مزارعون يتمكنون من دخول أراضيهم وزراعتها بالأغوار لأول مرة منذ 46 عاما من المنع

سهل قاعون

غمرت السعادة وجه المزارع زايد صوافطة بعد أن تمكن من دخول أرض آبائه وأجداده في سهل القاعون بالأغوار الشمالية في الضفة الغربية لأول مرة منذ 46 عاما من المنع الإسرائيلي.

وفرضت السلطات الإسرائيلية السيطرة على منطقة سهل القاعون بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، وأقامت لاحقا جدارا الكترونيا حولها في عام 1974 لمنع أصحابها من الوصول إليها.

وفي العام 2015 رفعت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية قضية في المحاكم الإسرائيلية لاسترداد الأرض، وبعد عامين تمكنت من الحصول على قرار نهائي بإرجاع الأرض.

ولم ينفذ القرار من ذلك الحين على أرض الواقع بسبب إقامة المستوطنين الإسرائيليين على المنطقة التي تبلغ مساحتها أكثر من ألف دونم زراعي.

ويقول صوافطة بينما تغرغرت عيناه بالدموع وصدحت حنجرته بصوت متقطع بالتكبيرات لوكالة أنباء ((شينخوا))، "شعوري لا يوصف بدخول الأرض الزراعية لأول مرة بعد حرمان 48 عاما جراء المنع الإسرائيلي".

ويضيف صوافطة (45 عاما) الذي يملك 22 دونما ورثها عن آبائه وأجداده ، أن السلطات الإسرائيلية "احتلت الأرض وصادرتها قبل ولادتي ولكننا نملك أوراق ثبوتية بأحقيتنا فيها وعدم التنازل عنها جيل بعد جيل".

ويتابع بينما اصطحب معه جراره الزراعي لمساعدته في حراثة الأرض وزراعتها بمحصول القمح كون الموسم الزراعي شارف على الانتهاء، "اليوم نحقق رغبة أهلنا بدخول الأرض وزراعتها وأن تبقى فلسطينية، مؤكدا على أن العمل سيتواصل بالأرض لأننا أصحابها الحقيقيين".

وإلى جانب صوافطة دخل عشرات المزارعين إلى أراضيهم التي يحيطها الجدار الحديدي والأسلاك الشائكة عبر بوابة الكترونية مصطحبين معهم 13 جرارا زراعيا من أجل إعادة استصلاحها.

وبدت الفرحة على وجه المزارع ضرار بعد تمكنه من دخول الأرض لأول مرة من عام 1974، متمنيا وجود "آبائه وأجداده ليعيشوا هذه اللحظة التاريخية التي ناضلوا من أجلها".

ويقول ضرار لـ ((شينخوا))، إن الجانب الإسرائيلي وافق على دخول "الأراضي اليوم بشكل مباشر عبر البوابة الألكترونية، لكن لاحقا سيتم إصدار تصاريح من أجل الدخول، مؤكدا رفضه القرار كون الأرض ملكية خاصة ومن حقنا الدخول عليها في أي وقت نشاء".

ويشير بينما اصطف عشرات الصبية على طول الجدار الحديدي، إلا أن الجانب الفلسطيني لم يسمح لنا بدخول أفراد العائلة لكنه وعد أن يتم ذلك بالمرات القادمة.

وقال مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس والأغوار معتز بشارات، إن السلطات الإسرائيلية منعت الفلسطينيين من دخول الأراضي البالغ مساحتها 1380 دونما الواقعة ضمن أراضي الضفة الغربية بعد أن سيطرت عليها منذ عام 1974".

واعتبر بشارات في تصريح لـ ((شينخوا))، أن دخول المزارعين إلى أراضيهم لأول مرة منذ 46 عاما "إنجاز تاريخي ونصر حقيقي على الاحتلال الإسرائيلي بعد توحد كافة الجهود الفلسطينية".

وأعلنت الهيئة العامة للشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية الليلة الماضية في بيان، إن دخول المزارعين إلى الأرض جاء بعد إصدار قرار بإخلائها من المستوطنين وإعادة الأراضي لأصحابها، لافتة إلى أن الدخول يجري بالتنسيق بينها ومجلس بردلة بالأغوار الشمالية ومحافظة طوباس والأغوار في السلطة.

وأشار البيان، إلى أن الهيئة اتفقت مع الجانب الإسرائيلي على فتح طريق وتأهيله بين قرية بردلة وسهل القاعون لاستعماله من قبل المزارعين، لافتا إلى أن العمل سيتم به قريبا.

من جهته قال توفيق جبارين المحامي المترافع بالقضية، إن السلطات الإسرائيلية بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967 أعلنت المنطقة عسكرية مغلقة بسبب قربها من الحدود مع أراضيها.

وذكر جبارين في لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية، أنه في عام 1974 منعت أصحاب الأرض الأصليين من دخولها ومع مرور الوقت بدأت بإدخال المستوطنين إليها وإقامة بؤر استيطانية.

وأضاف جبارين، أن الجانب الفلسطيني توجه في عام 2015 إلى المحكمة العليا الإسرائيلية بتقديم التماس يفيد بأن الأرض فلسطينية وما جرى سرقة لها، لافتا إلى أنه بعد عامين تم إصدار قرار نهائي بإرجاع الأرض للفلسطينيين.

وتابع، أن "عقبات حالت دون تنفيذ القرار في حينه ولكن بالنهاية تم دخول المزارعين، مشيرا إلى أن الخطوة القادمة تقديم التماس للمحكمة بهدم الجدار الذي يمنع المزارعين من دخول أراضيهم بحرية تامة والمطالبة بتعويضات عن أعوام الحرمان.

وأشار جبارين، إلى وجود العديد من القضايا التي يتم متابعتها في المحاكم الإسرائيلية بشأن "سيطرة السلطات الإسرائيلية على الأراضي الزراعية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية التي نأمل بالنجاح في إعادتها لأصحابها".

وتشكل منطقة الأغوار ربع مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها نحو 50 ألف فلسطيني، بما فيها مدينة أريحا، أي ما نسبته 2% من سكان الضفة، وتوصف بأنه السلة الغذائية للفلسطينيين حيث تشكل 50 في المائة من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة، وفيها ينتج 60 في المائة من إجمالي الخضروات.

وتسيطر إسرائيل على ما مساحته 87 في المائة من أراضي الأغوار الحدودية مع الأردن، وهي تنظر إليها كمحمية أمنية، وتقول إنها تريد أن تحتفظ بالمنطقة ضمن أي حل مع الفلسطينيين الذي يرفضون ذلك مطلقا.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله (شينخوا)