- كتب: د. رمزي النجار
- استاذ القانون الدستوري والنظم السياسية
تعميقاً للنظام الديمقراطي الذي اعتنقه القانون الأساسي الفلسطيني، وأقام عليه البنيان الأساسي للدولة نص في مادته الخامسة على أن نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية، وورد في كثير من مواد الدستور الأحكام والمبادي التي تحدد مفهوم الديمقراطية التي أرساها، وتشكيل معالم المجتمع الذي ينشده، سواء ما اتصل منها بالتأكيد على سيادة الشعب مصدر السلطات وهو جوهر الديمقراطية أو بكفالة الحريات والحقوق العامة، وهى هدفها أو المشاركة في ممارسة السلطة وهي وسيلتها.
وعليه تعتبر المشاركة السياسية الهدف الأسمى الذي يجب أن تسعي إليه نظم الحكم السائدة في العالم اليوم ويرجع ذلك إلى أن الحياة الديمقراطية السليمة ترتكز على اشتراك جميع المواطنين في مسئوليات التفكير والعمل من أجل مجتمعهم، كما أنها توحي بحيوية النظام وتدل على ديمقراطيته وديناميكيته وقدرته على خدمة نفسه، وهي التي تعمق روح الجماعة وتضعف الفردية والأنانية الضيقة، وأيضاً تجعل الممارسة السياسية عملية مثمرة وفعالة في آن واحد، لأنه يتحقق التجاوب المباشر بين السياسة العامة والحاجات العامة، ويصبح باستطاعة المواطن تقييم أداء المسئولين عن تنفيذ سياسة النظام الحاكم، لذا تعد الانتخابات أحد أشكال المشاركة السياسية التي تحول المواطنة لممارسة عملية، وأن تعويد الناس على الاختيار يعبر عما يمتلكونه من ثقافة، خاصة وأن النظام الانتخابي أخذ بنظام القوائم "نظام القوائم المغلقة".
لذلك نرى أن الانتخابات ليست غاية بحد ذاتها بقدر ما هي إلا وسيلة لتحقيق الهدف، وبالتالي هي وسيلة من وسائل العمل الديمقراطي، تعول عليها الدول المدنية الحديثة كثيرا على أنها طريق للإصلاح السياسي، والمشاركة السياسية هي الحد الفاصل بين دولة المواطنة المؤسساتية وبين التعددية السياسية والتنمية البشرية، ومن أبرز مقوماتها هي المشاركة السياسية في الحياة العامة في مختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأشارت إلى ذلك تقارير التنمية الإنسانية الدولية والعربية على مدار الأعوام السابقة التي توضح أن المشاركة السياسية ليست حقا من حقوق المواطنة فحسب، بل هي عنصر بنائي في التنمية البشرية "هي عملية توسيع خيارات البشر" الذي يرتب أولوية مطلقة لإعمال حرية الاختيار بين بدائل متاحة ، الأمر الذي ينطوي بدوره على مركزية الحرية في التنمية ، وتقوم عملية التنمية على بناء القدرات البشرية الممكنة من التوصل إلى مستوى إنساني راق، وتوظيف الكفء للقدرات البشرية في جميع مجالات النشاط الإنساني المتمثلة في الإنتاج ومنظمات المجتمع المدني والسياسة.
وفي هذا الإطار؛ لا بد من نشر الثقافة الداعمة للديمقراطية وإعادة ترتيب العلاقات داخل المجتمع على قاعدة تبادل المصالح، وشحن المجتمع بقيم المواطنة والعدل والمساواة ومحاربة العصبية الحزبية والعائلية، وتوسيع مشاركة المواطنين في الحياة السياسية، وضرورة العمل على تحقيق الاستقرار الأمني كونه ركيزة أي تقدم سياسي واقتصادي، من أجل توفير بيئة ملائمة تضمن توطيد فعال للآلية الانتخابية حتى تصبح قادرة على تدعيم البناء الديمقراطي، وعلى القوى السياسية الفلسطينية الاحتكام إلى الانتخابات لتجسيد بعض المبادئ الدستورية مثل الشعب هو مصدر كل سلطة، وأنه صاحب السلطة التأسيسية، وأن السيادة الوطنية ملك للشّعب وحده، والإيمان بثقافة الدولة والديمقراطية والمواطنة، والتسليم بأن إرادة الشّعب وسيادته لا يمكن أن تعلوها أي إرادة أو سلطة أخرى.
وتأسيسا على ما سبق؛ وانطلاقا من اهمية المشاركة في العملية الانتخابية ولتحقيق حقوقنا الدستورية ومن منطلق فلسطين اولاً وواجب المشاركة في الحياة العامة فيجب على كافة المواطنين المشاركة في تحقيق الديمقراطية ومنها المشاركة في انتخاب المجلس التشريعي الفلسطيني من أجل تحقيق التنمية السياسية وضرورة مشاركة كافة المواطنين في انتخاب ممثليهم في التشريعي لأهميته في المرحلة القادمة، وما يقع على عاتقه من المسئوليات الجسام لما سيقوم به من مراجعة كافة التشريعات والقوانين السابق إصدارها، خاصة في ظل التحديات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية التي تواجه الفلسطينيين، حيث أنه سوف يعبر عن جميع المواطنين، ويحقق مصالحهم، ويسهم في رفعة الوطن وازدهاره، كما أن صوت المواطن في الانتخابات سيسهم في بناء النظام السياسي الجديد، لذا نلفت الانتباه إلى خطورة المال السياسي وتأثيره على مجرى الانتخابات، حيث أنه يضر بالمواطنين ومصالحهم، وبالتالي يجب الحرص منه، وحسن الاختيار، وهنا نراهن على وعي وذكاء الناخبين، خاصة في ظل محاولات البعض إشعال الصراعات بين الشباب ومن يكبرهم سناً، أو بين العائلات والمحورية الضيقة.
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت