- د. طلال الشريف
تهافت عربي اسلامي فلسطيني، كُلٌ، بوصلته الحكم، بصنفين لا ثالث لهما، إما لتمكين حاكم اسلامي جديد، أو، استمرار لحاكم رجعي قديم ..
المنطقة في سياق ترتيب جديد قديم يكشف عار السياسة والسياسيين في شرقنا الأوسط.
التحولات السريعة أو المتسارعة في المنطقة ليست وليدة اللحظة فهي مآل حتمي لمرحلة تحضير طويلة تظهر نتائجها الآن.
هذا التسارع هو النتيجة، وليس السبب، فالأسباب كثيرة، لكن، منطلقها، أو، منطقها، واحد، هو دفع الإسلاميين بشقيهم الشيعي والسني لتوتير المنطقة، لأخذ مكانتهم، أو، حصتهم من حجر ما يسمى الحكام الوطنيين، أو الرجعيين أو الثوريين الصوريين الذين تربعوا على عرش السياسة في المنطقة في النصف الثاني من القرن الماضي، أي، يمكن تحديدها في الفترة من ١٩٥٠ حتى سنة ٢٠٠٠، وأما العقدين الماضيين من سنة ٢٠٠٠ وحتى سنة ٢٠٢٠ فكانت هي مرحلة الخلط، ومحاولة إيجاد حصة للإسلاميين في الحكم، والأنظمة في المنطقة، والتي جاءت نتائجها للواجهة سريعة مع الأيام الأولى لسنة ٢٠٢١ الآنية بأخبار انتخابات فلسطين،.
التهافت على إسرائيل وكأنها الفجوة الرقمية للمشاهد والمتابع، ما إن بدأ علماء الرقميات في الحصول على نتائج بحوثهم الأولية التي سعوا إليها في بدايات التقنية الرقمية، حتى، فوجئوا، بتدفق ملايين الإنجازات الرقمية المتطورة، التي لم يعرفوها، ولم يتوقعوها، ولم يسعوا إليها أصلا، حين انفجرت تلك الثورة، أو، الفجوة الرقمية، أو كما يقول المثل القديم "كرت السبحة" أو ، انفرط عقدها. .. العرب المسلمون والإسلاميون بشقيهم والفلسطينيون يتحركون بعيدا عن فلسطين قريبا من السلطة والحكم.
هذا ما يحدث من نتائج الآن في الشرق الأوسط، وهو فعل حصري منظم أو متتابع التراكم بني على قاعدة واحدة متعددة الوجوه لكنه في الأصل واحد، سواء فسرناه تحولات اجتماعية سياسية طبيعية، أو، أفكار وخطط دفعت أمريكا والغرب في اتجاهها لتغيير المنطقة فالنتيجة واحدة، بأنه قد حدث التغيير، وهذه هي نتائجه التي نراها في بدايات ٢٠٢١ ، فلا تستغربوا، فنحن مجبرون على المتابعة للفجوة الإسرائيلية المتفجرة في المنطقة، أو الثورة العلمية الإسرائيلية، إذا جازت مقارنتها بالثورة الرقمية العلمية كمصطلح، بعيدا عن مواقفنا، رضينا أم لم نرضَ، فهذا لن يؤثر في النتائج الآن، لأننا الآن نواجه نتاجاً، ولا نعالج سبباً.
لفترة طويلة كان الشرق أوسطيون عربا ومسلمين ينامون ليلهم الطويل حالمين بالسلطة والظفر بالحكم وتمكين سيطرتهم على شعوبهم كما العصور الوسطى في عصر تطور العلم والرقي الإنساني والثورة الرقمية المعاصرة، فماذا يفيد فهمهم الآن بما جرى ويجري؟
العرب يطبعون خوفا على حكمهم، والمسلمون يطبعون طمعا في تمكينهم من السلطة والحكم، والفلسطينيون رجعيون وظلاميون يدعون كذبا، أو، جهلاً، بأنهم ضد التطبيع، فبوصلتهم السلطة والحكم، فهم كالعرب وكالإسلاميين، أو هم جزء منهم، وما ينطبق على الكل ينطبق على الجزء، فهي نفس الثقافة، وما يجري عند العرب والمسلمين ينطبق على الفلسطينيين، بوصلة الجميع الآن هي السلطة والحكم سواء أحزاب أو أشخاص، أو مؤسسات اجتماعية أو دينية، هذا لو كان لدينا أصلا مؤسسات حقيقية وليست بالتسمية.
بعد أن كانت بوصلاتهم تحرير فلسطين، ولأن فلسطين قد ضاعت أو أضاعوها، فديدن الجميع في المنطقة الآن، هي سدة الحكم، فهل كانت الحصة المطلوبة للإسلاميين بشقيهم في الحكم مقابل ضياع فلسطين؟
إنه انتصار الثورة العلمية الإسرائيلية على الجهل العربي والإسلامي المتنافر والمتصارع على السلطة ..
هذا ما حدث، وكما قلنا، سواء كان هذا حدث طبيعي في تطور بني آدمين المنطقة، أو مخطط غربي أمريكي لتغيير المنطقة فلم تعد تفرق، لأننا أمام النتائج، وليس لبحث الأسباب، والواقع أقوى من كل التبريرات والنظريات.
الحصة الإسلامية المطلوبة في الحكم والسلطة بدأت بشرارة الخميني الأولى في إيران وامتدت لاحتلال العراق وجماعات السنة والشيعة وداعش وزحفت لتونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن ولبنان وتمكين أردوغان في تركيا، وأيضاً شرارة البدء الثانية كانت في فلسطين بعد إيران لبدء الربيع الإسلامي وليس كما أطلق عليه الربيع العربي الذي انكسر فيه منحنى الصعود الجارف للاسلاميين بثورة أهل مصر التي أوقفت تلك الحالة الاسلاموية الجارفة حين خرجت عن السيطرة لتعود المنطقة للتحصيص وإطعام اللقم، كل بحصته.
الآن تقصقص أجنحة الخارجين عن السيطرة من العثمانيين وجاري تدجين الفرس منذ زمن طويل وتقصير ثوب حزب الله في لبنان، وحماس الاخوان، لنكتشف النتيجة من كل ذلك أن الجميع كان ومازال يتصارع على الحكم والسلطة لتضيع فلسطين .. وضاعت فلسطين..
الباقي بعد ذلك، هو ما نراه الآن من عبث يسمى عقلانية المصالحات وإجراء الانتخابات وضمانات تقاسم السلطة واللقم في فلسطين الضائعة .. لقم اللي تنيلكو وتقف في زوركو بلا استثناء شرق أوسط بجم وعلى راسكو إحنا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت