التقارب في العلاقات بين إسرائيل وتركيا مرتبط بثلاثة اعتبارات

تركيا - اسرائيل
  • تحالفات إسرائيل الجديدة في الشرق الأوسط تحدد شكل العلاقات الإسرائيلية التركية

على غير العادة، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا أن بلاده تأمل ببناء علاقات أفضل مع إسرائيل بعد توتر في العلاقات بين البلدين استمر لعدة سنوات.

وكان أردوغان انتقد السياسية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ووصفها بأنها "غير مقبولة" و"خط أحمر" بالنسبة لأنقرة، إلا أنه عبر أن أمله بأن "تنتقل العلاقة بين البلدين إلى مستوى أفضل".

وبدأت العلاقات بالتوتر بين البلدين في عام 2009، بعد اتخاذ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مواقف متشددة ضد السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.

وفي عام 2010، وصلت العلاقات بين إسرائيل وتركيا إلى أعلى درجات التعقيد بعد مقتل 10 مواطنين أتراك على يد القوات البحرية الإسرائيلية على متن إحدى السفن في أسطول تركي كان يهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة.

وفي محاولة لرأب الصدع، تم توقيع اتفاقية مصالحة بين إسرائيل وتركيا في عام 2016، أعيد بموجبها السفراء، لإعادة الأمور بين الدولتين إلى الطريق الصحيح.

وفي عام 2018، اندلعت مواجهات دموية بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، بعد إعلان الإدارة الأمريكية اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ومنذ ذلك الوقت، تدهورت العلاقة مجددا بين الدولتين، وتم استدعاء السفراء مرة أخرى، ولم تتم إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ ذلك الحين.

وعلى الرغم من القطيعة بين إسرائيل وتركيا، إلا أن التجارة تواصلت بين البلدين، وصرح أردوغان يوم (الجمعة) الماضي بأن المحادثات على المستوى الاستخباراتي تم استئنافها بين الجانبين.

ويرى محللون سياسيون إسرائيليون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن التقارب في العلاقات بين إسرائيل وتركيا مرتبط بثلاثة اعتبارات وعلى رأسها التحالفات الجديدة التي عقدتها إسرائيل في الشرق الأوسط مؤخرا.

وقال المحلل السياسي الإسرائيلي تسيفي برئيل لوكالة أنباء ((شينخوا)) "الخريطة الجيوسياسية الجديدة تملي على إسرائيل ردا أكثر حذرا على تصريحات أردوغان".

وأضاف أن إسرائيل تجد نفسها في موقف يتعين عليها التشاور مع أصدقائها الجدد، وتنسيق المواقف معهم فيما يتعلق بالعلاقات مع تركيا ،وتوصلت إسرائيل إلى اتفاقات تطبيع مع أربع دول عربية منذ أغسطس الماضي وهي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

وعلى الرغم من انتقاد أردوغان للإمارات بعد توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، إلا أنه بدا أكثر تصالحية بشأن إقامة المغرب علاقات مع إسرائيل، حيث قال وزير الخارجية التركي أن لكل دولة الحق في إقامة علاقات دبلوماسية مع من تريد.

أما الاعتبار الثاني الذي سيحدد التقارب في العلاقات بين تركيا وإسرائيل هو عضوية الأخيرة في منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم كل من مصر والأردن وفلسطين واليونان وقبرص ومؤخرا الإمارات العربية المتحدة.

وقال برئيل إن إسرائيل ستجد نفسها مجبرة على اختبار محور الولاء، مضيفا أنه يمكن لمنتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط أن يحبط خطة تركيا لتصبح مركزا إقليميا لتسويق الغاز لأوروبا.

وتمر بتركيا أزمة اقتصادية عميقة منذ أكثر من عامين خاصة بعد العقوبات الأمريكية على بيع الأسلحة التركية بمكونات أمريكية، والقيود التجارية مع أوروبا التي إذا تمت الموافقة عليها في قمة الاتحاد الأوروبي في مارس المقبل قد تضر بالاقتصاد التركي.

وتجبر السياحة المحطمة وارتفاع الأسعار وتراجع الاستثمار الأجنبي وارتفاع معدلات البطالة ووباء كورونا تركيا على إيجاد مصادر تمويل إضافية وخاصة المستثمرين الذين يمكنهم توفير وظائف لملايين العاطلين عن العمل.

أما الاعتبار الثالث يتمثل في أن تركيا لديها تخوفات تماما كإسرائيل من الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن الذي يغير بالنسبة لتركيا موازين القوى ضدها.

وقال بايدن في مقابلة تليفزيونية في أغسطس 2020 أنه في حال أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فأنه سيدعم المعارضة التركية، مضيفا أنه يجب "إيجاد طريقة لعزل تحركات الأتراك في المنطقة وخاصة في شرق المتوسط".

وأرجع بايدن السبب في ذلك للتقارب الروسي التركي الذي يعتبره تهديدا كبيرا على الولايات المتحدة، وأيضا استمرار تجاهل تركيا للأكراد ومنعهم من المشاركة في الحياة السياسية.

وقال برئيل "عانت تركيا بالفعل من جرعة أولى من العقوبات من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي فرض قيودا على رؤساء هيئة الصناعة الدفاعية بالإضافة إلى استبعادها من برنامج بناء الطائرات أف - 35".

وأضاف "هذه العقوبات على الأرجح لن ترضي الكونجرس الأمريكي الذي اعتمد قانون العقوبات على تركيا، ولا الرئيس المنتخب بايدن الذي طمأن ناخبيه أنه سيعرف كيف يتعامل مع أردوغان مقارنة بترامب".

ومن جانبه، يرى المحلل السياسي الإسرائيلي إيال زيسر في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن على إسرائيل ألا تتجاهل الإجراء التركي الموسع"، مضيفا "بعد كل شيء العلاقات في الشرق الأوسط تقوم دائما على المصالح ومن الأفضل التحدث وحتى التعاون بشأن الصراع والعداء".

ونشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" الناطقة باللغة العبرية في وقت سابق من الشهر الجاري اقتراحا قدمه المقرب من أردوغان الأدميرال أميرال جيهات يايجي بحدود بحرية مع إسرائيل.

وصرح مستشار أردوغان للعلاقات الدولية هذا الأسبوع لإذاعة صوت أمريكا أنه "من المحتمل أن تعود العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين بحلول مارس"، مضيفا "إذا تقدمت إسرائيل خطوة نحونا، فسنقدم خطوتين نحوها وإذا رأينا ضوء أخضر سنعيد فتح السفارة ونعيد السفير".

ويقول زيسر "تركيا ليست عدوا لإسرائيل، أنها في منافسة معنا وهناك خصومات وتوترات بين البلدين، لكن ليس من الضروري أن تتطور إلى مواجهة مباشرة أمامية".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة (شينخوا)