بساق واحدة، يؤدي الشاب الفلسطيني محمد عليوة، رياضة "الباركور" الهوائية (القفز الحر)، بمدينة غزة، وسط إحاطته بأطفال يتابعونه بـإعجاب.
يقفز عليوة (18 عاما)، بسرعة فائقة، من حجر اسمنتي مرتفع إلى آخر يبعد عنه مسافة تزيد عن المتر الواحد. في ساحة "الكتيبة" غربي المدينة.
عليوة فقد ساقه اليُمنى، في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، جراء إصابته برصاص إسرائيلي، خلال مشاركته بمسيرة العودة وكسر الحصار الحدودية (انطلقت نهاية مارس/ آذار من ذات العام).
وبدأ الشاب الفلسطيني، ممارسة هذه الرياضة، كتحد لظروفه الجديدة، بعد مرور عام على إصابته.
وكان عليوة، في الفترة التي سبقت إصابته، يمارس أنواع مختلفة من الرياضات، بينها كرة القدم، والسلة والطائرة، حيث داوم على ممارستها بعد إعاقته.
و"الباركور" مجموعة حركات، الهدف منها الانتقال بين نقطتين، تفصلهما حواجز وعوائق متفاوتة في صعوبتها، وذلك بأكبر قدر ممكن من السرعة والسلاسة، ويعرف لاعب الباركور بـ "الترايسوور".
وظهرت هذه الرياضة أول مرة في فرنسا عام 2002، قبل أن تنتشر بمختلف دول العالم، حيث تمارس في مختلف الأبنية والجدران وأسطح المنازل.
- ألم وإحباط
وفي حديث للأناضول، قال عليوة، إن مشاهدته لشبان يمارسون "الباركور" بالمناطق العامة والمفتوحة، وأدائهم لحركات بهلوانية وقفز خطير، حفزه لبدء ممارسة هذه الرياضة.
وأضاف: "في البداية كنت أنظر إليهم بألم وحسرة معتقدا أنني لن أكون قادرا على ممارسة الباركور (...) حيث كان من الصعب تقبل فكرة أنني بساق واحدة، لقد عشت ظروفا نفسية قاسية ومعقدة".
لكن الشاب الفلسطيني حاول، على حد قوله، التغلب على حالة "الإحباط التي عاشها خلال تلك المرحلة، بوضع فتر زمنية تتوج بنجاحه في ممارسة الباركور".
- تحدي الإعاقة
بدأ عليوة، تدريباته عبر الالتحاق بنادٍ رياضي للباركور والجمباز، في منطقة سكنه، بحي "الشجاعية"، شرق مدينة غزة.
فيما كان يكرر هذه التدريبات، بشكل يومي، بساق واحدة وبدون استخدام طرفه الاصطناعي، في ساحة "الكتيبة"، أمام المارة.
وأفاد قائلا: "الاحتلال حاول قتل الروح بداخلي، لكنه فشل في ذلك، واستعدت عافيتي، وبدأت أمارس عددا من الرياضات المختلفة".
وحظي عليوة، بتشجيع الأشخاص المحيطين به، للاستمرار بممارسة هذه الرياضة، ما أضاف دافعا لديه لتطوير مهاراته وقدراته.
وبجانب "الباركور"، يمارس الشاب الفلسطيني رياضات كرة القدم، والسلة، والطائرة، كما التحق مؤخرا بفريق لرقص "الدبكة" الشعبية، خاص بذوي الإعاقة.
ووفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي) لعام 2019، يبلغ عدد الأفراد ذوي الإعاقة في فلسطين نحو 93 ألفا، حيث يشكلون 2.1 بالمائة من مجمل السكان.
فيما يبلغ عدد ذوي الإعاقة في غزة، نحو 48 ألف شخص، أي ما يشكل 2.4 بالمئة من سكان القطاع، أكثر من خمس هؤلاء من الأطفال، وفق ذات المعطيات.
وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، إن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة و"الإهمال" من قبل سلطات حركة "حماس" (تدير القطاع)، بجعلان حياة ذوي الإعاقة في القطاع "صعبة للغاية".
وأوضحت المنظمة في تقرير، أن "تلك الأسباب تعرقل بشكل ملحوظ الحياة اليومية لعشرات الآلاف من الفلسطينيين ذوي الإعاقة".