- بقلم: أحمد زقوت
حالةٌ من عدم الاستقرار السياسي داخل دولة الاحتلال "الإسرائيلي" وللمرة الرابعة في غُضُون أقل من عامين يُدلي "الإسرائيليون" بأصواتهم لاختيار مُمثليهم بالكنيست (البرلمان الإسرائيلي) والذي يُحددُ بدوره الحُكومة القادمة بعد أن أفضت الخلافات الأخيرة بين الأحزاب "الإسرائيلية" إلى عدم تشكيل حُكومة مُستقرةٍ، إذًا تتفسر تلك الحالة بالخُروج من أزمةٍ والسُقُوط في أزمة أكثر عُمقًا في ظل تراجع العملية الديمُقراطية لديه بسبب تكرار الانتخابات وتراجُع نسبة تصويت الجُمهور "الإسرائيلي" بنسبة أقل بـ4.7% عن الانتخابات الأخيرة، وهي الأدنى منذ عام 2009م بحسب لجنة الانتخابات المركزية "الإسرائيلية".
إذًا سلسلةُ أزماتٍ مُتواصلةٍ من عدم تمكُن أي من الأحزاب السياسية على تشكيل ائتلافٍ حُكوميٍّ دون ابتزازاتٍ أو تنازُلاتٍ من الأحزاب المختلفة في سبيل الاستمرار في العمل الحُكومي بشكل مُتماسكٍ، تشتدُ المُنافسةُ مع شخصية بنيامين نتنياهو وليس فقط العلاقات ما بين الأحزاب، في ظل التُهم الموجهة لهُ بالفساد وإصراره على أن يبقى رئيسًا لحزب الليكود ورئيسا للحكومة"، ولكن المُختلف عن المرات السابقة هو أن نتنياهو يُواجه انقسامًا في مُعسكر اليمين الذي اعتاد أن يكون في صفه في جميع المعارك الانتخابية، إذ أسس القيادي المُنشق عن الليكود جدعون ساعر حزبًا جديدًا ينافس به ليكون بديلًا عن نتنياهو، فيما رئيسُ حزب "يمينا" نفتالي بينت" قدم نفسه مُرشحًا لرئاسة الحُكومة، وهو الذي كان وزيرًا للأمن سابقًا في حُكومة نتنياهو وكان ضمن الأحزاب المُتحالفة معه.
قد تحوُل هذه الانشقاقاتُ والخلافاتُ السياسية والأيدولوجية بين الأحزاب دُون تفوقٍ أي من المُعسكرين على الآخر، إذ أن تشكيل الحُكومة بحاجةٍ لِحصُوُل أي من مُرشحي المُعسكرين على 61 مقعدًا من أصل 120، وهو العدد الذي تقولُ استطلاعاتُ الرأي إن المُعسكرات المُتنافسة لا تستطيع تحقيقهُ، بالرغم أن غالبية الأحزاب المُهيمنة حاليًّا في "إسرائيل" والمتنافسة في الانتخابات يمينية، إذًا المعركة الانتخابيةُ بين المُتطرفين والأشد تطرفًا.
وبعد أن كانت القضايا السياسيةُ والأمنيةُ هي العامل الأساس في الانتخابات قبل ظُهور فيروس كورونا "كوفيد 19" الذي أدى إلى تعطيل قطاعات مُختلفةٍ في "إسرائيل"، وأنتجت مئاتُ آلاف العاطلين عن العمل بجانب المصالح التجارية المُغلقة والأزمة الاقتصادية الخانقة، إذًا عامل آخر ومُؤثرٍ خطيرٌ على مُستقبل السياسة "الإسرائيلية"، لذلك تحوُل تعامل الحُكومة التي يترأسها نتنياهو مع أزمة فيروس كورونا، إلى مساحةٍ للجدال بين الأحزاب، فقد اتهم زعيمُ المُعارضة يائير لابيد الذي يتزعمُ حزب "يش عتيد"، رئيسُ الوزراء نتنياهو بالفشل في التعامُل مع الوباء، كذلك تطرحُ باقي الأحزاب المُنافسة كحزب "يمينا" برئاسة وزير الأمن الأسبق نفتالي بينت خططًا اقتصاديةً بديلة، كمشروعٍ انتخابيٍّ، على الرغم من تباهى نتنياهو بحملة التطعيمات الواسعة التي وفرها والتي بإمكانها لحلحةُ الوضع الصحي والاقتصادي داخل البلاد.
سيناريوهاتٌ عديدةٌ تطرحُ لنتائج الانتخابات الحالية منها إمكانية نتنياهو من تشكيل حُكومة عبر التحالُفِ مع حزب "يمينا" أي بينت، أما الآخر قدرةُ خُصومِ نتنياهو على تشكيل حُكومةٍ بزعامة "لابيد أو ساعر" وهذا سيناريُو من الصعب تحقيقه في ظل عدم قُدرتهم على جلب 61 مقعدًا، أما الأخير التوجُه نحو الانتخابات الخامسة خلال عامين نتيجة فشل الأحزاب في تشكيل حُكومةٍ جديدةٍ وهذا ما يمكنُ فِعلُهُ في ظل التجارب الأخيرة من تكرار الانتخابات خاصةٍ بعد نجاح نتنياهو في الحد من انتشار كورونا عبر شراء ملايين اللقاحات، وتوجه "المُجتمعُ الإسرائيليُ" نحو مزيدٍ من التطرُف وبُروز أحزاب يمينية ترى بأهمية مُواصلة حُكمِ اليمين.
ولمن لا يعرفُ الكنيست هو "برلمانُ إسرائيل، يُعد أعلى سُلطةٍ تشريعيةٍ وسياسيةٍ فيها، ويتكونُ من 120 عُضوًا، ويلعبُ دورًا كبيرًا في الحياة السياسية "الإسرائيلية"، بينما يعتمدُ النظامُ الانتخابيُ "الإسرائيليُ" على التمثيل النسبي، تتمُ انتخاباتُ الكنيست مرة كل أربع سنواتٍ، حيث إن عدد المقاعد الذي تحصُلُ عليهُ كل قائمةٍ بالكنيست يتناسبُ مع عدد الناخبين الذين صوتوا لها، ويجب على أي حزبٍ أو قائمةٍ تخطي عتبةٍ 3.25% على الأقل، ووفق هذا النظام يُصوتُ الناخبُون لقائمة الحزب وليس لشخصٍ بذاته في القائمة، وهذا يعني أن على أي حزبٍ يسعى لتحقيق نسبة الحسم حصد ما لا يقِلُ عن 150 ألف صوت وهو ما يُمثلُ أربعة مقاعد برلمانيةٍ.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت