- أحمد الحاج علي
أجّج إعلان الأونروا إقفال المرافق الصحية التي تديرها في لبنان غضباً فلسطينياً واسعاً، كما أثار حديثها المبهم حول لقاح كورونا قلقاً في أوساط اللاجئين الفلسطينين، وبدا ذلك واضحاً في تصريحات قيادات فلسطينية لموقع "المدن"، رغم محاولات الأونروا الاستدراك. يُضاف إلى ذلك أنه، وبسبب إجراءات التعبئة العامّة، هناك خشية فلسطينية على مصير دخل العمال المياومين، نتيجة إغلاق المؤسسات التي يعملون بها.
إغلاق العيادات!
فقد ذكر بيان الأونروا أن عدد المصابين من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بفيروس كورونا منذ شباط الماضي بلغ 3991 مصاباً مع 450 حالة نشطة و145 حالة وفاة. وأنه "ستُغلق المراكز الصحية أبوابها من الخميس 14 كانون الثاني حتى الأحد 17 كانون الثاني. وسيتم إعادة فتح العيادات يوم الاثنين 18 كانون الثاني لإعطاء الأدوية المزمنة للمرضى، والتوقيع على أي إحالة للمستشفى للحالات الطارئة المنقذة للحياة".
وتقوم الأونروا بتشغيل 28 مرفقاً للرعاية الصحية الأولية في لبنان، تقارب زياراتها المليون سنوياً، ما يجعلها المرجع الصحي للفلسطينيين في لبنان، كما يصفها مسؤول دائرة وكالة الغوث (الأونروا) في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فتحي كليب، الذي استغرب مضمون البيان في ظل واقعة كورونا، وما نجم عن ذلك من حاجة كبيرة للعناية الصحية "كان التوقع أن تقوم الأونروا بجهد مضاعف لاستنفار الجسم الطبي، وزيادة قدراته البشرية والمادية، واتخاذ إجراءات طارئة في هذا المجال، مثل زيادة في أعداد الأطباء والممرضين، وكذلك المختبرات، وإدخال تحسينات مهمة على هذا القطاع، توفر الكثير من المستلزمات لللاجئين الفلسطينيين في لبنان. أولاً بسب انقطاع الكثير من الأدوية والمواد الصحية الضرورية في لبنان، وثانياً بسبب تراجع القدرات الشرائية لهذه الفئة لأسباب معروفة. لكن الذي حصل هو العكس تماماً بقرار إغلاق العيادات".
أوكسجين الوعود
وأعلن أن "عضو المكتب السياسي للجبهة ومسؤولها في لبنان علي فيصل قام بإجراء اتصال بالمدير العام لوكالة الأونروا في لبنان كلاوديو كوردوني، وأكد الأخير أن افتتاح المرافق الصحية للأونروا سيكون يوم الإثنين المقبل. ونحن نأمل أن تفي الأونروا بتلك الوعود، نظراً للمخاطر الصحية التي يمكن أن تنجم عن قرار إغلاق تلك المرافق".
أما مسؤول مكتب شؤون اللاجئين في حركة "حماس" أبو أحمد فضل فقال لـ"المدن" إن "هناك اتصالات تجري مع المسؤولين في الأونروا لتدارك هذا الخطأ الفادح. إذ إن شعبنا يحتاج في هذا الوقت إلى زيادة في الاهتمام بقطاع الصحة في ظل جائحة كورونا، كما ازدياد الأمراض الناتجة عن الإغلاق، وما ينتجه من مشاكل نفسية تنعكس بدورها على الجانب الجسدي والصحي. من هنا فقد كان مستغرباً اتخاذ هذا القرار الذي لا يتماشى مع المنطق ولا المصلحة. ورغم أننا تلقينا وعوداً باستئناف العمل في المجال الصحي ابتداء من يوم الإثنين، إلا أنها تبقى وعوداً ونحن بانتظار تنفيذها".
وشدد على أن الوضع الحالي "يجب أن يدفع الأونروا إلى توسيع إجراءاتها الصحية لتشمل تأمين قوارير الأوكسجين وأجهزة التنفس الاصطناعي والأدوية الضرورية، واستنفار جميع الطواقم الطبية، وزيادة ساعات عمل هذه المراكز الصحية. الوضع جداً خطير، كما تشير الإحصاءات، ويلزمه إجراءت طارئة وسريعة لوقف التدهور الحاصل".
من جهتها، اعتبرت المتحدثة باسم الأونروا في لبنان هدى السمرا في حديث لـ"المدن" أن "قرار الإغلاق كان لأربعة أيام من الخميس إلى الأحد، وفعلياً يومان، لأن العيادات مغلقة عادة السبت والأحد". راجعة سبب الإغلاق إلى أن "الأمور كارثية في البلاد من الناحية الصحية وجائحة كورونا، وكان من الضروري ضبط التحركات إلى أقل حد ممكن، ولكن في الوقت نفسه عمّمنا أرقام مسؤولي الصحة في كل المناطق لأي حالات طارئة تستدعي نقلها للمستشفى".
وأكدت أن "يوم الإثنين سوف تعاود العيادات عملها من الثامنة والنصف إلى الواحدة لتقديم الخدمات للمرضى باستثناء الإحالات إلى المستشفى للحالات الباردة".
من سيؤمن اللقاح؟
أما بخصوص اللقاح فإن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يبدون تخوفهم من أن يُستثنوا من اللقاحات، وتحتل هذه التخوفات معظم أحاديثهم في العالم الواقعي والافتراضي. وضاعف هذه التخوفات بيان الأونروا الذي بدا مبهما في هذا الجانب، واكتفى بالإشارة إلى التنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية لتأمين اللقاح لللاجئين الفلسطينيين.
ودعا فتحي كليب "للتحضير المسبق، خصوصاً وأن اللقاح يحتاج إلى تجهيزات حافظة، وتنظيم عالي المستوى. نعم هناك وعود كثيرة من الأونروا والدولة اللبنانية والصحة العالمية، لكن الأمر يحتاج إلى أكثر من وعود، خصوصاً وأننا تلقينا وعوداً سابقة بأن تشمل خطة الطوارئ الاقتصادية الفلسطينيين في لبنان، لكن ذلك لم يحصل، فهناك سوابق في إخلاف الوعود، تجعلنا في خشية من تكرار الأمر. إننا ندعو الدولة اللبنانية لأن تقتدي بالأردن الذي أمّن اللقاح لكل المقيمين على أراضيه". كما دعا "إلى تأمين المساعدات العاجلة للفلسطينيين على اعتبار أن حوالى 80 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون على ما يكسبونه يومياً".
وكرر أبو أحمد فضل الدعوة "إلى تأمين لقاحات كورونا بأسرع وقت ممكن، أو على الأقل تبيان الطريق الذي سوف تسلكه الأونروا لتأمين اللقاح، وأن لا يبقى الأمر عائماً. فهناك قلق كبير في صفوف اللاجئين الفلسطينيين من جراء هذا الموضوع، وعلى الأونروا أن تبدده من خلال نشر خطتها لتأمين اللقاح".
وعند أي إغلاق، تفرض العلاقة المضطربة للاجئين الفلسطينيين بالمكان قوانينها، وكذلك علاقتهم بالسلطة القائمة على المكان الأوسع. فكلاجئين هم يعيشون في مكان مؤقت لن يشعروا أن له ما لسلطة المكان الدائم. وهذا المؤقت قد طال، فأصبحوا معلّقين بين المؤقت والدائم. فلا هو وطن يوجب عليهم الولاء لقوانينه وإجراءاته، ولا هو مؤقت فيوقّرون الضيافة العابرة. وكلاجئين أيضاً يحكم الشك علاقتهم بالسلطة المتأرجحة هي الأخرى بين الدولة وما دون ذلك، فيصبح أي إجراء له تفسيراته، ويصير للقرار الأخير، بسبب كورونا، بعدم السماح بالخروج والدخول من مخيم عين الحلوة أكثر من تأويل، لا تخرج جميعها عن علاقة الشك والريبة بين لاجئين وسلطة. وكيف إذا اجتمع تراجع الأونروا مع شعور بالضعف لدى اللاجئين والسلطة معاً؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت