- عماد عفانة
في الوقت الذي يواصل فيه الموظّف في "أونروا" عبد السلام عوض الله 50 عاماً ، إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ 12 داخل مقر "أونروا" الرئيس في رفح، احتجاجا على فصله من عمله في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
يواصل مدير عمليات الوكالة في غزّة ماتيس شمالي تعنّته غير المفهوم وغير المبرر، رافضا الانصياع لقرار محكمة منازعات "أونروا" في عمَّان، التي قضت بتبرئة الموظف عوض الله، وإعادته إلى عمله فوراً، مع توجيه لوم شديد لإدارة وكالة "أونروا" في غزّة، بسبب تدخلها في شؤونٍ عائليّة ليس لها علاقة بعمل الموظّف داخل مؤسّسات وكالة الغوث.
حيث اكتشف القاضي بأنّ هناك خللاً في كل إجراءات التحقيق تنسف التحقيق السابق، وباشر بتحقيقٍ جديد أثبت من خلاله أنّه لا يوجد أي إشكاليّة على هذا الموظّف.
اصرار شمالي على ضرب قرار محكمة المنازعات في عمان بعرض الحائط في سابقة هي الأولى من نوعها، تسبب بتمزق أسرة عوض الله، جراء انفصاله عن زوجته، واثقال كاهله بالديون والالتزامات والأقساط الجامعيّة لأبنائه الذين لا معيل لهم سوى والدهم المفصول تعسفياً من عمله منذ نحو عامين ونصف، بعد أن مكث في عمله داخل أروقة "أونروا" 17 عاماً كمرشدٍ اجتماعي.
وقد بدأت مأساة عوض الله بعد أن نشب خلاف عائلي مع زوجته، حيث تقدمت الزوجة في لحظة غضب بشكوى إلى إدارة وكالة "أونروا" في غزّة، خلاف تم حله بعد نحو شهر، وعادت الزوجة إلى عشهما الصغير مرة أخرى، ثم توجهت الزوجة إلى إدارة الأونروا بهدف سحب الشكوى، إلا أن المفاجأة الصادمة أن ادارة الأونروا رفضت طلب سحب الشكوى، وباشرت بتحقيقاتها التي لم تثبت شيئاً سوى وجود خلاف عائلي عادي، وتم حلّه جذريا وعادت الزوجة المشتكية إلى أسرتها.
وعوضا عن اعادة الموظف الى عمله مرى أخرى، فوجئ عوض الله بتلقيه قرار فصله من العمل.
ماتياس شمالي وبدلا من محاسبة لجنة التحقيق التي قضت بفصل الموظف عوض الله فصلا تعسفيا ومخالفة للأعراف والقوانين المرعية، الأمر الذي أثبتته محكمة المنازعات في عمان، يصر شمالي على انفاذ قرار الفصل خلافا لقرار المحكمة الذي قضى إما بإلغاء قرار الفصل من العمل وإعادته للعمل، أو بتعويض الموظف ماليا إذا رفض العودة إلى العمل، حيث يصر عوض الله على عودته إلى العمل، فيما تصر الأونروا على التعويض مع الابقاء على قرار فصله في سابقةٍ خطيرة هي الأولى من نوعها على امتداد وجود وكالة "أونروا".
اتحاد الموظفين في الوكالة، اضافة للجنة المشتركة للاجئين قررتا الوقوف بشكل كامل مع حق الموظف عوض الله، لكنّ كل هذه الجهود باءت بالفشل حتى الان، لأنّ مدير العمليات ماتياس شمالي يوصد كل الأبواب في وجوههم، بل ويرفض التعامل مع القضيّة بأي شكلٍ من الأشكال، ما دفع عوض الله للدخول في إضراب متواصل عن الطعام منذ 12 يوما.
لا شك أن شمالي يتحمل المسؤولية كاملة عن حياة عوض الله الذي لا يتناول منذ 12 يوما سوى الماء والملح، وذلك بسبب اصرار شمالي على اقحام "أونروا" في مشكلة عائلية دون وجه حق .
اللافت في الأمر أن غزة التي تعج بمؤسسات حقوق الانسان التي لا توفر فرصة لشجب وإدانة ادنى انتهاك لحقوق الانسان من الحكومة او الفصائل، بلعت لسانها وأغمضت أعينها عن مأساة عوض الله، وصمتت عن انتهاك شمالي لحقوق الانسان وتنكره لقرار المحكمة المختصة، وامتنعت عن الانتصار لمبادئ العدل والمساواة وحقوق الانسان والحيادية التي تنادي بها ليل نهار، في الوقت الذي يتعرض فيه عوض الله للمضايقات وعدم توفير فراش أو أغطيه له في ظل هذا الطقس البارد، فضلا عن إغلاق باب الحمام في محاولة للضغط عليه لإجباره على الخروج من مقر الاونروا الذي يعتصم فيه في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة.
إن ممارسات مدير عمليات الأونروا في غزة لم تعد تمت بصلة للعمل المؤسّساتي ولا لحقوق الانسان، الأمر الذي بات يستلزم تدخل مباشر وعاجل من قبل مفوض عام الأونروا فيليب لازاريني، لإلزام شمالي بتطبيق قرار محكمة "عمَّان" وإعادة الموظّف عوض الله إلى عمله، وانهاء هذا الانتهاك الفج والصارخ لحقوق الانسان، وحقوق موظفي الأونروا.
الأمر الذي يتطلب ايضا من اتحاد موظفي الأونروا، ومن اللجنة المشتركة للاجئين، ومن اللجان الشعبية للاجئين، القيام بما هو أكثر من وقفات التضامن وتوجيه الرسائل، لجهة ممارسة مزيد من الضغوط المجدية لفضح ممارسات شمالي، والانتصار لحقوق الموظف عوض الله، وانقاذ حياته المهددة بالخطر.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت