رغم تفشي جائحة كوفيد-19، تواصل الفتيات العربيات كفاحهن من أجل كسب الرزق واحتضان مستقبل أجمل وأكثر إشراقا.
فهناك ثلاث شابات فلسطينيات يعملن بكل جد واجتهاد ويغلب عليهن التعب والإرهاق وهن يقمن بنثر حبوب البازلاء داخل أرض زراعية قمن باستئجارها جنوب قطاع غزة بمحاذاة السياج الفاصل مع إسرائيل.
وجاءت تجربة خوض الشابات الفلسطينيات للعمل في الزراعة في خروج عن المألوف لأمثالهن في غزة بعد فشلهن في الحصول على فرصة عمل حكومية أو في مؤسسات بعد مرور أشهر على تخرجهن من الجامعات.
فقد تخرجت أسيل النجار (26 عاما) في كلية التعليم الأساسي، فيما تخرجت غيداء قديح (24 عاما) في تخصص تجارة إنجليزي، وندين أبو روك (23 عاما) في تخصص علوم مالية ومصرفية.
وتبلغ مساحة الأرض التي استأجرتها الشابات الثلاث لتنفيذ مشروعهن 3 دونمات ويقمن بزراعتها بمحصول البازلاء، وهي لا تبعد سوى 500 متر فقط عن السياج الفاصل شرق خان يونس، وهو ما يقلل تكلفة الإيجار سنويا.
وذكرت أسيل النجار في حديثها لوكالة أنباء ((شينخوا))، وهي تقوم بغرس البذور في الأرض، أن العمل في مجال الزراعة جاء بعد استنفادها كافة الخيارات للحصول على وظيفة تعود عليها بدخل مادي.
وأوضحت والإعياء يغلب على وجهها بفعل العمل تحت أشعة الشمس لساعات طويلة، أن "كافة السبل تقطعت بنا من أجل إيجاد فرصة عمل دائمة أو مؤقتة للإنفاق على أنفسنا ومساعدة عوائلنا في مصاريف الحياة الصعبة".
ورأت أن كل بداية صعبة خاصة في قطاع غزة الذي يعيش ظروفا استثنائية عن أي مكان في العالم، معربة عن أملها أن ينجح المشروع ويعود بالنفع المالي عليها وعلى صديقاتها.
وأشارت صديقة النجار الشابة غيداء قديح إلى أنها كانت تحلم بمهنة تجلسها على مكتب بعد عناء 4 أعوام من الدراسة الجامعية، وأكدت أن عمل الفتاة في الزراعة ليس بالأمر الهين عليهن وعلى عائلاتهن.
لكنها شددت قائلة "رغم التعب والإرهاق الجسدي نتيجة ساعات العمل الطويلة داخل الأرض، إلا أنه تنتابنا فرحة وراحة نفسية بعد أن أرهقتنا أشهر طويلة من البحث عن فرصة عمل".
وتطلعت قديح من المؤسسات الزراعية العاملة في القطاع لدعم مشروعهن ومساعدتهن في كافة احتياجهن، داعية الخريجين الشباب العاطلين عن العمل في غزة إلى البحث في مجالات عمل خارج التخصص من أجل تأمين مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم.
كما أملت الشابات الثلاث في أن يكون مشروعهن منصة لإيجاد فرص عمل مماثلة لنظرائهن لاسيما في المناطق السكنية النائية التي تعاني من تهميش حكومي وأهلي.
وبالإضافة إلى ذلك، وأيضا في فلسطين، هنالك بعض الشابات يعرضن هوايتهن في رياضة خاصة تلقى ترحيبا في العالم.
فالشابة كيت خير (22 عاما) من مدينة بيت ساحور في محافظة بيت لحم، أدت حركات رياضة الباركور في أزقة البلدة القديمة من المدينة إلى جانب رفيقاتها في فريق متخصص، متحدية العوائق والنظرة العامة لمثل هذا النشاط.
وأكدت الطالبة الجامعية كيت خير لـ((شينخوا)) أن من حق الفتيات ممارسة الرياضة بحرية كاملة ودون أية حواجز، خاصة أن هذا الفريق هو الأول من نوعه المتخصص في رياضة الباركور ويضم شبانا وفتيات.
وتقوم رياضة الباركور على مجموعة من حركات الوثب للانتقال بين عدة نقاط بأكبر قدر ممكن من السرعة والسلاسة اعتمادا على استخدام القدرات البدنية.
وقالت كيت خير وهي تتخطى بمهارة مجموعة الحواجز الحديدية، إن الباركور تعتبر رياضة تخطي الحواجز والمعيقات من خلال المهارات التي يتدربن عليها في الفريق.
وأضافت أن "هذا النوع من الرياضة يعطي مرونة كبيرة للجسم، والمساحة الكافية لأن تشعر الفتاة بحريتها في ممارسة هواياتها دون النظر إلى الحواجز المجتمعية أو النظرة السلبية ضدها".
ورغم انعدام الإمكانيات وعدم توفر بيئة آمنة لممارسة رياضة الباركور في الضفة الغربية، فإن الإصرار وحب المغامرة يمثلان دافعا رئيسيا للفريق الشبابي للانخراط في مزيد من التدريبات.
وتهدف الفتيات المشاركات في فريق رياضة الباركور إلى كسر النظرة المجتمعية بأن هذه الرياضة الحديثة على المجتمع الفلسطيني تقتصر فقط على الشبان.
وأشارت كيت خير إلى أن الفريق، الذي يضم حاليا 20 شابا وفتاة، اختار مواقع التدريب المناسبة بحيث شملت وجود حواجز حديدية لتخطيها مثل البلدة القديمة في بيت ساحور أو بيت لحم وكذلك بعض النوادي في مخيم الدهيشة للاجئين.
وفي سوريا، تسعى السيدة فايزة فيصل إلى إحياء وإعادة السحر لصناعة تقليدية في بلادها.
فبحب وشغف شديدين، تسعى الشابة السورية فايزة فيصل (45 عاما) من بلدة شقا بريف السويداء الشمالي الشرقي لإحياء مهنة تراثية تقليدية، ورثتها عن أجدادها، لتقدمها للأجيال الشابة بأساليب تقليدية تحمل عبق الماضي، وتروي من خلالها حياة الأجداد في تلك الفترة من الزمن.
وتعد صناعة القش من المهن التراثية المزدهرة سابقا في عموم المحافظات السورية، وفي محافظة السويداء (جنوب سوريا) خصوصا، وكانت إلى زمن ليس ببعيد موجودة ومتألقة، ولا يكاد يخلو منزل في المحافظة من تلك الأدوات المصنوعة من القش، لتتحول بعد فترة من الوقت إلى تحف توضع في المنازل كتذكار تراثي من ذلك الزمن الجميل.
وصناعة القش، مثلها مثل باقي الصناعات اليدوية التقليدية التراثية في سوريا، باتت مهددة بالانقراض مع تطور الصناعة ودخول الآلات الحديثة التي صارت تغمر الأسواق بالكثير من الصناعات والأدوات التي يحتاجها الناس لتخرج تلك المهن اليدوية رويدا رويدا من الأسواق، وأصبحت مهنة تراثية نادرة الوجود لا يعرفها إلا من عاصرها وعرف قيمتها الحقيقية وحجم الجهد الذي يُبذل لإنجاز قطعة واحدة منها.
وروت الشابة السورية فايزة فيصل التي تمتهن مهنة صناعة القش التراثية، بكثير من الحب، عن شغفها بهذه المهنة التي ورثتها عن أمها التي كانت تصنع أطباقا من القش للاستخدام المنزلي لعدم توفر البديل في ذلك الوقت، وبأدوات من البيئة التي تعيش فيها.
وأوضحت أنها ستقوم بتعليم ابنتها صناعة القش لأنها مهنة الأجداد، وستبقى متمسكة بها، داعية في نفس الوقت الأجيال القادمة إلى إحياء تلك المهنة التراثية من خلال إقامة المعارض المتكررة لتعريفهم بها.
ومن هنا يتبين أن هؤلاء الشابات العربيات يؤمن بأن الاجتهاد في العمل يمثل الطريق الرئيسي لتغيير معيشتهن وحياتهن.