الرفيق اللواء محمود الرواغ أبو علاء عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب، لن ننساك يا رفيق الدرب في كل الأماكن

بقلم: وليد العوض

  • *كتب وليد العوض

"29 يناير" اليوم تصادف الذكرى الثانية عشر لرحيل الرفيق القائد اللواء محمود الرواغ عضو اللجنة المركزية لحزبنا الذي رحل في مثل هذا اليوم من العام 2009

رحل الرفيق الشجاع والاب الحاني الذي عرفته حياً لأكثر من ثلاث وثلاثون عاما امتدت من حزيران عام 1976 حتى وفاته في يناير 2009 حيث امتدت يد الموت لتخطف ابا علاء، الذي كان قد غادرنا قبل ذلك بأسبوع للعلاج في مصر ... وقبل انطلاق سيارة الاسعاف متوجهة به لمعبر رفح تلاقت عيوننا الدمعة وتشابكت ايدينا وارتعاش ونحن نستعيد شريط من ذاكرة جلها من نور ونار ...

غصة ألم اعتصرت القلب وشعاع من الامل اخترق الصميم في أن يعود ابو علاء معافى بعد أن كان قد اشتد عليه المرض في ظل استمرار الحصار الذي حال دون خروجه للعلاج في الوقت المناسب، لكن ما كنت اخشاه قد وقع حين رن جرس الهاتف من مصر لينقل نبأ وفاة الرفيق الأعز قبل ظهيرة يوم 29/1/2009 ، فعاد أبو علاء يوم 30/1/2009 محمولاً على اكتاف الرفاق ليوارى الثرى إلى جانب والده في مقبرة الشيخ رضوان.

ثلاث وثلاثون عاما من الحياة والعمل معاً كانت سني معرفتي بالرفيق أبو علاء ,,,, منذ ظهيرة يوم حزيراني قائظ في 28/6/1976 حين لبيت ومعي ثلة من الشباب نداء التطوع الذي كان ابا علاء قد صاغ كلماته بحماسة شديدة دعا فيها للتطوع دفاعا عن شعبنا وأهلنا في مخيم تل الزعتر وهو يحترق بحمم قذائف الحقد الانعزالي وحلفاءه في حينه، ظهيرة ذلك اليوم التحقت متطوعاً فدائياً في جيش التحرر الفلسطيني في معسكر التدريب ببلدة الغازية جنوب صيدا عاصمة الجنوب اللبناني،

أبو علاء هذا الشاب الأسمر قوي البنية الذي يفيض بالحيوية والنشاط على أكتافه ورفاقه قام معسكر التدريب ذاك، وتحت يديه تخرجت خلال خمسة شهور أربع دورات عسكرية لجيش التحرير مثل عديدها ما يقارب ٣٠٠٠ مقاتل شكلوا قوة جيش التحرير الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية التي انتشرت في كل محاور القتال الساخنة، قوات جيش التحرير تلك جاءت لتمثل تحدياً ورفضاً لمحاولات مساعي بعض الدول العربية لخطف جيش التحرير الفلسطيني وتحويله لأداة طيعة بيدها في مواجهة ولائه لفلسطين ومنظمة التحرير. طاقم المدربين الابطال الذين حملوا المعسكر على اكتافهم هم عدد من ضباط وضباط صف الذين تمردوا على محاولات الخطف تلك، وأصروا على أن جيش التحرير لن يكون إلا لفلسطين وتحت لواء منظمة التحرير ومرت الأيام لتكشف فيما بعد أن الغالبية العظمى من هؤلاء هم من الشيوعيين ومحمود الرواغ أبو علاء كان في حينه أقل رتبة عسكرية بينهم هو القائد الحقيقي لهم في الحزب الشيوعي الفلسطيني / قطاع غزة، ورغم ذلك كان شديد الالتزام بتنفيذ كل ما يطلب منه عسكريا من قبل كل من هو أعلى رتبة منه بغض النظر عن رتبته الحزبية، لكن هيبته ورجاحة رأيه كانت بادية على كل هؤلاء الرفاق الذي يكنون له كل احترام وتقدير .

جنود جيش التحرير هؤلاء الذين تلقوا تدريبا قاسيا خلال خمسة وأربعون يوما على كافة فنون القتال من قبل مدربيهم وفي مقدمتهم أبو علاء غدوا في ساحات المعارك وميادين القتال الساخنة وعلى خطوط التماس غدوا خيرة مقاتلي جيش التحرير والثورة و تقدموا الصفوف دفاعاً عن الشعب والثورة فكانوا مقاتلين شجعان بواسل تحلوا بفروسية المقاتل دفعاً عن الشعب كما علمهم أبو علاء الذي لم يكتفي بتدريبهم على فنون القتال فحسب، بل وزرع فيهم حب الانتماء للوطن والشعب وغرس فيهم قيم وروح التضحية دفاعاً عن العمال والكادحين والفقراء واختار مع رفاقه بفراسة ملفته التركيز على العشرات منهم ليضمهم بصمت للحزب الشيوعي وقد قادته تلك الفراسة لأن أكون أحد هؤلاء، وقد لفت نظري مبكراً انني كلما كنت انتقل من موقع إلى موقع أخر أجد من يعتني بي سياساً وفكرياً ويكمل ما قد بدأه أبو علاء الى أن اكتمل برنامج الإعداد وأحكمت حلقة التنظيم التي كانت قد بدأت كما أتضح لي لاحقا منذ أن ذهبت ومجموعة للتطوع في مكتب جيش التحرير الفلسطيني في مخيم البرج الشمالي ولقاءنا بالرفيق محمود أنيس أبو كفاح الذي كان ضابطاً يتولى مهمة جمع المتطوعين وارسالهم للمعسكر، وتحت وطأة الاعداد المنظم وتطور العلاقة غدت العلاقة ليست مجرد علاقة فدائي ومدربه بل علاقة مدرب عسكري فذ لكنه رفيق ناضج يكتنز خبرة ووعي ثوري وطاقة هائلة واستعداد للعطاء وظف إمكانياته كلها لبناء حزب ثوري وجنود يافعين يبحثون عن مثل هذا الحزب إلى أن وجدوا ضالتهم فكان أبو علاء من يهديهم لهذا الطريق، هؤلاء اليوم خيرة كوادر الحزب في لبنان يقودون منظمة الحزب بكل شجاعة ووعي ثوري وخبرة تنظيمية تلقوها خلال مئات الجلسات برعاية أبو علاء .

اليوم وفي ذكرى رحيلك المفجع أبو علاء ...يا رفيق الدرب في كل الاماكن...

رحلت وما زالت تلك السنوات الطويلة التي أمضيناها معا منذ أن التقينا تحت قيادتك العسكرية وخضنا اشرف المعارك وأشرسها خلال الحرب الأهلية اللبنانية دفاعا عن أهلنا بدءا من الرشيدية وصولا إلى نهر البارد مرورا بكل المخيمات في لبنان، تحت شجيرات البرتقال في القاعدة، قرب جسر القاسمية حيث جلسنا عشرات الجلسات الحزبية نعد لنشرة سنعود التي كان يصدرها الحزب ووصلت كل بيت وتناقلها الجنود سراً في الجيش لم نتأخر وإياك في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية على شعبنا الفلسطيني وإحباط عدة محاولات الإنزال الإسرائيلية على سواحل الرشيدية وصور، وساحل السعديات والجيه، وصد محاولات التقدم في الشقيف وعرب صاليم والجرمق والوادي الأخضر، كما الهبت الحماسة فينا حين تعرض رفاقنا في الحزب الشيوعي اللبناني لمحاولة التصفية على يد القوى المذهبية في لبنان في عدلون والصرفند والزهراني و السكسكية وانصارية يومها قدت أنت ونحن معك معركة نصرة الحزب الشقيق ولم تمضي ساعات الا وقد حسمنا تلك المعركة ببقاء الحزب الشيوعي اللبناني واستعادة مواقعه التي فقدها،

وحين بدأت ملامح وحدة الشيوعين في حزبهم جلسنا ذات مساء على أكتاف نهر الليطاني لنبحث في لجنة الحزب العسكرية كيفية الخروج من جيش التحرير وبناء الفصيل العسكري للحزب في ظل مساع الحصول على سلاح وعتاد من قوى ودول صديقة أعلنت استعدادها لذلك لكن الاجتياح الإسرائيلي عام ١٩٨٢ حال دون ذلك، الاجتياح هذا الذي كنت واحدا من أبرز الذين تصدوا له بشجاعة نادرة إلى أن وقعت في الأسر وحولت ورفاقك السجن سجن أنصار إلى مدرسة للكوادر. وعملت على استمر إصدار نشرة سنعود من خلف أسلاك السجن ومن أنصار تلك المدرسة النضالية تحرر عشرات الرفاق وأصبحوا كوادرا تدرجوا في المواقع القيادية وأصبحوا أعضاء في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب وها هم يواصلون المسيرة التي وضعتهم على طريقها بكل ثبات يحملون القيم والمبادئ والمثل التي زرعتها فيهم،

وحين كنت ابا علاء في سجن أنصار تخطط لعملية الهروب الكبير مع رفاقك، اعلن عن اكتمال وحدة الشيوعيون في حزبهم الموحد حيث لم ينسى الرفاق عطائك وإخلاصك فمنحوك ثقتهم وانتخبوك في المؤتمر الأول عضواً في اللجنة المركزية للحزب وقد حافظ رفاقك على هذا الوفاء فانتخبوك في كافة المؤتمرات لهذا الموقع بكل احترام.

رفيقنا الغالي نستذكرك اليوم بعد اكثر من عقد على الرحيل وانت الذي كنت تصر دائماً على الحضور ، فبعد خروجك الى الجزائر في تبادل الأسرى عام ١٩٨٣ عدت إلى لبنان التي أحببت ولرفاقه والحزب الذي بنيت لإعادة بناء منظمة الحزب وترسيخها في لبنان بعد ان توحد الشيوعيين في حزبهم المستقل فمن البقاع ومخيم بعلبك إلى القاعدة العسكرية في بر الياس حيث سهر الليالي على إعادة وتنظيم الصلة مع الرفاق فكنت تعمل بصمت وجرأة عالية تأتي ورفاقك في قيادة الاقليم بتبرع من هنا وقطعة سلاح من هناك وسيارة عسكرية من تنظيم صديق الى أن اعيد تنظيم الصلة بجميع رفاق الحزب وأعيد بناء المنظمات الحزبية في لبنان خلال فترة وجيزة وتعززت القدرات القتالية لفصيل الحزب العسكري ( قوات الانصار) وبهدوء وثبات بنيت مع رفاقك في قيادة منظمة في الحزب في لبنان منظمات حزبية وصلت إلى كل المخيمات وتجمعات شعبنا في لبنان وتحت قيادتك وإشرافك المباشر انتشرت القواعد العسكرية للحزب في مواقع القتال المتعددة على الساحة اللبنانية، تحت رعايتك أيها الرفيق الذي نودع خاض مقاتلو الحزب ضمن كتيبة التحالف الديمقراطي معارك الجبل وتسلل مقاتلو الحزب مع رفاقهم في التحالف إلى مخيم عين الحلوة لحمايته من مجازر محتملة قبيل الانسحاب الإسرائيلي عام 1984 ، وهناك حين التقيناك بعد انقطاع قصري التف حولك كل الرفاق كأب حاني استمعنا لنصائحك وتعليماتك وخاض الرفاق معركة طرد الانعزاليين عن التلال المحيطة التي كانت تهدد المخيم

كنت تعتز برفاقك تتلمس معاناتهم تفتخر حين يعود الرفاق سالمين دون أذى بعد أن ينجحوا في مهامهم كنت توصينا نحن رفاقك المدربين جيدا بالرفاق الجدد وخاصة رفاقنا الطلبة الذين جاءوا متطوعين من بلدان المنظومة الاشتراكية فكنت شديد الحرص على أن يعودوا إلى مقاعد دراستهم وأهلهم سالمين،

هناك في مخيم عين الحلوة عشنا معا في غرفة واحدة منحنا اياها عمي المرحوم أبو قاسم والد زوجتي هي واحدة من ثلاث غرف يعيش فيها مع زوجته المرحومة عائلته، فكنت حريصا بأخلاقك الرفيعة بأن توصى الرفاق بأن يراعو حرمة المنزل وبأن لا يعلو صوتهم حرصا على راحة مضيفينا، تلك الغرفة كانت رغم الخطورة الكامنة مكتب الحزب لشهر تقريبا ومنها شهدت الانطلاقة الجديدة نحو مخيماتنا في جنوب لبنان ،، ودائماً كان عمي ابو قاسم يتساءل حين التقيه هل أنتم في الغرفة أنني لا أسمع أي صوت، فكان صوتك الهامس يصدر التعليمات ونحن نصغي بصمت وننطلق للتنفيذ، ثلاثة أسابيع عاشتها المجموعة المتسللة لمخيم عين الحلوة في تلك الغرفة وهي في دائرة الخطر والحرج إلى أن تمكنا من افتتاح مكتب في وسط المخيم ، أهل المخيم كانوا خائفين من غارات الاحتلال والعدوان واعوانه وحذرين من وجود مكاتب الفصائل بينهم للتغلب على ذلك ، تشاورنا معاً واتفقنا على أن أقوم بإحضار زوجتي وطفلي الاوحد حينها آنذاك وتعيش، بغرفة واحدة وحتى يبدو المكتب منزلا مأهولاً و نحول غرفتين إلى مكتب وهكذا كان كل شيء البيت والمكتب وأنت ونحن معا فكم كانت جميلة تلك الأيام حيث كنت القائد والاب الحاني. نعم نفتقدك وانا أكثر من يفتقدك،

عام كامل عشناه معا في هذا البيت ورزقنا بطفل أسميته أنت معين وفاءا لرفيقك معين بسيسو، وبعد كل هذا العمر يا رفيقي أبو علاء في ذكرى رحيلك هل يعتقد أحد أن ثلاث وثلاثين سنة من العيش معاً يمكن اختصارها بكلمات على ورق لكن سأحاول بهذا الغيض من فيض أن أقدح الذاكرة ببعض من الكلمات على وعد بأن تكون أشمل في وقت يتاح فيه قول الكثير باستفاضة لكل رحلة العمر والبناء التي مشيناها معاً وخضبناها بعرق ودم وجوع لكنها أثمرت شجرة باسقة كما أنت أيها الأعز،

معا ذهبنا منتصف عام 1985 لدورة حزبية في الاتحاد السوفيتي لمدة عام ولأننا جبلنا معا في حزب واحد وساحات قتال واحدة عشنا ايضا في موسكو بنفس الغرفة في معهد العلوم الاجتماعية غرفة وكم كنت محظوظا بأن نتلقى التعليم والتثقيف الحزبي، من الرفاق السوفيات ساعات النهار ونمضي معا ساعات الليل معاً فزرعت بداخلي كل قيم الشجاعة والوعي بأهمية الكفاح من اجل الحرية والعدالة والمساواة.

ومعا أبا علاء من موسكو نعود إلى لبنان عبر دمشق حيث تقيم نبيت تلك الليلة في بيتك الذي كان بيتا لكل الرفاق، وساعات الصباح نشد الرحال إلى لبنان حيث المخيمات تتعرض للعدوان و أشلاء الأطفال تتطاير وشعبنا في شاتيلا وبرج البراجنة يموت جوعا يضطر لأكل لحوم الحيوانات وأنت تتأهب ونحن نتوجه معاً للدفاع عن أهلنا، وتواصل رحلتك الصامتة في تعزيز علاقات حزبنا بالفصائل والقوى الوطنية اللبنانية وعلى الأرض يتطور وضع الحزب بشكل ملفت تتوسع العضوية تشمل كل القطاعات، ونشرة سنعود نشرة الحزب في لبنان تصل كل منزل، وجريدة الطليعة القادمة من القدس تدخل كل بيت ورفاقك الشباب ينتشرون في كل مخيم، طوبة طوبة كنت تبني أنت ومعك الرفاق أيها الشجاع الصامت فبنيت منظمة الحزب في لبنان ومنظمته العسكرية قوات الأنصار. وحين كانت المعارك تحتدم والحصار يشتد على مخيماتنا كان لابد من تدخل قوات الثورة الفلسطينية في صيدا لتخفيف الحصار عن مخيمات بيروت والرشيدية، وتداعت القوى للاجتماعات عدة فكنت انت صاحب رأي يقول بأنه لابد من التدخل فورا وحين حل موعد الذي لا يمكن تأجيله وانتظار بعض التعليمات والاوامر البيروقراطية، تسللت من عيناك نظرة صقرية فهتمها انا آنذاك، بأنها ايعاز التحرك العاجل للتحرك على رأس فصيلنا العسكري ضمن قوات الثورة للمشاركة في معركة السيطرة على جبل مغدوشة وما أن حلت ساعة الصفر إلا وكنا مع أول الواصلين للسيطرة على تلة ماريا وجبل مغدوشة في ليلية من اسخن ليالي القتال التي عرفت.

كنت تعتز بأبنائك ورفاقك الذين شاركوا ببسالة في تلك المعركة تفتخر أن المحور الذي كان تحت سيطرتهم لم يخترق في الهجوم المعاكس ورغم الخسائر الكبيرة في تلك المعركة كنت تقول انه فخر لنا بأن ما سقط للحزب من شهداء في تلك المعركة التي استمرت عشرين يوما تقريبا لم يكن إلا الشهيد أحمد موسى أبو ربيع وعشرة من الجرحى، إنها معركة كانت ملحمة بكل معنى الكلمة.

أبا علاء كنت شعلة في التنظيم نلتف حولك ساعات المساء نستمع لتوجيهاتك كنت مدرسة تلقينا نحن الذين عشنا معك في لبنان دروسا في كل شيء فتحولنا إلى كوادر وقادة في ميادين العمل الوطني الفلسطيني فلك إن تعتز أبا علاء.

ساعات ظهيرة نلتقي نتزاحم على تقديم تقاريرنا عن المهمات التي كلفنا بها، كنت تستمتع وتكتفي بكلمة تثلج صدورنا هذا عظيم ولكن اعملوا كذا أيضا،

أبا علاء مكتب الحزب في عين الحلوة الذي افتتحناه أزوره كلما ذهبت الي لبنان، وشجرة الياسمين تنثر عطرها في كل صوب المكتب تحول إلى ملتقى لكل القوى الفلسطينية والشخصيات في المخيم، الكل أحبك يا أبو علاء، الجميع كان يستمع إلى نصائحك في اللحظات الحالكة حين كان يدب الخلاف بين الأخوة كنت الوحيد القادر على توحيد الكلمة وجمع الشمل، رحلت يا أبا علاء وفي وقت نحن في أمس الحاجة إلى حكمتك حيث يمزقنا الانقسام وتفرقنا الوحدة.

رحلت فبكاك الجميع

أبا علاء في ذكرى الرحيل الصعب: حين حانت فرصة العودة إلى الوطن عام 1995 بتصريح تشاورنا تحت شجرة الزنزلخت التي زرعتها و اتفقنا معا على أن مثل هذه الفرصة لا تعوض لكنك كنت مترددا فالتصريح لك وحدك وأبناءك علاء وعماد في لبنان اتفقنا على أن يبقوا تحت رعايتي ومع اولادي حتى نتمكن من إعادتهم وهكذا كان بعد شهور، وقبل أن تغادر لبنان ألححت علي بأن أتبعك بحثنا طويلا في الأمر قلت لك حينها ستعود لأهلك الذين انتظروك طويلا إما أنا فأهلي هنا فقلت بصوت غالبته البحة التي لم تفارقك... وليد... نحن أهل منذ سنوات وسنكون كذلك في كل مكان، وقد التحقت بك بعد عام في غزة بناء على ذلك الوعد، ومنذ ذلك الحين حافظنا على المسيرة التي لم تنقطع فتواصلنا كل يوم وساعة ، فكنت ابا علاء شعلة من العطاء تواصل إعداد الآلاف الجنود في مديرة التدريب التابعة للأمن الوطني ومعاً واصلنا العمل في صفوف الحزب وكنت من يحفزني للقيام بمهامي التي اتسعت وتعددت على الصعيد الوطني والحزبي ولك أنت كان الفخر أن تعتز بأنني واحد من الذين تربوا على يدك. وذات يوم قلت لك إني افتخر بكل نجاح في مهامي و ذلك يعود لكلماتك التي حفرتها عميقا في ذاكرتي ،،،، وها أنت قد رحلت وأكررها مرة أخرى،

ابو علاء في ذكرى الرحيل اعرف كم كنت متعلقا بالوطن وفي قطاع غزة الذي يئن تحت وطأة الظلم والظلام، حين كنت اتصل يوميا وانت في المستشفى لتلقي العلاج لأطمئن عليك ويخبرني ابنك بانك تقول، قولوا لأبو حسين يرجعني لغزة غزة التي سكنتك منذ ان لجأت اليها من روبين،

ابا علاء انه الموت الذي طالما هزمناه يا صاحبي في اكثر المواقع خطورة لكنه تمكن منك هذه المرة، اليوم اقول وبعد عشر سنوات على الرحيل الفاجعة واكاد اجزم أن الموت خاف مواجهتك لكنه تمكن من خداعنا هذه المرة وخطفك فجأة وقد رحلت كما يرحل الشرفاء رحلت صامتا شريفا، نظيف اليد، طيب القلب أحبك كل من عرفوك وعلى أكتافهم حملوك ولفوك بعلم فلسطين والحزب الذي أحببت فنم قرير العين يا قائدي ومعلمي وأخي الأكبر الذي لم تلده أمي،

أبا علاء. لقد زرعت فينا حب الوطن والشعب والحزب وعزاؤنا بكل ما تركت من ارث كفاحي وسمعة طيبة ورفاق بواسل يعتزون بك وعائلة فاضلة رافقتك في كل الصعاب وحملت العبء معك وسهرت معك لتربية ابناؤها، رفيقة عمرك أم علاء

فلك التحية من الحزب الذي بنيت والرفاق الذين ربيت وعهدا فإنا على الطريق باقون.

٢٨-١-٢٠٢١

عضو المكتب السياسي لحزب الشعب

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت