- عمر حلمي الغول
أخيرا قبل إغلاق لجنة الإنتخابات ابوابها في استقبال طلبات القوائم المترشحة للانتخابات بساعة وبعض الدقائق قدمت حركة فتح قائمتها مساء الثلاثاء الموافق 31 آذار/ مارس الماضي، والتي شابها بعض النواقص والثغرات في النطاقين الفتحاوي الداخلي وتجاه الفصائل المتحالفة معها والمستقلين المحسوبين عليها، والحريصين على دورها الريادي، كون اللجنة ذات الصلة ببلورة القائمة جانبت الصواب في إقصاء حلفائها، وكان على الرئيس محمود عباس ان يحتفظ لنفسه بعشرة مقاعد لتفادي اية ثغرات في ترتيبات اللجنة المختصة. لا سيما وانه يعلم علم اليقين، ان كل من اعضاء اللجنة يدير قرص الأسماء المرشحة وفق اهوائه وحساباته الخاصة، وبعضهم غير مبال بالاسماء وبما تم الإتفاق عليه مع الآخرين. كما فعل في المجلس المركزي، وكما يتم فعله بعد مؤتمرات فتح العامة بالإحتفاظ بعدد من المرشحين لعضوية اللجنة المركزية او المجلس الثوري.
ولم يقتصر خطأ اعضاء اللجنة المعنية بترتيبات اللمسة الأخيرة للقائمة، انما حدث خلل في تدوير مواقع مرشحي الحركة في ربع الساعة الأخيرة، مما احدث ردود فعل عديدة في الأقاليم المختلفة بدءً من غزة وصولا لجنين. وكان ابرز عوامل الخلل من وجهة نظري التخلي عن ما تم الإتفاق به مع الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية في حركة فتح، مما دعاه لاقامة تحالف مع قائمة الملتقى الديمقراطي برئاسة د. ناصر القدوة، وبغض النظر عن موقف ابو القسام المتأرجح، وغير الحاسم.
رغم كل النواقص والملاحظات السلبية على القائمة، إلا ان قائمة حركة فتح تبقى القائمة المركزية، والقطب الند لقائمة حركة حماس، ولا يمكن للقوائم ال34 الباقية (مجموع القوائم المتقدمة للجنة الإنتخابات 36 قائمة) ان تكون منافسة لقائمة حركة حماس، بغض النظر عما يمكن ان تحصده من مقاعد، هذا إذا تمت الإنتخابات، ولم تتعطل لإسباب مختلفة.
ويخطىء من يعتقد ان حركة فتح لن تحصد النسبة الأكبر من المقاعد في البرلمان الفلسطيني القادم، لإن رائدة المشروع الوطني ليست المرة الأولى التي تواجه فيها مثل هذا التحدي، ومن يعود لعام 2006 يستطيع ان يستحضر تلك التجربة ومراراتها، وما احدثته من نكسة حقيقية في مركز ومكانة فتح في المؤسسة التشريعية، ومع ذلك بقيت حركة فتح ممسكة بزمام الأمور، واستمرت حاملة مشعل الكفاح الوطني التحرري، وتعمل الآن بجد وإجتهاد للمحافظة في كل المواقع على مكانتها كعمود فقري للثورة والحركة الوطنية الفلسطينية. وهذا ناجم عن الشعور والتقدير ومن إدراك حركة فتح لحجم التحديات المنتصبة امامها، ولهذا وضعت هيئاتها المركزية والأقاليم على رأس جدول الأعمال برنامج واليات عمل شاقة خلال الشهرين القادمين لتصويب النواقص والعيوب، التي نجمت عن تركيب القائمة.
ومن المؤكد ان العديد من الكوادر والقيادات الفرعية والمركزية بعد مراجعة للذات ستغلب الإنحياز للحركة الأم، وتنتصر لتاريخها ودورها الريادي، وتتجاوز حساباتها الخاصة والشخصية، بغض النظر عن المرارات والأسى الذي اصابها. لإنها ستكون امام خيارين لا ثالث لهما، أما حماية الحركة وموقعها التاريخي، والدفاع عن دماء الشهداء، وحمل رايتهم الوطنية الخالدة، التي ضحوا من اجلها لانجاز الإستقلال الوطني الكامل على ارض دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وضمان العودة للاجئين وفق القرار 194، والمساواة التامة لإبناء الشعب في مناطق ال48، او ان تترك الميدان لفرع حركة الإخوان المسلمين (حركة حماس) دون مقابل، وإستسلاما للنزعات الذاتوية، التي تفتقر للتضحية. وليتذكر الجميع، ان الإنتماء للثورة عموما وحركة فتح خصوصا لم يكن يوما من اجل موقع هنا او هناك، ولا من اجل رشوة، او وظيفة .. إلخ، انما كان الإنتماء لتحقيق الأهداف والثوابت الوطنية كاملة غير منقوصة، واضيف لها بعد آخر تمثل في الإنقلاب الحمساوي، والعمل على تطهير الأرض الفلسطينية من كل المثالب، التي تعاني منها، وتنظيف الساحة من الشوائب والمعيقات والأدران العالقة بالجسد الوطني.
ولإستعادة حمية ونشاط وتلاحم الحركة اقترح التالي كشخصية مستقلة، اولا تعزيز التكامل والتكافل بين اعضاء الهيئات المركزية والفرعية في كل الأقاليم؛ ثانيا توجيه كلمة من رأس الحركة للشعب عموما واعضاء الحركة خصوصا تحاكي اللحظة والضرورات ومواجهة النواقص والتحديات؛ ثالثا اللقاء مع كل الأعضاء وقادة الأقاليم العاتبة والمستاءة لتوضيح وجلاء الصورة امامها، والتركيز على البعد التنظيمي خصوصا والوطني العام عموما؛ رابعا تكليف الغاضبين والحردانين بمهمات وفعاليات في اقاليمهم ليكونوا عنوان التحدي والمواجهة مع المشاريع المضادة للحركة؛ خامسا إبقاء بعض الرموز والعناوين الموترة للأجواء بعيدا عن مسرح التواصل مع الجماهير الحزبية والأنصار. لإن اللحظة لا تحتاج لعنتريات ومواقف فوقية خاطئة ومسيئة. مرة اخيرة لنصوت جميعنا لحركة فتح قائدة المشروع الوطني دون تردد او تعلثم او حسابات ضيقة وشخصانية.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت