إدارة بايدن وشروط دعم الأونروا

بقلم: علي هويدي

علي هويدي
  • علي هويدي*

لا تزال تصريحات مسؤولين في الإدارة الأمريكية الجديدة تتضمن مؤشرات على استئناف الدعم الأمريكي لوكالة "الأونروا"، ولم تصل - حتى الآن - إلى مستوى الإعلان الرسمي عن استئناف الدعم كما حدث مثلاً مع كندا التي أوقفت دعمها المالي للأونروا في العام 2012 وعادت وأعلنت وبشكل رسمي عن استناف دعمها في العام 2016، وعلى اعتبار أن ليس هناك من وجبات ساخنة تقدمها الدول المانحة للوكالة، وأمريكا ليس اسثناء فلا شك أن ثمّة شروط لهذا الدعم.

لاعتبارات سياسية بالدرجة الأولى ومنذ العام 2018 أوقفت إدارة الرئيس السابق ترامب مساهمتها المالية (359 مليون دولار) كانت تمثل أكبر مموّل للأونروا يمثل حوالي ثلث الميزانية العامة، واشترطت إدارة ترامب العودة إلى المفاوضات بين الكيان المحتل والسلطة الفلسطينية؛ ففي مطلع العام 2018 قالت سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيلي - وفي عملية مقايضة وإبتزاز سياسي - بأن إدارتها "ستوقف الدعم المالي الذي تقدمه للأونروا، إذا لم تعد السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل".

في أكثر من مناسبة تحدث مسؤولين في وكالة "الأونروا" ومن قبل أن يتم تنصيب بايدن رئيساً بأن هناك حوار يجري مع إدارة الديموقراطيين، وبأن هناك مؤشرات إيجابية لاستئناف الدعم المالي للوكالة. تصريحات مشابهة تكررت على لسان مسؤولين في الوكالة أيضاً بعد تنصيب بايدن بشكل رسمي في 20 كانون الثاني/يناير 2021، وبأنه لا يُعرف متى سيبدأ الدعم أو حقيقة الدعم..

كل الذي جرى حتى الآن بأن "إدارة جو بايدن تعتزم استئناف تقديم مساعدات للفلسطينيين وإعادة البعثات الدبلوماسية" ولم يجر أي تفسير لطبيعة هذه المساعدات وكيف ومتى سيحصل عليها الشعب الفلسطيني.

السببان الرئيسيان لقطع السلطة الفلسطينية علاقتها مع إدارة ترامب كانا الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة الكيان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس كجزء من ما يسمى بـ "صفقة القرن"، وبالتالي أوقفت السلطة المفاوضات مع الكيان المحتل ولم تعد الإدارة الأمريكية وسيطاً بين الطرفين، وهما السببان اللذان لم تتخل عنهما إدارة بايدن، إذ قال وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكين، بأنه "لن يلغي اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل أو يعيد السفارة الأمريكية إلى تل ابيب".

في المقابل حدد القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز النهج الأمريكي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال عشرة بنود طرحها أمام مجلس الأمن في 27 يناير 2021، ومن ضمنها بأن "الولايات المتحدة ستواصل سياستها طويلة الأمد المتمثلة في معارضة القرارات أحادية الجانب والإجراءات الأخرى في الهيئات الدولية التي تتناول إسرائيل بشكل غير عادل" (البند العاشر)، مع وضع خطين تحت "الهيئات الدولية" على اعتبار أن هناك حملات يقودها الإحتلال تستهدف الوكالة إنطلاقا من هذه الفبركات والأكاذيب، فكما أن هناك من يحاول إقناع إدارة بايدن باستئناف الدعم الأمريكي للوكالة، في المقابل هناك من يحاول العكس تماماً، فقد أشارت صحيفة القدس العربي في 20 كانون الأول/ديسمبر 2020 بأن السفير "الإسرائيلي" السابق لدى الأمم المتحدة رون بروسور قد طلب من إدارة بايدن عدم الإنضمام مرة أخرى إلى هيئتين تابعتين للأمم المتحدة تتعاملان مع قضايا حقوق الإنسان وهما اليونسكو ومجلس حقوق الإنسان، كما حذره من تمويل الأونروا لأنها تديم الصراع وتورث صفة اللاجئ، وبان هذا يعتبر نوعاً من التحريض"، وحملة "لا حق للأونروا في الوجود" التي يقودها السفير الجديد للكيان المحتل في الأمم المتحدة لا تزال مستمرة..

في ظل الأزمة المالية المستفحلة والمستمرة التي تعاني منها "الأونروا" والتأخير في الإعلان الرسمي عن الدعم الذي يمكن أن تقدمه إدارة بايدن للوكالة، يُعطي انطباعا بأن هناك شروطا لهذا الدعم، ولطالما كانت الرؤية الأمريكية الإستراتيجية موحدة تجاه الكيان المحتل، سواء من قبل الجمهوريين أو الديموقراطيين، فلا ننتظر استئناف دعم "الأونروا" دون شروط استراتيجية تصب في مصلحة الكيان أولاً.

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

الإثنين 22/2/2021

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت