  تتبعت  مواقع  التواصل الاجتماعي  لتجدن  تراشق  كبير  بين  المغرب  والجزائر  سببه الذباب  الإلكتروني الصهيوني ,  لم  لا وقد  نجحوا  من خلال ذبابهم الالكتروني  أن  يتقربوا  الى  الدول  العربية , وبنفس الوقت نجحوا في خلق شرخ  كبير بين  الدول  الاشقاء .   

أما  رسالتي الاخيرة  لكل  من  أسرف في  الحديث  عن  المساعدات  المقدمة  لأهل  فلسطين  , لا  أريد  أن  اقول  لكم  ماذا  قال  الله  في  كتابه  فربما  لن  تصل الرسالة ,  بل أذكركم  بكلام  ستيفن كوفي الذي  قال (افعل الخير على أي  حال) أي اعمل  الخير  ولا  تنتظر النتيجة ,  والذي قدمه  أهل  فلسطين  لشعوب  الارض  لا  يذكره  كتاب   ,ونبقي  ذلك  بيننا  وبين  رب الحساب .

والله من وراء القصد وآخر دعوانا ان الحمد الله رب العالمين

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت