ندوة في "مدار": الانتخابات الإسرائيلية القريبة تدور أساساً حول هوية الشخص الذي سيقود اليمين

ندوة الانتخابات

  اعتبر مشاركون في ندوة رقمية نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، أمس، تحت عنوان "الانتخابات الإسرائيلية.. ما بين تغيير الإدارة الأميركية ومحكمة لاهاي والانتخابات الفلسطينية"، أن أثر الانتخابات الأميركية، غير بارز على مجرى الانتخابات الإسرائيلية، التي تدور كما سابقاتها على شخص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وحول من سيقود اليمين، وسط شعور إسرائيل عامة بأن الكثير من المؤثرات الخارجية أصبحت وراءها، إلى جانب التقدير بأن التغير الأميركي لن يكون استراتيجيا، وأن الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن لن ينسحب من دعم إسرائيل، وإن كان سيتراجع عن التماهي مع اليمين الإسرائيلي.

شارك في الندوة التي أدارها الكاتب أنطوان شلحت، كل من الكاتب الفلسطيني- الأميركي توفيق حداد، والمحاضرة في قسم القانون في جامعة أنطونيو دي تيبيريخا الإسبانية سونيا بولس، وعضو الكنيست من القائمة المشتركة عن التجمع الوطني الديمقراطي هبة يزبك.

وقال شلحت إن جولة الانتخابات الرابعة في أقل من عامين، تجري مثل سابقاتها على خلفية تكاد تكون واحدة ووحيدة: محاولة نتنياهو الهروب إلى الأمام من محاكمته في قضايا الفساد، ترافقها في العادة قضايا أخرى. وتترافق الجولة الحالية مع تحولات في البيئتين الدولية والإقليمية، أهمها دوليا تغير إدارة ترامب المتماهية مع اليمين الإسرائيلي، وإعلان الجنائية الدولية امتلاكها صلاحية البت في أمور تتعلق بالأراضي المحتلة، الأمر الذي لا يطال الجرائم العسكرية وحسب، إنما يتعداها إلى سياسة اليمين وتجلياتها.

انطوان شلحت


وأضاف شلحت: داخليا هناك تغيرات كثيرة، أبرزها نجاح نتنياهو في أن يذرر بعض القوائم، ينطبق هذا على اليمين الاستيطاني (الذي يعتبر بكيفية ما على يمين الليكود)، وعلى القائمة المشتركة، حيث حدث في كل منهما انقسام أسفر عن قائمتين، على خلفية ترتبط بهذا الشكل أو ذاك مع نهج نتنياهو.

من جهته، تناول حداد التغير الأميركي قائلا: ستحدث تغيرات في كيفية تدخل أميركا في الصراع، التغيير لن يكون جذريا، لكنه يفتح نافذة للحركة الوطنية الفلسطينية للعمل على عدة جبهات لتحسين قدرتها على التحرك، وتحسين ظروفها.

وأضاف: واقعيا، لا يُراهن على الإدارة لتغيير الوضع القائم، فبعد حسم الانتخابات الأميركية وتعيين أنتوني بلينكن وزيرا للخارجية، كانت إجاباته في استجواب الكونغرس له حول إسرائيل واضحة، في مسائل القدس، ونقل السفارة، والبي دي اس، واتفاقيات التطبيع، وتوصيف إيران كمصدر إرهاب، والانحياز لتعريف اللاسامية الذي يعتبر نقد إسرائيل لاسامية. كما أن بلينكن لم يتطرق للاستيطان، إذ تطرق فقط لحل الدولتين.

توفيق حداد


وأوضح: لن تكون هناك محاولة للحل، إنما لإدارته، الأميركيون ليسوا معنيين في الصراع هنا، إنما في الشرخ الداخلي لديهم. والتأكيد على حل الدولتين أفضل طريقة لإدارة الصراع، لأن البديل هو الدولة الواحدة والأبارتهايد، وربما التطهير.

وختم حداد: ناخبو بايدن بينهم نسبة من اليساريين، يمكن توظيف ذلك في ضوء الحساسية المتصاعدة تجاه مواضيع العرق والاضطهاد والتطهير العرقي وعنصرية الدولة. وهذا اليسار الأميركي الناضج سيأخذه بايدن في الاعتبار، وهو يحاول العودة للوسط.

سونيا بولص
من جهتها، تحدثت بولس عن قرار الجنائية الدولية الإيجابي بشأن ولايتها القضائية على الأراضي المحتلة عام 1967 مستعرضة خلفية القرار، ومروره بمحطات أهمها قبول فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة، وانضمامها لاتفاقية روما، مشيرة إلى الضغوط الدولية الكبيرة التي لم تنجح في منع القرار، بحيث لم يكن صدوره "مفهوماً ضمناً".

وأضافت أن القرار سيحدث هزات إذا سار بشكل جيد، لكن التفاؤل يحتاج إلى حذر، فهناك عوائق جدّية، أولها الضغوط السياسية المستمرة، أخذا بالاعتبار ثقل التمويل الألماني الحاسم للمحكمة، إلى جانب العقوبات الأميركية، وإمكانية عدم تعاون أحد الأطراف.

وأضافت: إسرائيل ستعرقل التحقيقات سياسيا ولوجستيا، عبر الضغوط، وعبر منع دخول المحققين ومنع سفر الشهود. كما أنه من غير الواضح إذا ما كان المدعي العام الجديد كريم خان سيواصل طريق سابقته فاتو بنسودا، علما أن إسرائيل ارتاحت لانتخابه من بين آخرين، على اعتبار أنه شخص "عملي" ولا يحب الصدام.

واستطردت: المحكمة مكملة للقضاء الوطني، وقد طرحت سؤالا حول القضاء الوطني وفاعليته في ضوء بحث الملف الفلسطيني. في قضايا سابقة كانت معايير الجنائية الدولية متدنية في النظر للقضاء الوطني، فربما تكتفي بإجراءات القضاء العسكري الاسرائيلي. لكن في الاستيطان الأمر محسوم، فهو سياسة دولة علنية.  

وختمت بولس بالإشارة إلى أن موضوع المحكمة لم يدرج في الانتخابات الإسرائيلية، وذلك كجزء من عدم إدراج السياسة في هذه الانتخابات التي تدور حول محور واحد هو استمرار حكم نتنياهو أو سقوطه.

هبة يزبك
من جهتها قالت يزبك إن الانتخابات الإسرائيلية تدار حول شخص رئيس الحكومة، وحول السؤال الإسرائيلي الداخلي، والفساد، فيما الأسئلة الخارجية غائبة، يقف وراء ذلك شعور إسرائيلي عام بأن القضايا الخارجية تم تجاوزها، ثم إن السؤال الآن ليس من يقود إسرائيل، بل من يقود اليمين فيها.

وأضافت أن الانشقاق عن القائمة المشتركة أعاد الفلسطينيين في الداخل إلى مربع كان تم تجاوزه، ووضع المجتمع الفلسطيني في الداخل أمام أسئلة كان معفياً منها، ليقف أمام فرز بين خطاب مستعد للتعاون مع الحكم بغض النظر عن هوية الحاكمين، وآخر له مطالب سياسية متكاملة توضع أمام أي حكومة دون قبول اشتراط أو مقايضة؛ فرز بين رؤية ترتكز على سكان أصليين يطالبون بمواطنة كاملة، وأخرى تقبل بمكانة رعايا يرضون بالفتات.

وأوضحت: الواقع الذي كرسته "المشتركة" كان سؤالاً سياسياً كبيراً حول المكانة السياسية، وكيف نريد أن نحصلها وبأي أدوات، بما يتجاوز التجاذب الداخلي والصفقات والمساومات. لكن الانشقاق أعاد الواقع السياسي الى ما قبل منطق التنظيم على أساس قومي والذي يعبر عن شعب كامل، حيث العدالة سؤال يخص كل الفلسطينيين ولا يمكن عزله عن موضوع الاحتلال وتوسع الاستيطان.

وحول التغير الأميركي قالت: ربما فوز بايدن يعيد اللاعب الفلسطيني للساحة. بايدن يتماهى مع إسرائيل أكثر من تماهيه مع اليمين الإسرائيلي. في المحصلة القيادات الإسرائيلية مرتاحة، فحتى عودة نهج الديمقراطيين ليس سيئا بالضرورة. فنتائج انتخابات أميركا لم تؤجِّل الانتخابات الإسرائيلية.

وحول التغيرات الإقليمية ودورها نبهت يزبك إلى أنه يتم استغلال موضوع التطبيع بقوة لإحباط المجتمع العربي، وإحباط تصويته. وتحدي القائمة المشتركة هو رفع نسبة التصويت مقابل خطة ممنهجة لخفضها، بما يخدم فرص نتنياهو في البقاء.

وختمت يزبك: الانشقاق أيضا أدى بلا شك إلى إحباط عام، وهز الثقة، وأضر بالأمل السياسي الكبير وما أسفر عنه من خروج 600 ألف مصوت في الانتخابات السابقة جسدوا وزنا برلمانيا كبيراً.

 

 

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله