- عمر حلمي الغول
تشهد الساحة الفلسطينية داخل الخط الأخضر إنحرافات متزايدة في اوساط النخب السياسية والإجتماعية تتجاوز كل المراحل السابقة من تاريخ وجود دولة الإستعمار الإسرائيلية قبل 72 عاما، والصراع العربي الصهيوني. ويعود هذا التآكل التراكمي الكمي في جدار البنية الوطنية والمجتمعية الفلسطينية لعمق الأزمة السياسية والثقافية والأخلاقية، التي يعيشها ابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة. والمفارقة الملفتة للنظر، ان إنكشاف الوجوه السافر الشخصي والحزبي في الوسط الفلسطيني، والغرق في مستنقع القوى الإستعمارية الصهيونية، انه كلما اوغل قادة واحزاب وقضاة واجهزة الدولة الإسرائيلية في عنصريتهم، وفي تحريضهم المتصاعد على كراهية الفلسطينيين العرب، وعلى إستباحة امنهم وحرياتهم، وعلى الحد الأدنى من حقوقهم الإنسانية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية والقانونية والثقافية، كلما اتسعت دائرة الإرتماء في احضان القوى الأكثر تطرفا في الاوساط الصهيونية. وهذا يعود لإكثر من سبب، منها أولا نتاج قدرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على إختراق بعض الشخصيات والنخب والقوى الحزبية الفلسطينية؛ ثانيا وقوف تلك الأجهزة الصهيونية وراء نشوء ودعم تلك القوى لتعميق عملية الإنقسام داخل الصف الوطني الفلسطيني؛ ثالثا إتساع وإزدياد دائرة التناقضات الشخصية والجهوية والحزبية وعلى مستوى المجالس القطرية في الأوساط الفلسطينية، والتي وقفت خلفها الدولة الصهيونية بمختلف مكوناتها، بالإضافة لواقع وتركيبة البنية الإجتماعية والثقافية الفلسطينية الابوية البطريركية؛ رابعا تغليب التناقضات الثانوية على حساب التناقضات القومية والطبقية الإجتماعية؛ خامسا ارتباطها العميق بالأزمة الفلسطينية العامة، وبالتحولات السلبية في بنية النظام الرسمي العربي، وإنكفاء وغياب القوى القومية والديمقراطية العربية.
وبالعودة للتفاصيل ذات الصلة، خرج علي سَّلام، رئيس بلدية الناصرة يوم الخميس الماضي الموافق 11/2/2021 ليعلن، انه لا يرى خيارا "أحسن" للأقلية العربية، التي تمثل 21% من سكان إسرائيل من رئيس الوزراء المحافظ، بنيامين نتنياهو." وأضاف في لقاء مع "رويترز" " بيبي، إذا بتسألني، أحسن واحد يكمل كمان خمس سنين." وتابع يقول " نحكي بصراحة ووضوح: زمن بيبي أحسن وضع إقتصادي، وتحسن ملحوظ بالوسط العربي." وأضاف ابو ماهر " انه يعتزم التصويت للقائمة العربية الموحدة" برئاسة منصور عباس المنشقة عن القائمة المشتركة. وكان سَّلام إستقبل للمرة الأولى رئيس الوزراء الفاسد في الثالث عشر من كانون ثاني، يناير الماضي (2021) في أكبر مدينة فلسطينية في داخل الداخل، رغم رفض القوى والأحزاب ونواب القائمة المشتركة والنخب الفلسطينية للزيارة المشؤومة، متحديا المظاهرة الجماهيرية الضخمة. ويأتي ذلك عشية الإنتخابات ال24 للكنيست المقرة في ال23 من اذار / مارس القادم.
وبالتوقف امام جادة السؤال لرئيس بلدية الناصرة، اين هو التحسن الإقتصادي والمعيشي في الوسط الفلسطيني العربي؟ وما هي دلالاته؟ أليست الجماهير الفلسطينية في اسفل السلم الإجتماعي والإقتصادي داخل الدولة الإسرائيلية؟ اين هي الخرائط الهيكيلية للمدن والبلدات الفلسطينية؟ أين الموازنات للمجالس القطرية الفلسطينية؟ واين الحقوق السياسية والقانونية والمطلبية للجماهير الفلسطينية من حكومات نتنياهو المتعاقبة، وكل حكومات الدولة الصهيونية؟ اين الجماهير ومصالحها من قانون "كامينتس"؟ ومن وقف وراء قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" الأكثر بشاعة وعنصرية ضد الجماهير الفلسطينية العربية بمختلف دياناتهم وطوائفهم ومذاهبهم؟ ومن يقف وراء جرائم القتل شبه اليومية في اوساط الجماهير الفلسطينية، والتي كان آخرها في الناصرة؟ وهل الإختلاف مع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة يملي عليك الوقوع في حبائل صاحبك بيبي الأكثر تطرفا وعنصرية؟ ولماذا؟ وعلى اي اساس؟ وما هي الحكمة؟ هل بتصفية الحسابات الشخصية والعنتريات غير المسؤولة تعالج الخلافات البينية بينك وبين الجبهة والتجمع وحركة التغيير، أم بالحوار المسؤول، وبتغليب المصالح العليا على الحسابات الشخصية؟ وما هي ميزات بيبي المتهم بقضايا الفساد؟ ... إلخ من الأسئلة الشخصية والجمعية.
ما هكذا تورد الإبل علي سَّلام، أخطأت بحق نفسك، وبحق جماهير الناصرة، التي دعمتك، وبحق كل الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة في الساحل، وبحق ضحايا جرائم القتل في الوسط الفلسطيني العربي، وجانبت الصواب. وتجاوزت كل المعايير السياسية والقانونية والثقافية والمطلبية. ومع ذلك مازالت امامك الفرصة لمراجعة الذات، والعودة لجادة الصواب. فهل ترتقي لمستوى المسؤولية قبل فوات الآوان؟ الكرة في ملعبك. فكر قبل فوات الآوان.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت