بسم الله الرحمن الرحيم
- بقلم د حسين موسى اليمني
02.01.2021
إن من أعظم نعم الله عز وجل علينا هي اللسان فباللسان تتواصل البشرية , وباللسان نذكر الله عز وجل وبه يتعبد العابدون , ويتقربون الى الله عز وجل, ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
وكما للسان عبادة، فله زنا، عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّه كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ»، رواه البخاري ومسلم.
إن بعض أنواع زنا اللسان ما يهوي بصاحبه سبعين خريفاً في النار ,َعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : إنّ العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا) رواه الترمذي وحسنه، وفي معناه حديث رواه البخاري ومسلم.. متفقٌ عليهِ.
والبعض الآخر كُفرٌ بواح وهو سب الذات الإلهية , حيث أجمع الأئمة أن الساب للذات الالهية كافر حتى وإن أمن بالقرآن . يقول تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً [الأحزاب,57]
إن الهدف الرئيسي لهذا المقال هو الطريقة العلمية التي يجب أن يتخلص بها التائب والمنيب والعائد الى الله عز وجل من سب الذات الالهية , سائل المولى مالك الملك ذو الجلال والاكرام أن يهدي شباب المسلمين الى الخير والتقى .
إن أحداثاً عظيمة حصلت في الآونة الاخيرة ومنها أن شباباً كانوا في خط الدفاع الاول يدافعون عن أرضهم وأموالهم , والدفاع عن الأرض , والمال هو جهاد في سبيل الله , وكان دفاعهم شريفاً عفيفاً مليئاً بالرجولة والاقدام , إلا أن أحدهم في صراعه مع المستعمر سب الذات الالهية , أكثر من مرة وما أن مضت دقيقة واحدة حتى أصيب بطلق ناري في رأسه أدى الى شلل رباعي لديه , حمدت الله انه لم يمت حتى يكون أمامه وقت يعود فيه الى الله ويتوب اليه توبةً نصوحة , هؤلاء الشباب وشجاعتهم ينقصها منا الارشاد والتوجيه , وكل من هم على شاكلتهم أن نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر وأن نعظم الله عز وجل ونعيش لله فقط لا لغيره يقول الله عز وجل قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) الأنعام.
وفي حادثة أخرى خلافات ومشاحنات تسود فيها الفاظ السب للذات الإلهية وتنتهي بقتل وسفك للدم والله أعلم من الذي سب الذات الالهية!! أهل هو القاتل او المقتول !!!!! , فلنا العبرة من ذلك كله, وأن نسعى الى لقاء ربنا على لا اله إلا الله محمد رسول الله , وليس على السب والقذف أو حتى الخروج من الملة بسب الذات الالهية .
هناك الكثير من الناس ربما يكون قد تاب وعاد الى الله ولكن يتفاجأ في لحظات العصبية أنه يتلفظ بألفاظ بذيئة وسيئة او سب الذات الالهية , رغم أنه لم يتعمدها والسبب الرئيسي في ذلك هو البرمجة اللغوية العصبية للإنسان , والبرمجة العصبية هي عبارة عن مجموعة طرق وأساليب تعتمد على مبادئ حسية و لغوية و إدراكية .
هؤلاء الاشخاص الذين اعتادوا على سب الذات الالهية حتى يخرجوا من هذا الاطار ويتحولوا للأفضل فهم بحاجة الى إجراء برمجة لغوية عصبية وذلك من خلال برمجة بعض أعمال العقل الباطن , لأن نسبة كبيرة منهم يشعرون بالضيق والندم مما صدر منهم , وعملية التحكم بالعقل الباطن وبرمجته هي عبارة عن ممارسات لا بد أن يقوم بها أي شخص يريد أن يغير من لفظه وأسلوبه سواء في حال الفرح أو الغضب .
أما العقل الباطن فهو العقل الا شعوري والا إرادي كشعور الانسان بالجوع والشبع والالم والنعاس او تكرار الالفاظ في أوقات وظروف معينة , أو أعمال وسلوكيات رسحت من كثرة تكرارها ....الخ
علاوة على ذلك إن الساب للذات الالهية ربما يكون بالفعل لا شعوريا مرتبط بالعادة المتكررة لذلك , أو ربما يكون متعمداً مع سبق الاصرار والترصد ليظهر فيه قوته وجبروته أو ليظهر أنه قد وصل الى أعلى درجات العصبية والغضب , مستخدماً ذلك لفرض سيادتهِ على الموقف.
طريقة العلاج بإذن الله ستُخلص الحالات المختلفة سواءً كانت سب الذات الاهية , أو ألفاظ بذيئة لا بد من التخلص منها أو عادات سيئة يقوم بها الانسان , ويتم ذلك بعدة خطوات .
أولا – التوبة , أن يتوب الانسان لله عز وجل والتائب من الذنب كمن لا ذنب له
ثانياً - النية , حيث لا بد أن تتوفر النية للتخلص من هذا الامر أو أي عادة سيئة يريد الانسان التخلص منها .
ثالثاُ - الاخلاص وهنا الاخلاص لا بد أن يكون لله عز وجل , لأنه هو المعين , وأمره بين الكاف والنون , والأجر والحساب والعقاب عنده وحده , وليس خجلا أو خوفاً من الناس.
رابعاُ- توفير الخلوة , كن مع ذاتك أغلق على نفسك الباب او اخرج الى الخلاء
خامساُ – اختيار الكلمات البديلة , أو السلوك البديل , أي أن تحتار بدل الكلمة السيئة التي تتلفظ بها كلمة أخرى يجب أن تحل محلها في حال الغضب أو النقاش , أو العادة الجديدة .
مثل اختيار كلمة : استغفر الله , سبحان الله , لا حول ولا قوة إلا بالله ... الخ
ومن الامثلة على العادة , عادة وضع الاصبع في الانف او الفم .
سادساُ - هنا تبقى الخطوة الاخيرة وهي البرمجة اللغوية العصبية لهذه الكلمة الجديدة بدل الكلمة السابقة وتبدأ بمرحلة التطبيق , أو السلوك الجديد كما ذكر سابقاً
عملية التطبيق تكون سهلة للغاية , عندما تكون في خلوة مع نفسك أشعر أنك وصلت الى درجة الغليان درجة الغضب , ابتكر لنفسك موقف أو تذكر موقفاً ما , وتكلم بصوت عالي واغضب , وبدل أن تستخدم الكلمات السيئة استخدم استعفر الله , أعد الكرة مراراً وتكراراً
اغضب واستخدم استغفر الله لا اله الا الله , طبق هذه الحالة مع اكثر الناس قرباً اليك , اشعر أنك تختلف معه واغضب عليه واستخدم اثناء الغضب الكلمات الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء , وكرر هذا الامر بمقدار عشر دقائق في كل يوم لمدة اسبوعين , وستجد إن شاء الله الفرق الكبير , وفي حال السلوك السيء اجعل السلوك البديل يطفو عليه كعادة التسبيح في اليدين بدل اللعب في الانف
وهنا ستجد أنك أصبحت لا تتلفظ إلا بالكلمات الطيبة , حتى لو خرجت عن طورك لن تخرج إلا الكمات الطيبة , واذا جاءك ملك الموت سهل عليك أن تقول لا اله الا الله محمد رسول الله , لأن الله سيثبتك في تلك اللحظة بناء على كلامك الطيب وسيعينك على قول لا اله الا الله , فالله عز وجل يقول في سورة ابراهيم {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ* يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ* (إبراهيم 24-27)
والله من وراء القصد
وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت