- عمر حلمي الغول
أخيرا بعد منافسة محتدمة بين عدد من قضاة المحكمة الجنائية الدولية تمكن البريطاني كريم خان (50 عاما) من التغلب على منافسيه: الإيرلندي فيرغال غانيور، والإيطالي فرانشيسكو لو فوي، والأسباني كارلوس كاستريسانا يوم الجمعة الماضي الموافق 12/2/2021. ويعتبر خان الأكثر قبولا إسرائيليا وأميركيا من القضاة الآخرين، وهذا ما عكسته تصريحات ممثلوالحكومة الإسرائيلية.
ورغم الترحيب المعلن من قبل دولة الإستعمار الصهيونية، الإ ان المسؤولين الإسرائيليين مازالوا غير مطمئنين، و"الفار يلعب في عبهم" ووفق عدد من المصادر الإعلامية الإسرائيلية، فإن هناك حالة من الترقب، والحذر مما يحمله رئيس المحكمة الجنائية الدولية الجديد، الذي سيتولى مهامه في أعقاب ترك القاضية القديرة والشجاعة، فاتو بنسودا في حزيران/ يونيو القادم. لذا توزعت المواقف من المحكمة الدولية في اتجاهين، الأول ينادي بمواصلة الحملة والهجوم عليها، والثاني يدعو لإنتهاج سياسة الحوار الهادىء، وغير مباشر مع المدعي العام الجديد لسبر أغواره، والوقوف على توجهاته قبل تحديد الموقف النهائي.
ووفق ما نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مسؤولين إسرائيليين، أن "التحليلات التي تم نشرها، وتدعي أن إختيار خان مناسب لإسرائيل، كانت "ممتصة من أطراف الأصبع"، ولا اساس لها من الصحة، وتفتقر إلى مرساة واقعية. وحقيقة أن الآخرين كانوا اسوأ منه، لا تعني أن الخيار جيد." وأضافوا، ان السؤال: هو ما إذا كان المدعي العام الجديد سيواصل دهورة المؤسسة، التي يرأسها، كما فعلت بنسودا، ويحاول إسباغ صفة الجريمة على الصراع القائم على اساس سياسي، أو استخلاص الدروس، وفهم العواقب المدمرة نتيجة هذا الخطر على المحكمة الجنائية الدولية."
ما يلاحظ آنفا، ان المسؤولين الإسرائيليين شعروا، انهم تسرعوا في الإندفاع بالترحيب بالمدعي العام الجديد، وهو ما سينفر العالم عموما منه، والفلسطينيون وغيرهم من الشعوب ذات الصلة بجرائم الحرب خصوصا. اضف إلى ان وصوله للموقع الجديد سيكون محط تشكيك بنزاهة عملية التصويت. لا سيما وان عملية التصويت نقلت للأمم المتحدة، ولم تبق في المحكمة وفق ما جرى في الجولات السابقة. كما ان الفارق بينه وبين القاضي الإيرلندي فيرغال بسيط،. وما يثير الشبهة على التدخل الأميركي والإسرائيلي والبريطاني ومن لف لفهم، هو مواقفهم التي عبروا عنها بعدما تبنت المدعية العامة بنسودا فتح تحقيق في جرائم الحرب ضد القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين. وهذا ما عادوا لإثارته بعد إنتخاب خان، عندما أكدوا، أن "المشكلة تكمن في الخشية من وصم إسرائيل بالفاشية والنازية اسوة باليابانيين والألمان، او تشبيههم ب"رواندا"، التي شهدت ابادة جماعية." وهو ما يعزز الإعتقاد السائد في بعض الأوساط الدولية والإقليمية والفلسطينية بوضع علامة سؤال على نزاهة الإنتخابات في اختيار المدعي الجديد.
واي كانت الملاحظات على وصول المدعي العام للجنائية الدولية الجديد، كريم خان، وخلفيات المواقف الإسرائيلية والأميركية والبريطانية ومن لف لفهم، فإن الضرورة تتطلب الترحيب بالرجل، والتعامل معه بايجابية، وتهنئته بالفوز، وتحفيزه لتمثل دوره القضائي المطلوب منه، في حماية شعوب الأرض من جرائم الحرب، ومحاكمة مجرمي الحرب وفق معايير القانون الدولي، وبشكل مسؤول، وعدم تسييس المحكمة. مع ان العملية القانونية في جرائم الحرب، هي بالضرورة ذات خلفية سياسية شاء القاضي ام لم يشأ. والقضية الفلسطينية، التي سيتابع التحقيق فيها، ان بادرت القاضية بنسودا لفتح التحقيق بها بعد إقرار الدائرة التمهيدية بولاية المحكمة الجنائية على فلسطين، او ان كان هو مضطرا لفتح التحقيق بعد توليه مسؤولياته، لا تحتاج إلآ إلى ارتقاء خان لمستوى المسؤولية وتمثل الدور المنوط به لإنصاف ابناء الشعب الفلسطيني من القتلة مجرمي الحرب الصهاينة ووفق المعايير القانونية، وبالأدلة والوثائق الدامغة على تأكيد جرائم حرب الإبادة العنصرية والفاشية الصهيونية، والتي فاقت جرائم حرب النازيين والفاشيين في المانيا وايطاليا واليابان. ولا يريد الفلسطينيون إنحيازا، او تساوقا مع رغباتهم، وانما انصافهم بشكل موضوعي وعادل وشجاع.
وإذا كانت القاضية بنسودا تحرص على إكمال مهمتها القضائية في جرائم الحرب الإسرائيلية، تملي الضرورة عليها المبادرة لفتح التحقيق، وتمهيد الأرضية للمدعي العام الجديد، للإستفادة من الوقت. لا سيما وان التأخير لن يعفيها من مواصلة الحملة الإسرائيلية الجبانة، ولن يرفع عنها عقوبات الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب. وهي الأجدر بفتح الملف الفلسطيني، لإنها أحاطت به جيدا.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت