مقدمة لمخيم جنين

بقلم: أوس أبوعطا

أوس أبوعطا
  •  أوس أبوعطا

لونُ الوردة جرحٌ

جرحٌ يُصبح

جرحٌ يُمسي

جرحٌ يمشي ..

جرحٌ يهذي بين القاتل والقتيل.

ينبش الأرض ويرسمها مقبرة،

يخزّن الأوجاع

ويكدسها في أكياس التراب

ينشدها في ساعاتِ الظهيرةِ الكسلى.

 

كان فتىً

ينحتُ نهد حبيبته رمانةً تشيكية،

يحفرُ قبح الثرى

ويستنبط المخيم،

يرفعه علماً

فوق القصور والفيالق،

علماٌ متغطرساٌ

لا تقربه الأساطير المدللة.

 

 

 

لون الوردةِ جرحٌ

أيستيقظ الأدباء من على أوراقهم الشبقة

ويتتبعون الحلم بين الحبيس والذبيح؟!

كان الهلال سكرانًا

يترعُ من مستنقع الكسل،

من رحيق البيوت

المتكسرة المعتصرة تحت براميل البارود.

كان طفلا يتيما أمه ثكلى

يُعلي القرح سامقاٌ

يرفلُ في كفنهِ

وتتبختر شقيقته بثوبها المعتم.

 

قصاصات التاريخ

تعنيهم لا تعنيك،

أنت تراكم العام تلو العام

حتى ينحني ظهر الزمن

ينكسر ظهر المحن

ويعتلي اليتيم مطايا كوابيسهم .

 

جيمٌ، سيفٌ مشهورٌ في العزاء

جنازةُ جبلٍ.

نونٌ، زوجةٌ يتطاول ذراعيها في الدعاء

نسر اللجوء.

ياءٌ، بجعةٌ تسبح في بحيرة البركان

ياسمين النعاس.

نونٌ، قدرٌ يغلي كقلوب الرجال

خاتمة النشيد ومحاذاة القلق.

أرشديني أيتها الأزقة الطويلة

كأيامِ الأسرِ

لمَ أنا سالٍ

وكيف أعبر نافذة الأبجدية الهزيلة؟!

 

تنقرُ العصافير حروقكِ الرطبة

أيا فيء فلسطين..

لم أك مؤمنا

حتى رأيت بأم يقيني

كيف تستحم شقائق النعمان في جرحك.

يا من تنزلت الصواريخ والملائكة

في بيوتكم

أتفضلون طعم الملح

أم طعم الماء بعد النزيف؟!

 

كان غضبا يرجّ المخيم الجبار

يترك الموتى بلا دثار

فيمر سهمٌ ناحلٌ

يضع على العتباتِ حليب الأطفال والرصاص.

 

 

 

أكان لهم ترفاٌ

أن يسربلهم مخيم

ليدركوا عدد المعارك والنكسات.

 

أكان لهم ترفاٌ

أن يشهدوا عيدا وتخمة

بعدما لبثت الآلام والأسقام في أبدانهم  دهرا.

 

ألا لو هبطت قذيفة

على مخدعك

هل كنت ستدرك

أيهما الواحة وأيهما السراب؟

حتى إذا لبست الأرض جروحها

وخمن العداة أنهم

سيدركونها

 أستدرك

أيهما الوطن وأيهما المهجر؟

أيهما النبع وأيهما المحجر؟

يوم تنحسرون جميعا

تحت السقيفة

 أستدركون

ما نزل بنا من سنين؟

 

 

وحده الترابُ شهيد

على مانزفنا

وحدها السماء السابعة شهيدة

على ما صرخنا في البيات.

 

ثم قيل لنا

أجزيتم ما أهدرتم؟

أيا ترف نمش الدم على الخدود

أيا ترف الحرية ورفاهية الزرد

" أذكر حين نهرتني أمي

لأنني جرحت يدي

تراب حيفا يا بني أولى بدمك

لا بلاط المطابخ".

وحدك يا أنت

اطمئن ستظل أنت ونطافك اللائذة في جسدك.

لكل غزاةٍ أجل

وعنها سيرحلون.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت