أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يوم الثلاثاء، بيانا صحفيا بمناسبة الذكرى الثالثة عشر لرحيل القائد الوطني والقومي والأممي، الحكيم جورج حبش حمل عنوان : في ذكرى رحيل "الحكيم" جورج حبش: استلهام العبر والدروس لإغناء التجربة الوطنية.
وفيما يلي نص البيان كما ورد لوكالة قدس نت للأنباء:
في ذكرى رحيل "الحكيم" جورج حبش: استلهام العبر والدروس لإغناء التجربة الوطنية
يا جماهير شعبنا الفلسطيني.. يا جماهير أمتنا العربية.. أحرار العالم..
تمر اليوم الذكرى الثالثة عشر لرحيل القائد والمفكر الوطني القومي والأممي مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبش، نقف في ذكرى قائد نبت إرثه وتفرع وأثمر في أذهان وقلوب شعبٍ بأكمله؛ ذكرى ستظل جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الجمعية بما تعنيه وترمز له من تاريخٍ حافل بالتضحيات؛ ذكرى حكيم ثورة؛ ذكرى قائدٍ استثنائيٍ بصوابية رؤيته وأحلامه الوطنية والقومية، التي ترفض الحدود بإدراكه العميق لواقعه العربي، وقائدٍ أمميٍ يعتبر نضال شعبه جزءًا لا يتجزأ من نضالٍ أمميٍ ضد الظلم والطغيان المتمثّل بالإمبريالية والصهيونية؛ ذكرى قائدٍ إنسان مزج بين الفكر والممارسة بشكلٍ خلاق، وأعطى للسياسة بعدها الأخلاقي، في زمن تهاوت فيه الكثير من الأفكار والقيم النبيلة.
جورج حبش "الحكيم" الإنسان والمناضل والقائد الثوري، الذي قذفت به نكبة فلسطين وشعبها إلى رحم الجماهير الشعبية العربية، ظل ابنًا وفيًا لها، وضميرًا لحركتها الثورية؛ الوطنية والقومية على ما يزيد من ستة عقود من النضال؛ متمسكاً بأهدافها وطموحاتها، في الانعتاق والتحرر والاستقلال والوحدة والتقدم والديمقراطية، بصلابةٍ وعزيمةٍ لا تهدأ أو تخبو أو تلين، ورؤيةٍ ومنطلقاتٍ وممارسةٍ كفاحية، وصدق ووضوحٍ جُبل في بنيته الفكرية والأخلاقية شديدة الإحكام والتماسك والقوة العصية على التفكيك.
ونحن نحيي ذكراه، نكتشف أنّنا بحاجةٍ إلى فكره وروحه وممارسته، خاصةً في ظل الواقع الفلسطيني والعربي الكارثي القائم، سواء على صعيد التطبيع والتحالف مع العدو أو استمرار الرهان على الحلول التصفوية وحالة الانقسام وتشظي الوحدة الوطنية، نجد أن الدروس والعبر من تجربته، بحاجةٍ ماسة لأن نعيد استلهامها ومنها.
أولًا/ الإيمان والثقة بقدرة الجماهير الشعبية العربية والفلسطينية على تحقيق الانتصار من موقع ارتباطها بقضية تحررها وانعتاقها ورفض الخضوع والتبعية والإمساك بحقوقها، كما التصاقها بقضيتها الفلسطينية كقضيةٍ مركزية، انطلاقًا من التلازم الجدلي بين المسألتين الوطنية والقومية، أي بين تحرير فلسطين والوحدة العربية من جهة، وطبيعة المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي، الذي يستهدف عموم المنطقة والأمة العربية، وليس فلسطين فقط من جهةٍ أخرى، وهذا مصدر إيمان الحكيم بحتمية الانتصار على المشروع الصهيوني وحلفائه.
ثانيًا/ التمسك والتحصّن بالمبادئ والتمتع بالوضوح السياسي والتسلح بالمناعة الثورية، وهذا جعل الحكيم رغم كل الهزائم والانهيارات وتبدلات المواقع التي جرت، يقف على أرضيةٍ راسخةٍ في معسكر الثورة وحلفائها، متمسكًا ومدافعًا صلبًا عن قضية شعبه وأمته، بحيث لم يفقد البوصلة التي تشير إلى فلسطين يومًا أو تلك التي تحدد وبوضوحٍ معسكري أصدقاء وأعداء الشعب الفلسطيني وثورته في وجه الظلم التاريخي الذي لحق به.
ثالثًا/ التأكيد الدائم على الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار التعددية الفكرية والتنظيمية القائمة في صفوف الشعب الفلسطيني، لذلك رأى الحكيم أن التناقضات والاختلافات والتعارضات مهما كانت حدتها، موضوعية وصحية، فهي مصدر أساسي للارتقاء والتقدم والتطور، طالما بقيت مضبوطة لأولوية تناقضها الأساسي مع عدوها الرئيسي، ولقواعد الحوار والحوار فقط، لا السلاح والانقسام وفي إطار المؤسسات الوطنية الموحدة.
رابعًا/ الربط الوثيق بين النضال الوطني التحرري ضد الاحتلال الصهيوني من أجل الحرية والعودة والاستقلال، جنباً إلى جنب مع النضال الاجتماعي الديمقراطي من أجل مواجهة كل أشكال الفقر والحرمان والقهر والاستغلال والتمييز، انطلاقًا من أن النضال الوطني التحرري الفلسطيني لن يحقق أهدافه، في حال بقي التفاوت الطبقي - الاجتماعي قائمًا في صفوف الشعب الفلسطيني، وطالما بقيت نصف طاقته الحقيقية الممثلة بالمرأة الفلسطينية معطلةً وغير فاعلة.
خامساً/ البدايات الوطنية العظيمة التي انطلق خلالها الحكيم ورفاقه وهم ما يزالون في ريعان الشباب، يؤكد مدى أهمية الثقة بدور الشباب في المساهمة الفاعلة ومن مواقع متقدمةٍ في قيادة النضال الوطني الفلسطيني خصوصاً بما يتمتعون به من طاقات، وعلم، والتزام بتحقيق أهداف شعبنا في التحرر والاستقلال.
سادسًا/ ترسيخ الممارسة الديمقراطية قيمًا وثقافةً وسلوكًا، وضرورة رفد وتقدم الكفاءات والطاقات القادرة والمبدعة والخلاقة الصفوف في مختلف المؤسسات، لذلك لم يكن الموقع القيادي بالنسبة له سوى مكاناً للتضحية والتفاني والعطاء والوفاء والترفع والزهد واستمرار حمل أمانة الشعب والقضية، حتى ولو لم يكن في الموقع الأول، الذي آثر التخلي عنه طوعًا ليعطي مثلًا ونموذجًا.
ولعل في الدروس والعبر السابقة ما يشكل مساهمةً وبوصلةً للحوار الوطني المزمع انعقاده في القاهرة أوائل الشهر القادم والذي لا يجب حصره بموضوع الانتخابات فقط وإنما التأسيس لنجاحها من خلال الاتفاق على إستراتيجية وطنيةٍ موحدة تقطع مع الاتفاقيات الموقعة مع العدو وما ترتّب عليها، وإعادة بناء مكونات النظام السياسي الفلسطيني وفي المقدمة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها المكون الأهم والممثل الشرعي الوحيد والجامع لشعبنا، والاتفاق على قواعد الشأن الداخلي والشراكة الوطنية التي توفر الإرادة الجماعية في إدارة الصراع مع العدو استنادًا للإستراتيجية الوطنية الموحدة.
طوبي "للحكيم" في ذكراه.. وطوبى لمن يسير على خطاه.. نحو الحرية والعدالة والديمقراطية
المجد والخلود للقائد الثوري الدكتور جورج حبش في ذكراه، ولكل شهداء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية وأحرار العالم
وإننا حتمًا لمنتصرون
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
دائرة الإعلام المركزي
26/1/2021