قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الإثنين، إن تسوية القضية الفلسطينية ستغير من واقع وحال المنطقة بأسرها إلى الأفضل.
وأشار السيسي، خلال استقباله وزراء خارجية الرباعية الدولية "مجموعة ميونيخ"، إلى أن هذا التقدير ينبع من الواقع الذي عايشته مصر خلال تجربتها الرائدة بالمنطقة باختيار مسار السلام وممارسته فعليا على مدار أكثر من أربعة عقود.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، إن الرئيس السيسي اطلع خلال استقباله اليوم وزراء خارجية الرباعية الدولية "مجموعة ميونيخ"، المعنية بدعم مسار عملية السلام في الشرق الأوسط، بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، على آخر مستجدات المجموعة لإعادة تنشيط المسار التفاوضي للقضية الفلسطينية في ضوء انعقاد اجتماعها الحالي بالقاهرة.
وتضم المجموعة كلا من: نائب رئيس الوزراء، ووزير الخارجية وشئون المغتربين بالمملكة الأردنية الهاشمية أيمن الصفدي، ووزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، ووزير خارجية ألمانيا هايكو ماس.
وأشاد السيسي بالتنسيق الرباعي المصري- الأردني- الفرنسي- الألماني، الذي يهدف لكسر الجمود الحالي في مفاوضات عملية السلام، حيث أكد أهمية التحرك في الوقت الراهن لإعادة طرح ملف عملية السلام على الساحة السياسية الدولية، مع مراعاة آخر التطورات السياسية على المستويين الدولي والإقليمي، وأخذا في الاعتبار عضوية المجموعة التي تضم الدولتين العربيتين الأقرب إلى القضية الفلسطينية إلى جانب كبرى دول الاتحاد الأوروبي.
كما أكد استمرار مصر في جهودها الدؤوبة تجاه القضية الفلسطينية، باعتبارها إحدى ثوابت السياسة المصرية وجوهر قضايا الشرق الأوسط، وذلك سعيا لاستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وفق مرجعيات الشرعية الدولية.
من جانبهم، أعرب وزراء خارجية الأردن وفرنسا وألمانيا عن تقديرهم لجهود مصر الحثيثة ومساعيها المقدرة في دعم القضية الفلسطينية، مع الإشادة بدورها التاريخي في هذا الصدد وما يتميز به من ثبات واستمرارية بهدف التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، فضلاً عن الجهود المصرية لتثبيت الهدوء في قطاع غزة وتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية والاقتصادية بالقطاع، إلى جانب جهودها لإتمام عملية المصالحة وتحقيق التوافق السياسي بين جميع القوى والفصائل الفلسطينية.
وأكدوا أهمية الحفاظ على دورية انعقاد اجتماعات "مجموعة ميونيخ" بهدف العمل على تحريك جهود السلام في المنطقة، وحلحلة الجمود الحالي الذي تشهده القضية الفلسطينية، وصولا إلى تسوية سياسية عادلة وشاملة.
واجتمع وزراء خارجية كل من مصر وفرنسا وألمانيا والأردن في القاهرة يوم الاثنين، لمواصلة التنسيق والتشاور بشأن سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط نحو سلام عادل وشامل ودائم.
وناقش الوزراء اتصالاتهم الأخيرة مع وزيريّ الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطيني رياض المالكي، ونظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، وما تضمنته من وجهة نظر كل طرف. وأُحيط الوزراء علماً بالرسالة التي وجهها الوزير المالكي إلى مضيف الاجتماع الوزير سامح شكري.
وقد رحب الوزراء بالاجتماع لما يُمثله من فرصة لمناقشة الخطوات الممكنة لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط، وخلق بيئة مواتية لاستئناف الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وناشدوا كلا الطرفين من أجل تعميق التعاون والحوار بينهما على أساس الالتزامات المتبادلة، وأيضًا في ضوء جائحة كوفيد 19، وفي هذا الصدد، رحبوا بقرار السلطة الفلسطينية استئناف التعاون القائم على التزام إسرائيل بالاتفاقيات الثنائية السابقة.
وبالإشارة إلى المبادئ الواردة في بيانهم المشترك الصادر في 24 سبتمبر 2020 بمناسبة اجتماعهم في عمّان، فقد أكد وزراء الخارجية في بيان لهم عقب اجتماعهم اليوم بالقاهرة، التزامهم التام بدعم جميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط وفقًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، والمحددات المُتفق عليها، على النحو المشار إليه في مبادرة السلام العربية.
كما شددوا على أن تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين هو مطلب لا غنى عنه لتحقيق سلام شامل في المنطقة، وأكدوا كذلك التزامهم بحل الدولتين القائم على ضمان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على أساس خطوط الرابع من يونيو 1967 وقرارات مجلس الأمن الدولي والتي من شأنها أن تُفضي إلى العيش إلى جانب إسرائيل آمنة ومعترف بها.
وأكد الوزراء على دور الولايات المتحدة في هذا السياق، وأعربوا عن استعدادهم للعمل مع الولايات المتحدة من أجل تيسير المفاوضات التي تؤدي إلى سلام شامل وعادل ودائم في المنطقة، على أساس المحددات المعترف بها دوليًا، ومن أجل إعادة إطلاق عملية سلام ذات مصداقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ودعا الوزراء الأطراف إلى الامتناع عن أي إجراءات أحادية الجانب تقوض من مستقبل التوصل إلى حل عادل ودائم للصراع. وجددوا في هذا الصدد الدعوة إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي بهدف الوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية بما في ذلك بالقدس الشرقية، واتفقوا أيضًا على أن بناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة المباني والممتلكات الفلسطينية يُعد انتهاكًا للقانون الدولي يقوض من إمكانية حل الدولتين. وشددوا كذلك على أهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.
كما شدّد الوزراء على ضرورة الحفاظ على تكوين وطابع ووضعية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وأشاروا إلى أهمية التمسك بالوضع التاريخي والقانوني القائم للأماكن المقدسة في القدس، وأكدوا في هذا الشأن على أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة في القدس. كما وأكدوا على أهمية أن تُسهم اتفاقات السلام بين الدول العربية وإسرائيل، بما في ذلك الاتفاقات الموقعة مؤخرًا، في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين وبما يُحقق السلام الشامل والدائم.
وحثّ الوزراء جميع الأطراف، بما فيهم اللجنة الرباعية الدولية وشركاؤها المُحتملون، على بذل جهود جماعية، واتخاذ خطوات عملية لإطلاق ورعاية مفاوضات ذات مصداقية حول جميع قضايا الوضع النهائي في عملية السلام في الشرق الأوسط.
ورحبوا بالتطورات الأخيرة ذات الصلة بجهود تحقيق المصالحة الفلسطينية، ورحبوا باستعداد السلطة الفلسطينية لإجراء الانتخابات المقبلة، كما تعهد الوزراء بدعم جهود مصر في هذا الصدد والرامية لإنهاء الانقسام بين الفلسطينيين.
وأعرب الوزراء عن تقديرهم البالغ لدور الأونروا الذي لا غنى عنه في تقديم المساعدة الإنسانية والخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين. وناشدوا المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته تجاه الأونروا، ومن ثّم مساعدة الوكالة في تخطي العجز المالي الحاد الذي تُعاني منه حاليًا.
كما اتفق الوزراء على ضرورة متابعة رصد التطورات ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ودعوا إلى الاستئناف الفوري للمحادثات فضلاً عن خلق آفاق سياسية وتجديد الأمل من خلال حوار ذي مصداقية بهدف استئناف مفاوضات مباشرة جادة وهادفة وفاعلة بين الطرفين.
وفي ختام الاجتماع، اتفق الوزراء على التواصل مع الفلسطينيين والإسرائيليين لنقل رؤيتهم المشتركة حول العمل قُدمًا تجاه السلام.
وتوجّه الوزراء بالشكر إلى مصر على جهودها في تنظيم الاجتماع، وقرروا عقد الاجتماع المُقبل في فرنسا.
وفي وقت لاحق عقب الاجتماع، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزراء خارجية كلا من الأردن وألمانيا وفرنسا بقصر التحرير بالقاهرة إن مصر تتطلع للعمل مع الشركاء الدوليين لإحراز تقدم يتجاوز مرحلة الجمود التي مرت بها عملية السلام، مرحبا بأي جهد يهدف لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وقال إن مصر تدرك المسئولية الملقاة على عاتق الرباعية الدولية لإطلاق المفاوضات، كما تدرك مصر دور الولايات المتحدة لإيجاد حل للقضية الفلسطينية.
ونوه شكري بلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، بوزراء خارجية الأردن وفرنسا وألمانيا، موضحا إن الرئيس حرص على لقاء الوزراء من منطلق حرصه على دفع جهود العملية السلمية وحل القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أهمية التوصل لحل دائم وشامل للقضية الفلسطينية الأمر الذى من شأنه أن يطلق الفرص أمام شعوب المنطقة للاستفادة الكاملة من السلام والاستقرار في تحقيق تطلعاتهم المشروعة والعمل على الارتقاء بشعوبهم وتحقيق اماله.
وقال، إن الاجتماع يهدف لإيجاد رؤية مشتركة لتفعيل عملية السلام في الشرق الاوسط، مؤكدا أن الجهود تهدف لتفعيل الحل السلمي وتم وضع تصور مشترك للعمل المشترك ووضع اطار للعمل خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى الاتصالات التي جرت بين وزيري خارجية فلسطين وإسرائيل ودعوة كلا الطرفين لاتخاذ إجراءات الثقة والابتعاد عن الإجراءات التي تقوض فرص السلام.
وأكد شكري، على ضرورة الالتزام بمقررات الشرعية الدولية، مشيرا إلى أن هذه المرجعيات ستكون أساسية للتوصل لأي حل يتسق مع رؤية المجتمع الدولي، كما أوضح أن مصر تتطلع لتكريس التواصل مع كافة العناصر الفلسطينية للحديث بلسان واحد وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
من جانبه انتقد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدى، ما أعلنت عنه الحكومة الإسرائيلية من عزمها بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، موضحا أن ذلك يقوض كافة جهدو التوصل لحل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
وأكد الصفدي خلال المؤتمر، أنهم مستمرون في العمل لتفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط، داعيا لعدم القيام بأي جهود تقوض فرص السلام، ومنها مصادرة الأراضي، وعمليات التهويد، موضحا انهم مستمرون في العمل لارساء السلام كي لا يحدث مزيد من الصراعات في المنطقة، لافتا الى ان بديل حل الدولتين سيكون خيار الدولة الوحدة على نظام الفصل العنصري.
وأعرب الصفدي عن تقديره لمصر ودورها في التحرك لتفعيل عملية السلام في منطقة الشرق الاوسط، متوجها بالشكر لالمانيا وفرنسا ومصر لدعم وكالة الاونروا.
من جانبه أعتبر وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس، أن التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية مؤخرا شيء إيجابي، مشيرا إلى أنه تم التركيز على إجراءات بناء الثقة لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرا إلى أهمية دمج الدول التي يمكن أن تقوم بدور إيجابي بعد عملية التطبيع.
وقال، إن المجموعة الرباعية الأوروبية العربية تريد إنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدا أن أفضل حل للصراع هو حل الدولتين للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، لافتا إلى ضرورة الحفاظ على هذه الإمكانية وأن بلاده ملتزمة تجاه إسرائيل ودعم الفلسطينيين، لافتا إلى أن بلاده قدمت اليوم 13 مليون يورو لدعم الأونروا.
من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي جان الف لودريان إن الدينامكية الأخيرة في علاقات اسرائيل مع عدد من الدول العربية شيء إيجابي، مؤكدا أن السلام في المنطقة يكون عبر عملية سلمية بإقامة دولتين في اطار تعايش مشترك، مشيرا إلي أن المجموعة الاوروبية العربية تهدف من خلال اجتماعاتها استئناف الحوار بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ومواكبة الحوار مع الشركاء الاقليميين والدوليين منهم الولايات المتحدة.
وثمن لودريان إعادة السلطة الفلسطينية للاتصالات مع الجانب الاسرائيلي مقابل التزام الأخيرة بالاتفاقات الموقعة، مشددا على أهمية استعادة الثقة بين الطرفين والتمكن من ايجاد ديناميكية ايجابية وهو ما نسعى له.