-
فتح وهبه
بعدما زار المفوض العام لـ وكالة "أونروا" فيليب لازاريني مخيم عين الحلوه يوم الإثنين الماضي 29 مارس برفقة مدير عام الأونروا في لبنان كلاوديو كوردوني أجرى المفوض العام زيارة مماثلة لمخيم نهر البارد يوم الثلاثاء في وقت يعاني فيه فلسطينيي لبنان الأمرَّين جرَّاء سياسة التقليصات والمماطلة واللامبالاة التي تمارسها وكالة "أونروا" معاهم وجرَّاء أزمة كورونا والأزمة الإقتصادية اللبنانية التي إنعكست عليهم بشكل سلبي ومباشر وأدت إلى غياب فرص العمل وإرتفاع مستوى الفقر والبطالة بينهم بشكل غير مسبوق.
جاء المفوض العام إلى مخيمات لبنان دون أن يحمل معه أي وعود لزيادة التقديمات كما انه لم يقدّم أي حلول جدية وملموسة لتخفيف معاناة فلسطينيي لبنان بحجة العجز المالي في وقت يطالب فلسطينيو لبنان بإلحاح الوكالة إعلان حالة الطوارئ الصحّية، وتقديم مساعدات إغاثية ومالية دورية لهم جميعاً تساعدهم على التصدّي لجائحة كورونا والضائقة المعيشية الخانقة.
قال المفوض العام أنه جاء ليكون همزة الوصل بين المجتمع الدولي واللاجئين الذين يعانون، لينقل صورة واضحة عن معاناتهم إلى المجتمع الدولي. وقال أيضاً انه بعد هذه الزيارات سيتواصل مع السفراء هنا وسيقوم بلقاءات مع العواصم والدول مباشرة لينقل بشكل مباشر معاناة اللاجئين، في الوقت الذي كان يستوجب عليه أن يجري هذه الإتصالات واللقاءات بعد توليه منصبه في 18 آذار/مارس وخاصة بعد زيارته الرسمية الأولى إلى لبنان يوم الاثنين 14 أيلول/ سبتمبر 2020 حيث اطلع يومها على معاناة اللاجئين واستمع إلى مطالبهم.
المفوض العام قال أثناء زيارته لمخيم البارد "أنا أشعر بغضبكم ويأسكم، هذه ليست حياة كريمة" وهذا إعتراف صريح من مسؤول كبير بتقصير وكالة "أونروا" المسؤولة عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وقال أيضاً "أن الوكالة ستقوم بكل ما هو ممكن لحماية اللاجئين الفلسطينين" وهذا كلام جميل إلا انه يحتاج إلى ترجمه على أرض الواقع من خلال إطلاق خطة طوارئ عاجلة لهم وتقديم الإستشفاء مائة بالمائة وتقديم المساعدات المالية لعموم اللاجئين وليس فقط لمن هم في لوائح برنامج العسر الشديد، لأن الوكالة أنشئت من أجل إغاثة وتشغيل اللاجئين أي كل اللاجئين لأنهم أصحاب حق وقضية، ومهام الوكالة تأمين حياه كريمة لهم إلى حين إيجاد حل لقضيتهم وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
إن زيارة المفوض العام "بروتوكولية" في شكلها، "فارغة" في مضمونها، تضاف الى أعداد الزيارات التي يقوم بها مسؤولي "أونروا"، إذ لم يحمل لازاريني معه جديداً بالرغم من الأوضاع المعيشية والإجتماعية والصحية المأساوية التي يعيشها فلسطينيو لبنان فهم بالكاد يستطيعون تأمين قوت عيشهم اليومي بالإضافة إلى أن ثلثهم يعاني من أمراض مزمنة ( أمراض السرطان، امراض القلب، أمراض تصيب الجهاز التنفسي، كالربو والأزمات التنفسية، السكري، الضغط) الأمر الذي يتطلب من وكالة "اونروا" البدء بصرف مساعدات لهم على قاعدة التوزيع الشامل.
لقد نظم فلسطينيو لبنان العديد من الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية أمام مقار وكالة "أونروا" وحملوها مسؤولية تدهور أوضاعهم المعيشية والصحية لأنهم لم يلمسوا منها أي دور إغاثي فاعل فيما يخص أزمة كورونا أو الأزمة الإقتصادية اللبنانية إن كان على مستوى الدعم المالي أو الغذائي أو التوعية أو على مستوى تجهيز عياداتها الطبية أو تعقيم الأحياء بالمخيمات وهذا الإخفاق بإعتقادهم لا علاقة له بنقص الأموال، لأن وكالة "أونروا" كما يعلم الجميع مؤسسة تم تدشينها خصيصاً لخدمة اللاجئين، وهناك التزامات دولية وللمجتمع الدولي بتوفير الدعم اللازم لقيام الوكالة بدورها.
إن فلسطينيي لبنان بات لديهم العديد من المعطيات والمؤشرات التي تؤكد أن المؤسسة تقلل من خدماتها وتخفف من حضورها وتأثيرها تمهيداً لإنسحاب المؤسسات الدولية، وسحب تعهداتها للوصول في النهاية إلى توطينهم وهذا الأمر يرفضونه جملة وتفصيلا وإن تم تخييرهم فهم سوف يختارون الهجرة بدلاً عن التوطين.
اليوم المطلوب من القوى السياسية الفلسطينية وفي مقدمتها منطمة التحرير البدء بتنظيم حراك سياسي وشعبي ضاغط على وكالة "أونروا" للقيام بمسؤولياتها تجاه شعبنا في لبنان حتى لا تُتهم بالقصور أو التواطؤ لأنها هي أحد الجهات المسؤولة عن شعبنا الفلسطيني، وإن كانت غير قادرة على فعل ذلك عليها أن تترك اللاجئين يقررون مصيرهم بأيديهم ولا تقف عائقاً أمام أي تحرك لهم يطالب بالهجرة أو أمام أي مسعى أو مبادرة أو طرح لإستيعابهم في أوروبا لأنها هي بذلك بقصد أو دون قصد تشارك في تلويعهم وقتلهم طالما حق العودة منسي وغير مطروح على جدول أعمال الأمم المتحدة وطالما ايضاً السلطة الفلسطينية المسؤولة عن ملف اللاجئين الفلسطينيين تركتهم لمصيرهم المجهول يصارعون الحرمان والفقر وكورونا من دون أن تتحمّل أي مسؤولية مباشرة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت