- د. طلال الشريف
لا تحيرني تصرفات عباس منذ خلافه مع صانع عقده دحلان، بل يحيرني من لا يحترم عقله حتى الآن، ويواصل في كل مرة تصديق ماكينة اعلام الرئيس، ولا يسأل نفسه مرة ، لماذا كان كل هذا الهجوم والتشويه المتواصل حتى ودحلان ليس في السلطة، وليس في البلد ولعشر سنوات كاملة ؟؟
ولعل من يحترم عقله، ويوخزه مؤشر الصحيان واليقظة، وسوط الضمير من شعبنا العزيز الخبير السياسي ومن طراز أول ذكائه الاجتماعي، ليتساءل في هذه اللحظات، لحظات التوجه للإنتخابات:
لماذا يفعل عباس كل ذلك؟
١- هل ما فعله عباس من الآتي:
التعديات، والتعديلات، على النظام القضائي، وقانون الانتخابات، وتهديد الفتحاويين، وقبل ذلك، عقاب غزة وأهلها، وموظفيها.. هل كان ضد حماس؟ .. وهو يتحالف معها، ويتفق على ما تريد، هل هذ التجاوزات القضائية فعلا ضد حماس المتفقة بين الرجوب وعاروري؟ وهل تغييرات مواد قانون الانتخابات المانع لترشح الموظفين هو ضد حماس؟ والاجابة طبعا بالقطع لا، فليس لعباس سلطة على موظفي حماس، ولن يؤثر بتعديلاته غير الدستورية على موظفي حماس، وليس له سلطة لتعيق أو تمنع مرشحي حماس بشرط قبول الاستقالة.
عباس لا يكترث، لا لفوز حماس، ولا لفوز فتح، مادام هو عالكرسي وترشحه لهذه الانتخابات في هذا العمر غير الحيوي أكبر دليل على ذلك، وخسرت فتح التي يزايد باسمها ومصلحتها فماذا فعل بعد انتخابات 2006، ماذا فعل الرئيس ؟ لقد دمر باقي فتح وقسمها، واستبد بقياداتها كما نراهم لا رأي لهم.
٢- لقد توضحت بشكل فاقع تفاهة الاستبداد في كل ذلك، فليس لدى عباس أهمية فيمن يفوز في التشريعي ، بل بوصلة عباس كرسي الرئاسة والبقاء فيه حتى الموت، ولأنه الكرسي والكرسي ففط، هو الذي، جعله يطارد دحلان عشر سنوات، بمحاكم صورية، وتهم، وتشويهات، لم يستطع، حتى، قضاوه التابع له، أن يدين فيها دحلان، ومن قلقه على الكرسي حتى خشي أن تخرج أصوات وقوائم الفتحاويين ناصر القدوة أو مروان البرغوثي وما تهديد عباس لهم بمنعهم بالقوة والقوة هنا معروفة، إلا لأنه يخشى تحالفهم مع دحلان، وفي نفس الوقت يخشى منافستهم له في الرئاسة، كما خشيها دائما ولا يزال من دحلان.
إذاً، أصبح، واضحا، سبب خلاف الرئيس مع دحلان، واخراجه من البلد، ومتابعة نشاطه ومحاربته ورفاقه منذ عشر سنوات حتى الآن، قطع رواتب أنصار دحلان ، مطاردة أبناء غزة في الضفة الغربية، والتنغيص على عيشتهم، محاربة غزة واعتبارها دحلانية، تخفيض ميزانياتها وخدماتها، ومنع توظيف أهلها، وخريجيها، هجومه الدائم على المخيمات في الضفة الغربية بحجة تأييدهم لدحلان، واعتقال وتضييق على أنصار دحلان واعضاء التيار الاصلاحي طوال عشر سنوات، ومنع كل محاولة لإدخال مساعدات يوفرها دحلان من تبرعات الفلسطينيين لمواطني الضفة الغربية ومؤسساتها الاهلية، تخريب العلاقات مع دول عربية وغيرها، من أجل علاقاتهم مع دحلان...
كل هذا انفضح اليوم وأخيرا أمام كل الشعب واحزابه وفصائله في "تعديلات قانون الانتخابات ليمنع مرشحي التيار و يمنع منافسة دحلان على مقعد الرئاسة...كل شيء انكشف وبان... وهل مازالت بعض الغشاوة على بعض العيون.
عشر سنوات ترك فيها عباس القضية والبلد والعلاقات والسفريات وشؤون العامة ومصالح الجمهور وترك الاحتلال، ليتفرغ وينشغل ويركز تفكيره وجهوده ليتخلص من دحلان لأنه يعرف لحظة الحقيقة بأن الانتخابات الرئاسية ستأتي في يوم ما .. وها هي أتت الانتخابات وهو مجبر عليها، ورغم كل ما أضاعه من سنين جاءت لحظة الانتخابات، ولم يتم عملية استئصال دحلان، فلم يجد أمامه، إلا احتواء القضاء، والتحكم فيه، فعين من يضمن له إبعاد المنافسين الآخرين واولهم دحلان، وخالف الدستور بتغيير قانون الانتخابات، وتعديل يحرم مئات الألوف من الناس ، ويخرجهم من العملية الانتخابية، في رحلة إستبداد تافهة، وغير مسبوقة في تاريخ الاستبداد والمستبدبن، أن يترك عباس كل شيء حتى الاحتلال، ليتفرغ لمطاردة واستئصال خصم منافس على كرسي الرئاسة.. فهل بعد كل هذا لم تفهم بعض العقول، لماذا يفعل ذلك عباس وربعه؟ ولماذا يطاردون ويصارعون ويشوهون ويحاربون ويمنعون دحلان وانصاره؟؟
أليست هي تفاهة الإستبداد .. نموذج غير مسبوق من أجل الكرسي لأنه مكشوف لكل الناس.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت