- عمر حلمي الغول
في ظل الأزمة التي شهدتها الساحة الفلسطينية في مناطق ال48 بين مركبات القائمة المشتركة، والتي أدت مؤخرا لإنفكاك الحركة الإسلامية الجنوبية بزعامة منصور عباس عنها، وتراجع نسبة الحضور والثقة بين الجماهير الفلسطينية والنخب الحزبية والسياسية، بادر اعضاء الحزب الديمقراطي العربي، الذي يرأسه النائب السابق طلب الصانع بتشكيل قائمة جديدة باسم "معا" يرأسها عضو الحزب، محمد دراوشة، وحسب القائمين عليها هدفت القائمة لإقامة جسر فلسطيني إسرائيلي لخوض الإنتخابات، لكن محاولتها باءت بالفشل.
المهم في مسعاه لتبرير موقفه من الإلتزام بقانون "القومية الأساس للدولة اليهودية"، وموقف كتلته الإنتخابية "معا"، رد محمد دراوشة على موقعه عبر منصات التواصل الإجتماعي يوم الأربعاء الموافق 17/2/2021، على القوى الفلسطينية، التي لامته على عدم تبرؤه من القانون العنصري، بالقول "يحاولون إيقاعنا بمصيدة قضائية حول قضية تعريف الدولة، رغبة منهم بالغاء ترشح حزب "معا لعهد جديد" للكنيست." وتابع بطريقة للاسف فيها عدم دقة، وغياب الفطنة والنضج في إدارة الحوار مع الآخر، فقال "نحن "اذكى" منهم. نص القانون واضح (بند 7 (أ) لقانون – اساس: الكنيست يشير، بين أمور كثيرة، " لا تشارك في انتخابات الكنيست قائمة مرشحين، ولا يمكن لشخص مرشح في انتخابات الكنيست، إذا كان باهدافها أو بافعالها أو افعال الشخص، بما يشمل تفوهاته، حسب الموضوع، بشكل صريح أو بما معناه، احد هذة : سلب وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية."
واضاف دراوشة في ذرائعية تسطيحية لمنطقه الخاطىء، فقال " إضافة لذلك بند 15 (أ) لقانون الأساس يلزم كل عضو كنيست بتصريح الولاء لدولة إسرائيل حسب النص التالي: "أنا ألتزم بحفظ الولاء لدولة إسرائيل، وأن انفذ بإيمان رسالتي في الكنيست." وتابع بذات السياق ليدعم موقفه المتبني ل"لقانون الأساس"، وحاجج حتى الصحفي الصهيوني، عمييت سيجال، الذي اعتبره من صحفيي البلاط عند نتنياهو، مفترضا ان الجميع يريدون زجه فيما لا يريد. بتعبير آخر، موقف دراوشه وحزبه أو قائمته "معا" الدفاع عن الإلتزام بالقانون الأساس، مما اوقعه في المحذور السياسي والقانوني، لإن ذكاءه خانه في مرافعته البائسة عن موقفه، لإكثر من إعتبار، اولا هناك فرق شاسع بين التعامل المرن مع قوانين دولة الإستعمار الإسرائيلية، وهي في جلها قوانين عنصرية، ويقف على رأسها ما يسمى بقانون "القومية الأساس"، وبين الدفاع عن ذلك بشكل متهافت، وبطريقة ملفتة تفتقد للذكاء. لا سيما وان هناك قطاعات واسعة من القوى الصهيونية ترفض القانون، وتطالب بشطبه، أو تغييره، وليس فقط قوى المشتركة أو غيرها من النخب؛ ثانيا الم يكن بإمكانك وانت تدافع عن تسجيل حزبك او قائمتك، ان تقرن الإلتزام بالقوانين الجائرة والعنصرية، بالتأكيد على رفضها، لإنها تهضم، وتشطب وتغتصب الحقوق السياسية والقانونية والإجتماعية والثقافية للجماهير الفلسطينية العربية "الأقلية الفلسطينية"، كما تصفون انفسكم في الدولة الصهيونية، وحتى تنتهك حقوق "اليهود الصهاينة الشرقيين عموما، والأثيوبيين (الفلاشا) خصوصا؛ ثالثا ايضا خانه الذكاء في حوار الآخر الفلسطيني او الرافض لقانون الأساس، وتعبير "نحن اذكى" منهم، فيه فقر حال في إدارة الحوار. لإن الذكي، ليس مطلوبا منه إدعاء الذكاء، وانما يمكنه الدفاع عن نفسه بطريقة لبقة لإيصال فكرته للآخر، ليكرس ذكاءه بالحجة المسؤولة والواعية والراشدة؛ رابعا خوض معركة الإنتخابات ليست لمجرد حساب بسيط، يقوم على الإعتبار الذاتي، اي تمويل الحزب، انما الأساس فيها خوض معركة الدفاع عن البرنامج والرؤية السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والقانونية وعلى كل زاوية ومفصل في المجتمع،بعيدا عن الحسابات الضيقة؛ خامسا كل احزاب وقوى المشتركة الحالية وغيرها من القوى في الوسط الفلسطيني من الجليل حتى النقب مرورا بالمثلث ومدن الساحل المختلطة هاجمت بقوة، ودون تردد قانون العار والعنصرية الفاشي، ولم تهادن، ولم تضع رأسها في الرمل، ولم ترفع الراية البيضاء حتى لو كانت مواقف بعضها ذات خلفية شكلية.
رئيس قائمة "معا" للاسف ينطبق عليه المثل الشعبي القائل "من اول رعياته كسر عصاته"، ورفع الراية البيضاء أمام تغول الدولة الصهيونية وقوى اليمين المتطرفة بذريعة تذاكيه المحبط، والذي إنعكس سلبا على شخصه، وعلى تقديم نفسه بالطريقة المناسبة أمام الجماهير الفلسطينية في داخل الداخل، وحيثما تواجدوا. آمل من السيد دراوشة ان يعيد حساباته، ويعود لجادة الصواب ومصالحه الشخصية والحزبية والوطنية والمجتمعية، لإن خطابه ومنطقه جانب الصواب. الكرة في مرماه لمراجعة الذات.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت