- بقلم الإعلامي: خالد الفقيه
مع إنطلاق عجلة الإنتحابات الفلسطينية بعد تعطل لسنوات طويلة وصدور المراسيم الرئاسية الناظمة إدارياً للإنتخابات المنتظرة، برز الحديث عن رفع نسبة الكوتا النسائية إلى 26% وهو أمر أخذ حيزاً من التحليل والمواقف بين مؤيد ومعارض وبين من يطلب بما هو أكثر من ذلك لفتح المجال أمام تمثيل متوازن للمرأة في البرلمان القادم كون النساء يشكلن قرابة نصف المجتمع الفلسطيني.
وبغض النظر عن التجاذبات فيما يخص حصة النساء وتمثيلهن في المجلس التشريعي الثالث القادم فإن الأمر يقود لأهمية البحث عن تمثيل مناسب لشريحة ذوي وذوات الإعاقة كذلك كونهم/ن الأقدر على الدفاع عن حقوقهم وتشكيل كتلة ضاغطة في البرلمان نحو تطوير القوانين والنظم والتشريعات التي تستجيب لاحتياجات وحقوق هذا الفئة والتي لا يستهان بها عدديا.
تشير إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2020 إلى وجود قرابة 93 ألف من ذوي وذات الإعاقة بنسبة توازي 2.1% من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، خمس هذا العدد يقعون في الفئة العمرية ما دون 18 عاماً أي خارج دائرة التصويت الإنتخابي فيما يحق لحوالي 75 ألفاً منهم المشاركة في العملية الديمقراطية تصويتً وترشحاً، وهذا العدد ربما يشكل كتلة مانعة وكبيرة قد تتجاوز مجموع ما قد تستحصل عليه قوائم وقوى سياسية مجتمعة مع الأخذ بعين الإعتبار إسقاط مشاركة بعض ذوي وذوات الإعاقة من المشاركة من فاقدي الأهلية العقلية وهي نسبة بسيطة من المجموع الكلي.
ومع إعلان الوطن كدائرة إنتخابية واحدة فإن الفرصة أمام قائمة لهذه الشريحة تبدو كبيرة وواقعية ولكن حمايتها بمرسوم رئاسي وتوافق مجتمعي وفصائلي سيعني بالضرورة وجود أناس وممثلين من ذوي الإعاقة لديهم القدرة على تحديد احتياجاتهم وتطوير واقع حياتهم وهو ما لم يحدث في مجلسين تشريعيين سابقين أهمل نوابهما هذه الشريحة المهمشة ولم يتم دمجها في المجتمع ولم تفعل القوانين الخاصة بها تطبيقاً على الأرض ومنها نصوص قانون العمل التي تلزم المؤسسات العامة والخاصة والأهلية توظيف 5% على الأقل من ذوي وذوات الإعاقة ضمن هياكلها التوظيفية.
كما أن تجاوز هذه الشريحة وعدم دعمها في الوصول إلى هذا المطلب يدفعنا للتفكير بجدوى التدريبات والمناشطات وورش العمل وما ترتب عليها من صرف لأموال طائلة من مختلف المؤسسات بغية دمج هذه الشريحة في المجتمع وإيصالها لمرحلة من العيش الكريم الذي يفجر طاقاتها وإبداعاتها وقدراتها لا سيما وأن مطلب تخصيص كوتا لها لم يتم التعرض له أو العمل عليه كونه الخطوة الأولى لتجسيد كل الحقوق الخاصة بها مع إبقائها ضمن سياق التمول والعمل الميداني غير المبرمج والمشرذم والموسمي.
رفع مكانة ذوات وذوي الإعاقة في المجتمع لن يتحقق ما لم يصل أصحاب المعاناة أنفسهم للبرلمان بما يعطيهم الفرصة للدفاع عن حقوقهم وتشكيل تحالفات برلمانية تخدمهم، ولكن هذا يتطلب الدفع بإتجاه قائمة ضمن كوتا منهم تتخلى وتتحرر عن مواقفها الحزبية والإيدولوجية بما يعني إندغامها خلف برنامج إجتماعي موحد عنوانه حقوقهم الحياتية والسياسية والاجتماعية عبر المشاركة.
ومن هنا على القوى السياسية والمجتمعية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية والإتحاد العام لذوي الإعاقة أن تعمل جاهدة وبالتعاون مع لجنة الانتخابات المركزية ومنها وعبرها مع الرئاسة لإنصاف هذه الشريحة الوازنة في المجتمع عددياً بإقرار كوتا لها أو على الأقل دعم تشكيل قائمة إنتخابية خاصة بها موحدة تتمكن من دخول البرلمان وهذا سيعد وجهاً مشرقاً للحياة الديمقراطية الفلسطينية.
كما أن هذا التوجه لن يكون نبتاً غريباً كونه يندرج ضمن إستراتيجية الأمم المتحدة لإدماج منظور الإعاقة في كل ركائز العمل للإعمال الكامل والتام لحقوق الإنسان لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة بما يتوافق مع حقيقة أن ذلك جزء لا يتجزأ من جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وهو جزء كذلك من إعلان دولة فلسطين إلتزامها بمباديء الأمم المتحدة وأهدافها ويتوافق مع وثيقة إعلان الاستقلال التي أكدت على المساواة في الحقوق والواجبات لكل الفلسطينيين والقانون الأساسي الذي يجرم التمييز على أي أساس.
ومن الأمثلة العربية القريبة التي يمكن حذوها في هذا الإطار الإنتخابات المصرية الأخيرة عام 2020 لمجلس الشعب إذ ألزم القانون كل قائمة مخصص لها 100 مقعد أن تتضمن 3 مرشحين من الأشخاص ذوي الإعاقة بما لا يتناقض مع حصة المرأة 25% من القائمة، وكل قائمة تحتوي على 42 مقعداً أن تتضمن مرشح واحد على الأقل من ذوي وذوات الإعاقة.
وعلى ما تقدم يمكن القول بأن الفرصة لا زالت مواتية لتفعيل كوتا خاصة بذوي وذوات الإعاقة في المجلس التشريعي القادم وخاصةً أن إجتماع الفصائل لم يعقد بعد للبت في قضية وتوافقات الانتخابات، والعملية التنظيمية لم تنتهي بعد، وهو أمر يستدعي التحرك من كل أطياف المجتمع لتحصيل كوتا عادلة لفئة من أبناء مجتمعنا عانت من التهميش والحرمان والفقر والكثير من أفرادها ضحايا لممارسات الاحتلال ومستوطنيه في حروبه على الشعب الفلسطيني، وفي حال لم يقر لهذه الشريحة بحصة مرسمة بقانون فبديلهم الإئتلاف في قائمة إنتخابية آمالها بتحقيق إنجاز تاريخي يبنى عليه كبيرة وجدية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت