- بقلم: د. أماني القرم
ترامب لن يعود..أعتقد أن هذه هي النتيجة التي توصل اليها نتنياهو بعد خطاب بايدن في معقل الدبلوماسية الامريكية والذي تحدث فيه عن ملامح سياسته الخارجية ..لا أقصد بالطبع ترامب بشخصه وإنما سياساته . وكل ما يفعله ويقوله بايدن هو انقلاب على سياسة سلفه، فأول زيارة رئاسية لأول مؤسسة حكومية كانت لوزارة الخارجية دلالة على وزن العلاقات الخارجية في سياسات الإدارة الجديدة وأيضاً لإظهار الدعم لموظفي الخارجية الذين تعرضوا للتهكم والاستخفاف في ظل العهد السابق.
ما لم يقله بايدن في الخطاب هو المهم وليس ما قاله.. ذكر الحلفاء والمنافسين: السعودية والحرب في اليمن، الصين وتحدياتها التجارية، روسيا واستبدادها، ميانمار وانقلابها، دعم حقوق الانسان واللاجئين وجميعه تحت عنوان كبير الدبلوماسية الامريكية العائدة الى العالم. وببساطة لم يذكر اسرائيل! أمر مقلق لرئيس وزرائها.. ليس لأنها لن تحصل على الدعم المعتاد من الولايات المتحدة فهذا من الثوابت في السياسة الخارجية الأمريكية، إنما المشكلة تكمن في مراجعة الشيك على بياض الذي أُعطي له على مدار أربع سنوات سابقة.. الرسالة موجهة لنتنياهو تحديداً الذي لم يتلق حتى اللحظة مكالمة من الساكن الجديد في البيت الأبيض .
إشارات عديدة تحمل معنى واحداً.. التجاهل وربما العقاب . نتنياهو الذي استغرق 12 ساعة لتهنئة بايدن بالفوز بالرئاسة في تغريدة على تويتر معلّلاً تأخره بانتظار النتيجة الرسمية، كان في حالة إنكار وربما انتظار حدوث أمر ما أو قلب نتيجة الانتخابات لصالح حليفه الشخصي ترامب، حيث أعقب تهنئته بتغريدة أخرى شكر فيها ترامب بحرارة على دعمه اللامحدود لإسرائيل. في حين أن وزيريه للخارجية والدفاع غانتس واشكنازي كانا قد سبقاه في التهنئة بساعات . هذا رغم أن اسرائيل لطالما اعتبرت بايدن رجلها في البيت الابيض في سنوات أوباما. ووصفته بالشجاع والشرطي الطيب ورجل الاطفاء للخلافات بين أوباما ونتنياهو لكن من الواضح أن علاقة نتنياهو بأعضاء الحزب الديمقراطي قد تدهورت أيضاً.
نتنياهو فقد أباه الروحي داخليًّا وخارجيًّا. فخلال السنوات السابقة تمكن من إقناع العالم أن من يريد دخول بوابة البيت الأبيض عليه أن يدخل بوابته أولاً! أعتقد بعد هذا التجاهل لا يمكن التسليم بهذه الفرضية . ربما لو أن هناك رئيس وزراء آخر لإسرائيل لاختلف الأمر ..
ومن المفارقة أن يأتي خطاب بايدن ساعات قبل قرار المحكمة الجنائية الدولية أن يشمل اختصاصها القضائي الأراضي الفلسطينية، وقد كان رد فعل الولايات المتحدة الاعتراض على القرار والقلق العميق جرائه على لسان المتحدث باسم خارجيتها نيد برايس.. في السابق أيام ترامب تم إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن عقابا للفلسطينيين لإصرارهم مواصلة العمل مع المحكمة التي واجهت إرهابا متواصلا من مسئولين كبار في الادارة السابقة ، فقد وصفها مايك بومبيو بأنها "المارقة التي تسمى محكمة" وأطلق تهديدات شخصية ضد اثنين من أعضائها ذكرهم بالاسم . كما أعلن جون بولتون أن واشنطن لن تتعامل مع المحكمة وستموت من تلقاء نفسها! بل وتم إلغاء تأشيرة للمدعي العام للمحكمة من دخول الولايات المتحدة!
آمل أن العربدة والديكتاتورية العالمية التي كانت سائدة في عصر ترامب البائد قد ذهبت الى غير رجعة كما آمل أن نستفيد كفلسطينيين من مساحة الوقت والحركة التي أعطتنا إياها إدارة بايدن..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت