تتطلع السلطة الفلسطينية إلى إعادة "الزخم" للمساعدات الدولية لموازنتها في ظل مواجهتها أزمة غير مسبوقة وانكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 11.5 في المئة.
وعقد مساء الثلاثاء، اجتماع الدول المانحة (AHLC) برئاسة النرويج وبمشاركة دول عربية وأوروبية، إضافة للبنك وصندوق النقد الدوليين، والولايات المتحدة الأمريكية عضوا.
وشاركت الولايات المتحدة في الاجتماع لأول مرة منذ وقفها المساعدات للشعب الفلسطيني في عام 2018.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في كلمة خلال الاجتماع عبر الانترنت، إن مرض فيروس كورونا الجديد كان له تأثيرا اقتصاديا خطيرا وانكمش الاقتصاد بنسبة 11.5 في المائة خلال عام 2020 وهو أحد أكبر الانكماشات السنوية منذ إنشاء السلطة الفلسطينية.
وذكر اشتية بحسب بيان صدر عن مكتبه، أن حكومته "اتخذت إجراءات صارمة للسيطرة على الانفاق وزيادة الإيرادات لخفض عجز الميزانية، لكن العواقب الاقتصادية لكورونا أضرت بإيراداتنا بشدة".
وأضاف، أن أكثر من ثلاثة أرباع العائدات الضريبية ليست تحت السيطرة الفلسطينية وتستمر إسرائيل في "التلاعب بضريبة القيمة المضافة الخاصة بنا واستخدامها لابتزاز الحكومة الفلسطينية".
وطالب اشتية، المجتمع الدولي بالعمل مع الحكومة الفلسطينية "لبناء قدرتها على زيادة الإيرادات الخاصة بنا، ولضمان التحويل التلقائي والمستقر لإيرادات المقاصة".
وأعلن أن الحكومة الفلسطينية بالتعاون مع الشركاء الدوليين ستطلق قريبا برنامجا بقرابة 50 مليون دولار لحماية سبل عيش الأسرة وتحفيز الانتعاش الاقتصادي.
واعتبر أن دعم ميزانية المانحين "أمرا حيويًا للحفاظ على الخدمات الحيوية بسبب القيود المفروضة على قدرتنا على تطوير الإمكانات الاقتصادية الكاملة لاقتصادنا".
بدوره دعا وزير المالية والتخطيط الفلسطيني شكري بشارة خلال الاجتماع إلى "إعادة الزخم للمساعدات المالية الدولية للموازنة بمتوسط 800 مليون إلى مليار دولار سنويا، كما كانت عام 2013".
وذكر بشارة، أن حجم المساعدات الدولية للموازنة الفلسطينية في 2020 لم يتجاوز مبلغ 350 مليون دولار.
وقال "خلال 2020 انكمش الاقتصاد بنسبة 11.5 في المائة، وتراجعت المنح المالية بنسبة 33 في المائة عن العام 2019، وتراجعت كافة إيراداتها بنسبة 20 في المائة نتيجة التحديات التي فرضتها أزمة كورونا".
ووفق بشارة بلغ عجز الميزانية الفلسطينية 9.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، بينما بلغ الدين العام المحلي إلى 15 في المائة، ارتفاعا من 13 في المائة في 2019.
وشكل استلام الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية مهامها مؤشرا إيجابيا لدى السلطة الفلسطينية لزيادة دعمها ماليا بعد أن أوقفت واشنطن كامل مساعداتها قبل ثلاثة أعوام.
وبهذا الصدد أعرب رئيس وحدة الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الفلسطينية أحمد العزم، عن أمله بتحسن الدعم الدولي والعربي العام الجاري بعد أن شهد تراجعا كبيرا الأعوام الماضية.
وقال العزم لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن مشاركة الإدارة الأمريكية الجديدة في اجتماع الدول المانحة "مؤشر على عودة واشنطن للأطر الدولية"، مشيرا إلى الحديث الأمريكي عن عودة المساعدات للسلطة الفلسطينية.
وأعلن العزم، أن الجانب الفلسطيني أجرى اتصالات هاتفية رسمية مع إدارة الرئيس جو بايدن بعد قطيعة استمرت أكثر من ثلاثة أعوام مع الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب.
وقاطعت السلطة الفلسطينية الإدارة الأمريكية السابقة منذ نهاية عام 2017 إثر إعلان دونالد ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ورفضت مسبقا خطة واشنطن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وسبق أن قررت إدارة ترامب وقف مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية ومشاريع في الضفة الغربية وقطاع غزة تبلغ 500 مليون دولار سنويا وهو ما قوبل بتنديد فلسطيني واتهامات لواشنطن بتعمد نسف حل الدولتين.
وفي السياق قال شاكر خليل المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الفلسطيني لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الحكومة الفلسطينية "تنظر بإيجابية لعودة المساعدات الأمريكية".
واعتبر خليل أن المشاركة الواسعة من دول العالم في اجتماع الدول المانحة "مؤشر إيجابي في ظل متغيرات دولية جديدة"، معبرا عن تفاؤل فلسطيني بنتائج الاجتماع الذي أكدت فيه الدول استعدادها لتقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية.
وذكر أن الاجتماع انعقد بعد يومين من صدور تقرير البنك الدولي وكذلك تقرير الأمم المتحدة حول الوضع الاقتصادي الفلسطيني والذي تم خلالهما الإشارة إلى حدوث انكماش بنسبة 11.5 في المئة خلال العام 2020.
وأشار خليل إلى أن العام الماضي كان عاما صعبا على الاقتصاد الفلسطيني في ظل أزمة مرض فيروس كورونا، إضافة إلى المخطط الإسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية واحتجاز إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية.
وأوضح أنه رغم التراجع في الاقتصاد الفلسطيني العام الماضي إلا أن هناك مؤشرات إيجابية تبعث على التفاؤل، حيث توقع البنك الدولي نموه بنسبة 6 في المئة رغم أن الجانب الفلسطيني يتوقع أن يصل النمو إلى 8 في المئة.
وعزا خليل سبب ذلك لوجود انفراج في أزمة كورونا وإيجاد لقاحات جعلت العالم يستطيع التعايش مع هذا المرض، بالإضافة لعدم وجود أزمة في ملف الضرائب الفلسطينية لدى إسرائيل ووجود إدارة أمريكية جديدة وارتفاع نسبة التجارة الخارجية بنسبة 25 في المئة عما كانت عليه قبل كورونا.
وأشار إلى أن الحكومة الفلسطينية تنظر بإيجابية لتقرير البنك الدولي خاصة ما يتعلق بالإدارة الحكيمة التي استطاعت تقليص حجم العجز بالموازنة واعتمادها موازنة "طوارئ تقشفية" للحفاظ على قدرتها بتلبية احتياجات المرحلة رغم أن الإيرادات كانت معدومة.
ودعا خليل دول العالم لمساعدة الحكومة الفلسطينية في ثلاثة مفاصل أساسية وملحة تتعلق بمواجهة فيروس كورونا ودعم إجراء الانتخابات وما يترتب على ذلك من التزامات ونفقات مالية، إضافة لدعم قطاع غزة والموازنة الفلسطينية.