- عمر حلمي الغول
مازالت الإدارة الأميركية تتحرك ببطيء شديد تجاة مصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني وقيادته، رغم مرور 88 يوما على تسلمها مهامها، وإقتربت أن تنهي ال100 يوم الأولى من ولايتها دون إحداث نقلة جادة وحقيقية في ملامسة ترقى إلى مستوى دور ومكانة وثقل الولايات المتحدة في الساحة الدولية والملف الفلسطيني الإسرائيلي خصوصا، وتتحرك كالسلحفاة تجاه العلاقة مع القيادة والقضية الفلسطينية.
نعم أعلنت الإدارة ممثلة برئيسها، ونائبة الرئيس ووزير خارجيتها، ورئيس مجلس الامن القومي وغيرهم موقفا إيجابيا من خيار حل الدولتين، وإسقاط صفقة القرن من جانبها، وأكدت ان أراضي دولة فلسطين محتلة في الخامس من حزيران 1967، وقدمت مساعدات رمزية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين ولموازنة السلطة، وفتحت حوارا اوليا بين أحد ممثليها (هادي عمرو) وبعض مقربين من السلطة، لكنها مازالت حتى اللحظة تسير كما المدحلة السوفيتية القديمة، او كالبطة العرجاء، متذرعة بانشغالها في العديد من الملفات، منها: الكورونا، والأزمة الإقتصادية، والعلاقة مع الصين وروسيا الإتحادية والملف الايراني وغيرها. ولا يبدو عليها في عجلة من امرها.
مما لا شك فيه، ان الملفات المذكورة مهمة وضرورية لصيانة المصالح الحيوية الأميركية والسلم والأمن العالميين، بيد ان الرئيس جو بايدن مطالب ان يولي ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الأولوية التي يستحق، وكان الأجدر به، ان يتصل مع الزعيم محمود عباس، رئيس دولة فلسطين المحتلة، لا اريد ان اقول قبل إتصاله مع نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، لكن في نفس اليوم، او في اليوم التالي. لكنه لم يبادر حتى الآن بهذة الخطوة، وهو ما يعكس عدم تقدير دقيق للبعد الفلسطيني، مع انه يعلم علم اليقين، ان الشعب والقيادة الفلسطينية مفتاح الحل والسلم والتعايش مع دولة الإستعمار الإسرائيلية والمنطقة ككل، وليس أحدا آخر من دول المنظومة العربية او الإقليم؛ أضف إلى ان الإدارة الديمقراطية رغم تبنيها موقفا إيجابيا وواضحا من خيار حل الدولتين، ورفضت الخطوات الأحادية الجانب الإسرائيلية، وبالتالي رفضت الضم وسياسة التهويد والمصادرة والأسرلة للاراضي الفلسطينية، بيد انها مازالت تراوح في دائرة اللفظ الشكلي، ولم تقرن القول بالفعل، بتعبير آخر، لم تلزم حكومة اليمين الصهيوني المتطرف بالوقف الفوري للإنتهاكات الخطيرة للمصالح والحقوق الفلسطينية.
كما ان الإدارة لم تتخذ موقفا واضحا من دور رئيس الحكومة الإسرائيلية الفاسد تجاه ترسيمه للفاشيين أمثال بن غفير وسموتيريتش، ودعمه القوي والمعلن لإنتخابهما في الكنيست ال24 الأخيرة، ولم تصدر تصريحا أو بيانا محددا تجاه سياسة التطهير العرقي والانتهاكات الفاضحة والمتناقضة مع القانون الدولي الجارية على الارض الفلسطينية، والتي باتت رسميا وبشكل فاجر دولة وملاذا للفاشية والعنصرية والتطرف والإرهاب المنظم، في حين ان احد المسؤولين الأميركيين قام بالتدخل المباشر في الشؤون الداخلية الفلسطينية، عندما طالب أي مرشح فلسطيني للمجلس التشريعي القادم أن "ينبذ العنف"، ويعترف بدولة إسرائيل، ويحترم الإتفاقات الموقعة معها." وكأن لسان حاله يقول، ايها الفلسطينيون لا تحلموا يوما بالمساواة بالصهاينة، الذين هم فوق القانون، ولا يجوز مقارنة انفسكم بهم؟! مفترضا ان الشعب الفلسطيني ضلع قاصر، يمكن له ولغيره من الأميركيين او الصهاينة القتلة، ان يملي عليه ما يشاء. وتناسى ذلك المسؤول الأميركي ان ذاكرته خانته، او كأنه حاول القفز عن رفض وتحدي الرئيس محمود عباس صفقة العار والرئيس السابق ترامب، وهو يتربع على عرش البيت الابيض، وواجهه بالمنطق ووفقا لقرارات الشرعية الدولية، واستنادا لحقائق التاريخ.
نعم نحن شعب صغير جدا، ولا نملك دبابات ولا صواريخ عابرة للقارات، ولا الطائرات الحربية الحديثة ولا القديمة ولا غواصات، ولا غيرها من الأسلحة السيبيرانية، لكننا نملك الإرادة الوطنية الصلبة، والإيمان الراسخ بحقوقنا، وبقرارات الشرعية الدولية، وحقنا التاريخي في ارض وطننا الأم فلسطين، وتمسكنا بخيار السلام العادل والممكن، وعليه نحن نرى في انفسنا مساوين لكل بني الإنسان، ونناضل من اجل العدالة والحرية وتقرير المصير وعودة اللاجئين إلى ديارهم وفق القرار الدولي 194، وبالتالي مطلوب من إدارة بايدن الإرتقاء بخطابها السياسي والقانوني وممارساتها العملية إلى مستوى المسؤولية لصناعة السلام المقبول دوليا، والذي رعته وتبنته الإدارات الأميركية السابقة باستثناء إدارة ترامب الأفنجليكانية المتصهينة، وعلى شخص الرئيس بايدن الإتصال فورا بالرئيس عباس، والكف عن الذرائع غير المبررة.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت