جدد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي إدانته لاعتقال قوات الاحتلال المرشح في قائمة القدس موعدنا ناجح عاصي من منزله في مدينة البيرة، معتبرا ان ذلك الاعتقال يأتي في إطار التدخلات الإسرائيلية المباشرة لتعطيل وعرقلة الانتخابات الفلسطينية.
وقال البرغوثي في لقاء خاص مع شبكة وطن الاعلامية ان قوات الاحتلال قامت بسلسلة خطوات من أجل عرقلة الانتخابات، مثل فض اجتماعات تشاورية انتخابية في القدس، واعتقال عدد من الأشخاص كانوا في المجلس التشريعي السابق، او مرشحين محتملين جرى اعتقالهم قبل تسجيل القوائم، الى جانب استدعاء الكثير من المواطنين وتهديدهم بالاعتقال في حال ترشحهم، والاهم من ذلك التهديدات بشأن منع الانتخابات في القدس.
الاحتلال ومحاولة عرقلة الانتخابات
وأوضح البرغوثي ان كل ما تقوم به اسرائيل هو محاولة إسرائيل لتخريب الانتخابات الفلسطينية، لاسباب عدة ابرزها انها لا تريد لنا ان نمارس ديمقراطيتنا من اجل ان تزعم كذبا أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، كما ان اسرائيل تخشى ان تتحول الانتخابات الى مدخل لإنهاء الانقسام وتوحيد الصف الوطني.
وشدد البرغوثي على ضرورة الإصرار على إجراء الانتخابات الديمقراطية، كونها مصلحة وحق لشعبنا الفلسطيني المتعطش للتغيير وإنهاء الانقسام وممارسة حقه الديمقراطية التي حرم منها 15 عاما.
وحول ما نشر في وسائل الإعلام مؤخرا تقارير حول محاولة من سلطات الاحتلال للضغط على القيادة الفلسطينية لتأجيل الانتخابات، قال البرغوثي إن "التهديدات الإسرائيلية تقابل بموقف فلسطيني صلب وقوي وموحد".
وكشف البرغوثي ان فصائل منظمة التحرير عقدت يوم أمس اجتماعا لمناقشة ملف الانتخابات في القدس، لافتا الى انه جرى الاتفاق على مواقف عدة:
اولا: لا انتخابات بدون القدس بأي حال من الاحوال، لان القدس عاصمتنا والاستسلام لذلك الامر بعدم اجراء الانتخابات في القدس هو تكريس لفصل القدس، والضم كجزء من صفقة القرن.
وثانيا: لا يجوز إعطاء الاحتلال حق الفيتو على الانتخابات الفلسطينية من خلال منعها في القدس ، ولا يجب أن يشعر انه قادر على وقف الانتخابات فيها.
ثالثا : تحويل الانتخابات في القدس إلى معركة مقاومة شعبية وطنية، لإجراء الانتخابات رغم أنف الاحتلال على غرار العديد من المعارك السابقة مثل معركة البوابات الالكترونية، التي بدأت بالعشرات ومن ثم المئات وعشرات الآلاف، حتى اضطر الاحتلال للتراجع، رغم ما استخدمته قوات الاحتلال من وسائل عنف، وهذا ما يجب تبنيه في الانتخابات.
ورابعا: مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإزالة العقبات أمام الانتخابات الفلسطينية.
وقال البرغوثي أن إسرائيل حاولت منع الدعاية الانتخابية عام 2005 و عام 2006 و دلل على ذلك بما جرى معه في انتخابات الرئاسة عام 2005 وانتخابات المجلس التشريعي عام 2006، حيث اعتقلته قوات الاحتلال في 2005 4 مرات بسبب زيارته القدس واجتماعه بالمواطنين في ظل منع إسرائيل للدعاية الانتخابية، وهو الامر الذي تكرر في الانتخابات التشريعية، عام 2006 حيث جرى اعتقاله مرة أخرى لذات السبب .
وأكد البرغوثي أن إجراء الانتخابات في القدس معركة وطنية وهي معركة مقاومة شعبية لتكريس السيادة الفلسطينية عليها، مشيرا ان هناك وحدة في الموقف الفلسطيني إزاء الانتخابات في القدس، وهذا الملف لا يجب تحويله إلى مزايدات على بعض، داعيا لأن تكون القضية معركة في المقاومة الشعبية الموحدة ضد الاحتلال.
وشدد البرغوثي على ضرورة ان تكون الانتخابات رافعة لكل القضايا التي تعاني منها القدس، لافتا الى انه لا يمكن وقف إجراءات الاحتلال الا باستراتيجية واحدة وهي مواجهة الأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال بالأمر الواقع من قبلنا، وأكد أن كل النضال الوطني الذي نجحنا به، كان يعتمد على فرض الأمر الواقع الفلسطيني في مواجهة الأمر الواقع الإسرائيلي.
وحول البدائل لمواجهة الاحتلال في حال قرر رفض إجراء الانتخابات في القدس قال البرغوثي " البدائل سهلة وليست صعبة، اذا اقدمت اسرائيل على منع الانتخابات يمكننا نشر صناديق الاقتراع في كل القدس، في البلدة القديمة، في المساجد والكنائس" و في عدد لا يتخيلونه من المواقع".
واضاف " هذه الصناديق هي حقيقية وليست رمزية، ويكون لها ارقام لدى لجنة الانتخابات، ويتم وضع كاميرات حول كل صندوق، هذه معركة يمكن تحويلها لفضيحة كبرى للاحتلال، وهناك سبل أخرى يمكن استخدامها لمواجهة الاحتلال، على قاعدة عدم السماح لإسرائيل بعزل القدس".
تعطش كبير لدى المواطنين للانتخابات
وحول مخاوف الناس من عدم تكرار ما جرى في انتخابات 2006، في الانتخابات الحالية، وما هي الضمانات لعدم تكرارها قال البرغوثي " لقد توافقنا على منهجية عمل وميثاق شرف في حوارات القاهرة، لأننا ندرك عمق الازمة في المنظومة السياسية الفلسطينية وحالة الانقسام واستمرار غضب الشعب الفلسطيني على الانقسام وعلى استمرار الصراع على السلطة" تحت الاحتلال".
وأكد البرغوثي أن هناك تعطشا كبيرا من قبل المواطنين تجاه الانتخابات لاسباب عدة اهمها احداث التغيير المنشود، وإنهاء الانقسام، لافتا الى ان الشعب يعلم ان الانقسام استنزف قدراته وطاقاته، وهو يريد التغيير لأنه يحتاج له في ظل ما يعيشه ويزعجه من انتشار الواسطة والمحسوبية وعدم العدالة والتمييز بين الناس على أسس حزبية وفئوية وعائلية ومعاناة الشباب من عدم وجود فرص عمل او أفق للمستقبل، وكذلك النساء في ظل التعدي على حقوقهن.
ولفت البرغوثي إلى أن المبادرة تقدمت قبل حوار القاهرة بمقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل إجراء الانتخابات، تعمل على معالجة ملفات الانقسام وكل تداعياته، لكن لم يؤخذ بذلك المقترح، مشددا على مخاطر الانقسام في انه يمنع اولا اقامة دولة فلسطينية، وهو مكسب لدى إسرائيل لأنه يضعف العنصر الديمغرافي الذي يقلقها .
واكد البرغوثي وجود أزمة في المنظومة السياسية وأن أحد الوسائل لحلها هي الانتخابات الديمقراطية، وأن مشاركة المواطنين في النضال الوطني مرتبطة بشعورهم بالعدالة الداخلية وان حقوقهم تصلهم على اكمل وجه، بالتساوي مع الآخرين، لكن هذا الأمر غير موجود ما يجعل المواطن يشعر بالغبن والقهر والتمييز وبالتالي الإحباط.
واكد ان الناس متعطشة للمشاركة في الانتخابات سواء بالاقتراع او الترشح، وذلك يظهر من خلال نسبة التسجيل العالية التي وصلت الى 92% ، وكذلك وجود 36 قائمة مرشحة .
وحول ذلك العدد الكبير من القوائم قال البرغوثي ، ان السبب الأول كان عدم اجراء الانتخابات لمدة 15 ما يعني ان جيلا كاملا حرم من المشاركة في الترشيح والانتخابات يبلغ عددهم مليون مواطن، الى جانب حالة التحجر والتصحر السياسي التي نشأت .
الجمهور لا يرى ان الحكومة تمثل الجميع
وحول أداء الحكومة وتقييمها وان كان المواطن يراها حكومة تمثل الجميع قال البرغوثي " ان الحكومة قامت بأشياء إيجابية ولم تنجح في أشياء، لكن الناس لا ترى بها حكومة شاملة للجميع، لذلك قلنا دوما ان النموذج الأفضل ان تكون لديك حكومة وحدة وطنية".
ولفت البرغوثي ان أهم ملف يجب العمل على تغييره في عمل الحكومة في تغيير طريقة اعداد الموازنة، التي تتشكل من اموال الشعب دافعي الضرائب، لذلك يجب ان يعرف المواطنون كيف توزع أموالهم في الموازنة.
وتابع البرغوثي " ما يجب ان يعرفه الناس، هو لماذا أقرت الموازنة دون علمهم، الجواب على ذلك لأنه لا يوجد مجلس تشريعي، ولذلك فأن اول دور للمجلس التشريعي هو إقرار الميزانية وعندما تناقش الميزانية من حق أعضاء المجلس ان يقولوا اننا نريد زيادة حصة الصحة او الزراعة، كما انه في ظل جائحة كورونا دُمرت الكثير من القطاعات ولم تجد احد يدعمها لأنه لا يوجد نظام حماية اجتماعية" .
واضاف البرغوثي "لا تستطيع فرض تغيير الموازنة على الحكومة، الا اذا كان لديك قوة لفرض القرار، ويتمثل ذلك في المجلس التشريعي بعد انتخابه"، لافتا الى ان وجود مجلس تشريعي يعني تكريس فصل السلطات، عبر وجود مجلس تشريعي مستقل، يكون صوت المواطن وقضاء مستقل.
المجلس التشريعي سيكون له دور سياسي بارز
ولفت البرغوثي الى ان المجلس التشريعي له دور سياسي مهم، خاصة ان أعضاء المجلس الذي يبلغ عدهم 132 عضوا سيكونون أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني، وبالتالي على الناس أن تقرر من خلال التصويت موقفها من العديد من القضايا مثل اتفاقية اوسلو، وصفقة القرن، والتنسيق مع إسرائيل، وكيفية خوض النضال الوطني من أجل الحرية و استنهاض حركات الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني.
ولفت البرغوثي ان الحراك الفلسطيني الداخلي مستمر، لافتا الى انه جرى التوافق على عقد لقاء للفصائل الفلسطينية لاستكمال حوارات القاهرة عقب الانتخابات التشريعية، من أجل بحث تشكيل المجلس الوطني، وتحديد الأماكن التي يمكن إجراء الانتخابات مثل الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية والجنوبية بذلك من اجل الوصول الى قيادة وطنية موحدة للشعب في إطار منظمة التحرير.
لا يمكن تصديق موقف أمريكي بشأن حل الدولتين ما لم يكن هناك ضغط حقيقي لوقف الاستيطان
وحول موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من القضية الفلسطينية، وقال البرغوثي ان "النظر الى ادارة بايدن يجب ان يكون في إطار فهم صحيح لامريكا، التي تنحاز استراتيجيا لإسرائيل بغض النظر عن الحزب الحاكم، وبالتالي هي لا تستطيع ان تقوم بدور وسيط، وبالتالي فإن المراهنة عليها كوسيط هي مراهنة خاسرة".
وتابع البرغوثي " ان ما قام به بايدن قليل جدا ومتأخر جدا، فالرئيس السابق دونالد ترامب وضع بايدن قبل ان يصبح رئيسا في العشرات من الاقفاص إزاء العديد من القضايا والملفات، وعندما جاء بايدن للحكم وجد لديه ركام، لكنه استطاع بسرعة الخروج من العديد من الأقفاص ، باستثناء الملف الفلسطيني".
ولفت البرغوثي " ان بايدن لم يقل ان القدس عاصمة لفلسطين، ولم يعلن استعداده لإعادة السفارة الأمريكية الى مكانها قبل نقلها الى القدس، ولم يقطع الامر نهائيا بشأن صفقة القرن، في حين مدح وزير خارجيته بلينكن صفقات التطبيع وأشاد بدر ترامب فيها، وان ما فعلته الإدارة هي إعادة بعض المساعدات القليلة، في الوقت الذي يستمر به اغلاق مكتب منظمة التحرير".
ولفت البرغوثي ان الملف الأهم والحاسم هو كيف ستنظر الادارة الامريكية لحل الدولتين في ظل استمرار الاستيطان، مضيفاً " لا مصداقية للموقف الأمريكي ما لم يكن هناك ضغط حقيقي لوقف وإنهاء الاستيطان".
واكد البرغوثي ان ادارة ترامب لا مثيل لها بالسوء، والخطر الأكبر كان يمثله الفريق المحيط به، وتحديدا كوشنير الذي أوضحت المعطيات الاخيرة ما كان يخطط له ضد الأردن لجعله وطنا بديلا، في إطار صفقة القرن وتطبيقها، وبالتالي لا يجب الرهان على بايدن، وعلينا فعل ما فعلناه تاريخا، من خلال الاعتماد على أنفسنا ، كما حدث حين فجرنا الانتفاضة الاولى بعد ان كان الرأي العام العالمي يقول ان الفلسطينيين انتهوا بعد الخروج من بيروت.
المقاومة الشعبية تملك قدرات هائلة لجذب الاهتمام بالقضية الفلسطينية
وحول واقع المقاومة الشعبية ، قال البرغوثي ان المقاومة الشعبية مرت بمراحل مختلفة، لكنها تمثل شكلا فعالا للنضال بل متجذرا مارسه الشعب الفلسطيني منذ عقود، وافضل صورها كانت ثورة 1936 والإضراب الكبير الذي رافقها لمدة 6 شهور، إضافة إلى أمثلة كثيرة مثل سفن كسر الحصار على غزة، وهبة القدس واسقاط البوابات الالكترونية، وقرى المقاومة الشعبية مثل باب الشمس واحفاد يونس والمناطير.
واكد البرغوثي ان المقاومة الشعبية في تراجع وسبب ذلك يعود الى عدم وجود قيادة واحدة وطنية موحدة وهذا الامر يجب ان يعالج، لان المقاومة الشعبية لا يمكن حصرها أو احتوائها في أشخاص أو اطر رسمية ، بل تعتمد على مشاركة الآلاف من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني.
واكد البرغوثي ان المقاومة الشعبية تمتلك العديد من القدرات لجذب الاهتمام بالقضية وتحدي الاحتلال واجراءاته، وهناك الكثير مما يمكن عمله .
أما عن استنكاف المواطنين عن المشاركة احيانا في فعاليات المقاومة الشعبية أكد البرغوثي ان "المواطنين يشعرون بالغضب لشعورهم بالتمييز على خلفيات عديدة كالانتماء الحزبي وعدم العدالة، ولكن حين يشعر المواطن ان له حقوق، يشعر انه بات يملك شيء وبالتالي يدافع عما يمتلكه".
واكد البرغوثي ان المقاومة الشعبية نجحت في جذب واهتمام ومشاركة الشعب والجماهير، مؤكدا ان الجماهير حين تشعر انه لا يوجد سيد عليها فإنها تشارك، ، وأن ما يجعل المقاومة قوية هو أن تكون شعبية.
المقاطعة و ترشح وكلاء شركات إسرائيلية في الانتخابات التشريعية:
وعن مستوى حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية، في ظل انتشار تلك المنتجات على رفوف المحلات التجارية قال البرغوثي " اليوم يوجد أكثر من هذا، فهناك معلومات عن وكلاء لشركات إسرائيلية ترشحوا لخوض الانتخابات التشريعية، أليس هذا أمر غريب ومرعب ويجب ان نفكر به مطولا".
واكد البرغوثي ان العامل الحاسم في المقاطعة هو العمل على الأجيال الصغيرة في ذلك قائلاً " كنت أقضي ساعات وانا أعطي محاضرات لطلاب المدارس في التوعية بالمقاطعة، وحين اطلقنا حملة لمقاطعة المنتجات كانت الشريحة الاكثر فاعلية هم الأجيال الصغيرة".
واكد البرغوثي انه من السخافة الفصل بين منتجات المستوطنات والمنتجات الاسرائيلية، خاصة ان كل منتجات المستوطنات تقدم على انها اسرائيلية، اضافة الى ان إسرائيل هي من تحتلنا وتمارس التمييز العنصري ضدنا .
وعن خسارة القضية الفلسطينية، للعديد من الدول التي كانت تؤيدها قال البرغوثي ان هناك اسباب تتعلق بإسرائيل وأسباب تتعلق بنا، وهي "ان إسرائيل وظفت مبالغ هائلة وقدرات كبيرة واستراتيجية للهجوم على القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية " أما فيما يخصنا نحن فهو متعلق "باستمرار الانقسام وعدم وجود انتخابات ديمقراطية وتجديد حيوية و بنية النظام الفلسطيني".
واشار البرغوثي الى انه رغم وجود تراجع على المستوى الرسمي، يوجد تقدم في الدعم الشعبي حول العالم للقضية الفلسطينية، من خلال ما نلمسه في حركة المقاطعة والتي تعد اليوم أقوى من اي وقت مضى، رغم محاولات تجريمها.
الانتخابات تمثل الأمل بالتغيير للأفضل
وختم البرغوثي حديثه بالقول إن امام الشعب الفلسطيني امل كبير باحداث التغيير، لافتا الى ان الخطر الاكبر على الشعب الفلسطيني هو الشعور بالاحباط والياس والإحساس بعدم القدرة على التغيير، لأننا اليوم أمام فرصة حقيقية نحو الأمل بالتغيير ونحو تحقيق آمال ملايين الفلسطينيين في التغيير وتحسين حياتهم .