انطلق اليوم الثاني من منتدى القضية الفلسطينية الذي يناقش خيارات حماية الحقوق الفلسطينية، والمنظم من قبل الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، والملتقى الديمقراطي الفلسطيني في أوروبا، عبر برنامج الزوم وفي قاعة مطعم سيدار بقطاع غزة بمشاركة نخبة من ممثلي منظمات المجتمع المدني، والحقوقيين، وممثلي القوى السياسية وقيادات مجتمعية وشبابية ونسوية ونشطاء ومتضامنين مع الشعب الفلسطيني من مختلف دول العالم.
وأكد المشاركون في اليوم الثاني على ضرورة توفير المناخات اللازمة لإجراء الانتخابات الفلسطينية والتوافق على كل المتطلبات السياسية والقانونية التي تعيق إجراؤها بشفافية ونزاهة مؤكدين أهمية أن تكون مدخل لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي واستعادة الوحدة الوطنية.
وشددوا على أهمية العمل الجاد من أجل الاتفاق على خطة نهوض وطني لحماية الحقوق الفلسطينية والعمل على تدويل القضية الفلسطينية وتفعيل آليات المحاسبة والمقاطعة والاستفادة من المتغيرات الدولية والعربية وتحويل التحديات إلى فرص .
مؤكدين علي أهمية العمل على استعادة مكانة القضية الفلسطينية عربيا ودوليا وتفعيل كل الأدوات النضالية في مواجهة المخططات الإسرائيلية الاستعمارية، ومع توفير الدعم للفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة ، وتفعيل دور المؤسسات الفلسطينية في الدفاع عن الحقوق .
وطالب المشاركين بتجديد القيادات وتعزيز مشاركة الشباب والنساء وكافة القطاعات في مواقع صنع القرار ، وتفعيل دور الفلسطينيين في كافة التجمعات الفلسطينية .
وافتتح اللقاء صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية "حشد"، مرحباً بالضيوف، وأكد أهمية هذا اللقاء الذي يتناول المتغيرات الإقليمية والدولية وتداعياتها على القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن حجم التحديات والمخاطر الوطنية والإنسانية في تزايد ما يتطلب فحص كل الخيارات لحماية الحقوق الفلسطينية، وبناء مقاربات جديدة تضمن الحفاظ على القضية الفلسطينية، وتعزيز مكانتها على المستوى الدولي والعربي، وتساءل عن ماهية العمل المطلوب داخلياً وخارجياً لحماية الحقوق الفلسطينية.
وقال د. نبيل عمرو الكاتب ووزير الإعلام السابق وعضو المجلس المركزي:"القضية الفلسطينية من أصعب القضايا فلها بعد ديني، وجغرافي، وفكري وثقافي وسياسي ففيها تتجمع أبعاد متعددة يجعل من إمكانية إلغائها وتصفيتها أمراً مستحيلاً حتى لو جند من أجل ذلك قوى كبيرة وواسعة في العالم".
وتساءل كيف يمكن أن نخدم القضية الفلسطينية من أجل أن يصل الشعب الفلسطيني إلى حقوقه الأساسية، مؤكداً أن جزء خاص بالفلسطينيين يتحملون مسؤولية تدمير الوحدة الوطنية الفلسطينية وتراجع مكانة القضية الفلسطينية ، مؤكداً أن تحقيق واستعادة الوحدة مسؤولية فلسطينية بالمقام الأول، فالفلسطينيون قصروا وفعلوا أشياء كثيرة في قضية بديهية ما كان يجب أن تفعل، ففي السابق كانت الوحدة الوطنية الفلسطينية تكاد تكون مقدسة، رغم وجود معارضة، ولم يكن هناك قسمة جغرافية أو برامجية أو سياسية.
وأكد عمرو أن الوحدة الوطنية يجب أن تكون أعمق جذوراً وتقف على أرض صلبة، بالعكس لا يوجد شعب في الدنيا إلا ولديه اختلافات، لكن إذا الهدف إزاحة الاحتلال وعليه إجماع فلسطيني، فالطريق يجب التفاهم عليه، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يجب أن يخدم قضيته بصورة أفضل مما هو عليه الان، ونحن نتحمل الجزء الأهم من القضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن الخلاف بين الفصائل والاقتتال بينها ليس بالضرورة أن ينعكس على شعبنا، فالفصائل تعزل وتبعد نفسها رويداً رويداً، وهي خائفة من الانتخابات، ومن أن يقوم المواطن الفلسطيني يختار خيار أخر، ولذلك اتجهوا للحديث عن قائمة مشتركة بين فتح وحماس، وانتعشت الروح الوحدوية، ليس لإدراكهم أهميتها، وإنما خوفاً من أن الناخب الفلسطيني سيتجاوزهم بالانتخابات.
وأكد عمرو على ضرورة أن تقوم الوحدة الوطنية على برنامج واضح، وتفضيل المصلحة الوطنية على المصلحة الفصائلية، حتى الآن لا يوجد مؤشر أن هذا يتم، فكل مناطق العالم أدركت أهمية المصالحة الفلسطينية، ولم يبقى أحد لا يدرك أهميتها، وفقط الفلسطينيين هم غير مدركين لذلك.
بدوره أكد خالد البطش عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، بأن الشعب الفلسطيني بوجهة جملة من المخاطر تتطلب استراتيجية نضالية شاملة للتصدي لها ومن أجل رفع كلفة الاحتلال وترتيب البيت الداخلي مشيرا إلي أن الحركة ستحدد موقفها من المشاركة في الانتخابات الفلسطينية المقبلة أو عدمه ستُحدده بعد حوار الفصائل في العاصمة المصرية القاهرة
وأوضح البطش، أن المدخل الحقيقي للوحدة الفلسطينية هو بالتوافق على برنامج وطني ذات بعد سياسي حقيقي، لافتاً إلى أن الانتخابات ليست المدخل للوحدة بل هي وسيلة كان ينبغي أن تأتي تتوج للمصالحة .
وبين البطش، أن الانتخابات الفلسطينية هي أحد عناوين الإصلاح للنظام السياسي، لافتاً إلى أنه تم اختزال العناوين المطروحة في اجتماع الأمناء العامين للفصائل في سبتمبر الماضي في عنوان الانتخابات.
وطالب البطش، بتهيئة الأجواء قبيل إجراء الانتخابات، مطالباً بضرورة التخلص من اتفاق أوسلو والغاء الاعتراف بإسرائيل.
كما دعا البطش، إلى ضرورة إعادة العلاقات وتعزيزها مع القوى والأحزاب السياسية في الدول العربية والإسلامية وتعزيز التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية.
من جهته أوضح ، أحمد العطاونة مدير مركز رؤية للدراسات في اسطنبول، أن الانقسام الفلسطيني أضعف الحالة الوطنية بشكل عام، وجعل منها غير قادرة على مواجهة انتهاكات الاحتلال ضد شعبنا وحتى حماية الحقوق الوطنية.
وأكد العطاونة أنه كان الأولى فلسطينيًّا بحث موضوع البرنامج الوطني والاتفاق على استراتيجية جامعة تستثمر كل الطاقات الفلسطينية؛ لكن بكل أسف لم يستطع أحد أن يصل إلى ذلك.
وأضاف "الفصائل اخفقت في مناقشة البرنامج الوطني أولا وتوجهوا إلى الانتخابات مباشرةً؛ ومشيرا الي ان القائمة المشتركة ليست صيغة جيدة ديمقراطيًّا لأن من أسس الديمقراطية التعددية".
ودعا العطاونة لضرورة أن توفّر الأجواء الإيجابية للعملية الانتخابية، لضمان إجراء الانتخابات بمعايير ديمقراطية حقيقية، تؤسس إلي مرحلة انتقالية افضل .
وأكد العطاونة علي ضرورة تعزيز صمود الناس في فلسطين وتفعيل دور الشتات الفلسطيني في النضال الوطني وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس الشراكة.
وقال محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العربية بأراضي 48 :" إن هناك تغييب واضح للمشروع الوطني الفلسطيني، معربًا عن خشيته من أننا نتعامل مع الاحتلال كأمر واقع".
وأضاف بركة في كلمته: "للأسف ما نسعى إليه هو تبسيط هذه الأمور في ظل واقع الاحتلال، وما نراه اليوم هناك شبه هلع وخوف من بعض الفصائل الفلسطينية في الانتخابات القادمة عبر التقدم بقائمة مشتركة".
وأكد أن شعبنا أمام مرحلة فارقة تحتاج لتظافر جهود الكل الوطني الفلسطيني؛ كي يحسب الاحتلال والإدارة الامريكية لنا ألف حساب لضمان حماية الحقوق و الثوابت الفلسطينية.
وأشار إلى العقبات التي واجهت القائمة المشتركة في مناطق 48، مؤكداً أن هذا يعد تراجع عن تعزيز العمل المشترك لمواجهة القوانين والسياسات العنصرية التي تمارس بحق الفلسطينيين في مناطق 48 ، مع التأكيد على أهمية العمل والنضال الوطني الفلسطيني وتعزيز مقومات الصمود، واستعادة الوحدة وأهمية تجديد السياسات والمؤسسات لضمان قيامها بدورها، وتفعيل النضال الشعبي والقانوني والدبلوماسي لحماية الحقوق الوطنية.
بدوره، قال حسن خريشة نائب رئيس المجلس التشريعي، إن شعبنا للأسف لم يحظ بقيادات كفوء بحجم التضحيات، وحين تشكلت منظمة التحرير كانت للأسف نسخة من جامعة الدول العربية.
وشدد خريشة على أهمية نقض اعتراف منظمة التحرير بالاحتلال الإسرائيلي وتأييد حق العودة، مؤكدًا أن "الموقف المطلوب اليوم هو دعم شعبنا بكافة السبل المتاحة لعودته إلى أرضه ومقدساته".
وشدد على أن "العالم مطالب الاعتراف بحق شعبنا بالعودة لأرضه وحقوقه الوطنية، ومن هذا حق يمكن من خلاله الوصول إلى الحقوق التفصيلية بعد ذلك وليس العكس".
وأشار خريشة إلى أهمية فصل الواقع بين موقف الشعب العربي مع شعبنا وموقف الأنظمة؛ "العديد من الأنظمة ساهمت في بناء الكيان الإسرائيلي، للأسف بعضها تقيم علاقات استراتيجية معه".
من ناحيته، أوضح تيسير محيسن منسق شبكة المنظمات الأهلية بقطاع غزة وعضو المكتب السياسي لحزب الشعب، أن شعبنا بحاجة لانبعاث وطني جديد، مؤكدا أننا لسنا أمام خيارات عديدة.
وقال محيسن إن الخيار المهم هو تبني استراتيجية وطنية شاملة تضمن وجود مشروع وطني واحد وليس مشاريع سياسية متباينة متكاملة وليست متعارضة، والعمل على تعزيز وحماية الحقوق والحريات وترتيب البيت الداخلي وصيانة الهوية الوطنية الجامعة.
وأضاف: "نحن نرتكب جرائم وطنية بقطع الرواتب والاعتقال السياسي وقمع الحريات، ولا يمكن التعويل على الانتخابات وحدها للنهوض بالواقع الفلسطيني وإنهاء الانقسام"
وبيّن محيسن أن المتغيرات من حولنا تحمل تهديدات خطيرة، يجب أن نحول هذه التهديدات لفرص ونستطيع أن نتكيف معها؛ مؤكداً أن هناك تهديد واضح للمشروع الفلسطيني إذ أن صفقة القرن لا تزال قائمة ولو من خلال مداخل متعددة و إسقاطها وإسقاط الحلول التصفوية يتطلب وحدة الفلسطينيين في الداخل والشتات وإعادة تفعيل التمثيل الوطني ضمن منظمة التحرير الفلسطينية، والتعلم من التجارب السابقة ولتجاوز السلبيات ولقد أوضحت جائحة كورونا وتعاملنا معها ضعف الأداء العام، وأداء المؤسسات، وأن الانقسام لايزال يضعف القدرات الفلسطينية في كل المجالات، الأمر الذي يتطلب تدارك هذا الواقع عبر عملية تغيير تعزز من المشاركة السياسية وتضمن إعادة ابتعاث قدرات الفلسطينيين لمواجهة التحديات والمخاطر، مؤكدا أهمية أن يمتلك الفلسطينيين رؤية وطنية ومجتمعية جامعة، وتفعيل كل مسارات النضال الوطني لحماية الحقوق الفلسطينية وتقديم صورة إيجابية في إدارة الشأن العام .
بدوره أكد المحامي علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في مصر، على ضرورة توفير استراتيجية فلسطينية تستفيد من المتغيرات الدولية لتنشيط حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني، وتفعيل آليات محاسبة الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة الجنايات الدولية.
وشدد على أهمية تحقيق الوحدة الفلسطينية، وإجراء المصالحة، منوهاً أن الانتخابات الفلسطينية وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، مطالبا الكل الفلسطيني بالارتقاء لمستوى عدالة القضية والعمل على تفعيل الأداء الفلسطيني في كافة المجالات وتعظيم الاشتباك الشعبي والقانوني والدبلوماسي لرفع كلفة الاحتلال وضمان إعادة مكانة القضية الفلسطينية وحماية الحقوق الفلسطينية.