استبعد خبراء عسكريون وسياسيون، أن تقوم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو حتى إدارة الرئيس جو بايدن القادمة بإلغاء المعونة العسكرية لمصر، على الرغم من تصريحات ترامب بشأنها، والتي أثارت تساؤلات حول مستقبل هذه المعونة.
وتقدم الولايات المتحدة الأمريكية معونة عسكرية سنوية قيمتها 1.3 مليار دولار لمصر، وذلك منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل في العام 1978.
ونشر ترامب، قبل أيام على حسابه الرسمي بموقع (تويتر) فيديو هاجم فيه مشروع قرار صادق عليه الكونجرس لإغاثة الأمريكيين من مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) بقيمة 892 مليار دولار، مهددا بعدم التوقيع عليه لاعتراضه على بعض البنود، من بينها تضمينه مساعدات لعدة دول منها مصر.
وذكر ترامب في الفيديو أنه ضمن مشروع القرار حصول مصر على مساعدات بقيمة 1.3 مليار دولار، واتهم مصر باستخدام هذه المساعدات في شراء معدات عسكرية روسية.
وفي هذا الصدد، قال الخبير العسكري اللواء متقاعد سمير فرج، إن "مصر لا تأخذ أية مبالغ سائلة من المعونة العسكرية الأمريكية، فلا يوجد أي دولار تم تحويله لمصر منذ أول يوم من تحديد هذه المعونة".
وأضاف فرج، وهو مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بوزارة الدفاع، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن "المعونة مخصصة لشراء أسلحة ومعدات أمريكية فقط، ومصر تقوم كل عام بعد إقرار الميزانية الأمريكية بالتفاوض مع الجانب الأمريكي لشراء ما تحتاجه من أسلحة أمريكية على أن يخصم ثمنها من أموال المعونة العسكرية (1.3 مليار دولار) الموجودة في الخزانة الأمريكية".
وتابع أن "كل الأسلحة التى تشتريها مصر من خارج أمريكا تأتى من الميزانية المصرية فقط، وقرار شراء مصر أسلحة من روسيا هو قرار سيادي مصري لا دخل لترامب أو غيره به، كما أن مصر تقوم منذ سنوات بتنويع مصادر السلاح، حيث اشترت أسلحة من فرنسا وألمانيا وليس فقط روسيا".
وعن الأسباب وراء تصريحات الرئيس الأمريكي، رأى فرج أن "ترامب يريد وقف المعونة الأمريكية لمصر عقب تصديق الكونجرس عليها من أجل أن يضع الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن فى مشكلة مع مصر، التي ستأخذ موقفا لو المعونة توقفت فتتأزم العلاقات، خلافا للوضع خلال السنوات الماضية".
وتابع أن "أمريكا تعلم بشكل كامل أن مصر مفتاح المنطقة، والتوازن فى الشرق الأوسط يأتى من خلال مصر، وأي عمليات تتم لازم تكون بدعم من القاهرة، وبالتالى ترامب كان يريد وضع مشكلة لبايدن قبل أن يترك البيت الأبيض".
وأشار إلى أن "مصر مازالت تحتاج للمعونة الأمريكية، لكن دون أن تؤثر على سيادتها وحريتها في اتخاذ القرار، ومصر لم تهتز عندما أوقف الرئيس (السابق باراك أوباما) المعونة لمدة ثلاث سنوات، ثم جاء ترامب وقام بإرجاعها لمصر".
وأردف "لا اتوقع أن يقوم ترامب أو بايدن بإلغاء المعونة العسكرية لمصر، التي تمت الموافقة عليها هذا العام من قبل الكونجرس، ويتبقى تصديق ترامب عليها".
وشاطره الرأي الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مؤكدا أن المعونة تمثل "التزاما أمريكيا تجاه اتفاقية كامب ديفيد" للسلام بين مصر وإسرائيل.
وأكد فهمي لـ (شينخوا)، أنه "لا يمكن لأي رئيس أمريكي، سواء ديمقراطي أو جمهوري، وقف المعونة العسكرية لمصر، لأنه فى حال وقفها يصبح هناك انتهاك لمعاهدة السلام".
وأرجع فهمي تصريحات ترامب إلى عدة أسباب، هي "أولا: مصر رفضت موضوع المصالحة مع قطر وفقا للنهج الأمريكي.. ثانيا: مصر لها تحفظات على المشروع الأمريكي للسلام الذى سمي بصفقة القرن.. ثالثا: ترامب قام بتحريض مصر على ضرب سد النهضة والقاهرة رفضت".
وقال إن تصريحات ترامب لن تؤثر على العلاقات بين القاهرة وواشنطن في عهد بايدن، ولن تكون هناك أزمة بين البلدين.
أما الخبير العسكري العميد متقاعد سمير راغب فقد رأى أن تصريح ترامب عن المعونة العسكرية لمصر يأتي في إطار "المناكفة مع الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون".
وقال راغب، وهو رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، لـ (شينخوا) إن ما قاله ترامب عن شراء الجيش المصري أسلحة من روسيا بأموال المعونة عار من الصحة، لأن مصر ببساطة لا تحصل على أموال سائلة من المعونة، بل تشترى بها أسلحة وذخيرة أمريكية وتخصص جزءا منها للصيانة والتدريب.
وتوقع ألا يقوم ترامب بإلغاء المعونة العسكرية لمصر، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي "يرى أن مصر شريك يعتمد عليه، وتقوم بدور فى الحرب على الإرهاب، ولم يكن له تصريح سلبي عن مصر، لكن أداؤه بعد خسارة الانتخابات أصبح به شيء من الانفعال والتخبط".