- عمر حلمي الغول
معركة الدفاع عن العاصمة الأبدية، القدس لم تتوقف منذ الإحتلال الصهيوني لها في الخامس من حزيران 1967 وحتى اليوم، ولكنها خلال ال56 عاما الماضية كانت تأخذ خطا بيانيا حلزونيا بين الصعود والهبوط، وبين التقدم والتراجع إرتباطا بتطور الأحداث فيها وحولها ومن اجلها، ومن اجل قضية الحرية وتقرير المصير والإستقلال والعودة. لإن ما يجري في زهرة المدائن مرتبط إرتباطا عميقا بكل مكونات القضية الوطنية، وهي تمثل بؤرة الصراع وعنوانه، لإنها كانت ومازالت منذ وطأتها اقدام الغزاة الصهاينة الحديثة في اوساط ستينيات القرن الماضي، وهي عنوان الضم والتهويد والمصادرة، والتي توجت بصفقة القرن الترامبية بالإعتراف بها عاصمة لدولة المشروع الصهيوني، وتم نقل السفارة الأميركية لها في ايار / مايو 2018، ثم جاءت المصداقة على قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" في تموز / يوليو 2018 ليكرس ما إدعاه الصهاينة ب"حق تقرير المصير في فلسطين من البحر إلى النهر باليهود الصهاينة" ودون اي حق لإبناء الشعب العربي الفلسطيني في ارض وطنهم الأم. ومازالت معركة الدفاع عن الحقوق الوطنية، وانجاز السلام الممكن والمقبول على حدود الرابع من حزيران عام 1967 مفتوحة على مصاريعها.
واستمرارا للمعركة المفتوحة على مذبح الحرية والإستقلال وطرد الغزاة الصهاينة من القدس وكل ذرة تراب من فلسطين، تعود للإشتعال من جديد معركة الدفاع عن القدس المستهدفة، والتي أخذت بعد إنتخابات الكنيست ال24 في آذار/ مارس الماضي توجها اكثر إحتداما مع صعود الفاشية الرسمية ممثلة بحزب "الصهيونية الدينية" بزعامة سموتيريتش، وحزب الكاهانية "قوة إسرائيل" بزعامة بن غفير، وزعيم منظمة "لهبا" أو "لاهافا" إلى قبة البرلمان الصهيوني، وأعلانهم بالإتفاق والتخطيط مع نتنياهو، زعيم الليكود وكل نخب وكتل اليمين المتطرف بفرض الضم على الأرض في القدس العاصمة الفلسطينية العربية، والتي تصاعدت خطوة خطوة مع دخول شهر رمضان المبارك هذا العام، ووصلت امس ليلة الخميس الجمعة الموافق 22/4/2021 لحظة الإنفجار، حيث هدف الصهاينة الفاشيون السيطرة على المسجد الأقصى وابوابه للحؤول دون وصول ابناء الشعب الفلسطيني من اتباع الديانة الإسلامية لإولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لإداء فروض العبادة وخاصة الصلاة، وتم الإعلان عن مظاهرة للفاشيين الصهاينة بدعم وحماية من أجهزة وقوات الأمن الصهيونية المختلفة، وهتفوا بشعاراتهم العنصرية "الموت للعرب" و"سنحرق قراكم" والدم اليهودي ليس رخيصا"، وهذة الشعارات برسم أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين سيفرضوا منهاجا تعليميا جديدا على الفلسطينيين، ليراجعوا سياساتهم الغبية والمتواطئة مع الصهاينة.
وكان هدف الفاشيون الأول الوصول لباب العامود والسيطرة عليه، لإستكمال الهجوم على كل بوابات المسجد الأقصى. ولكنهم لم يتمكنوا، وتم سحق هجومهم وإعادتهم اذلالا إلى جحورهم مع الشرطة واجهزة الأمن الصهيونية الجبانة، وحاولوا إعادة الكرة مجدا غير انهم فشلوا، مما اضطر الشرطة وحرس الحدود بتفريقهم، وإعادتهم من حيث جاؤوا، لإنهم هزموا امام إرادة ابناء القدس الأبية.وكانت المعركة البطولية امتدت لحي الشيخ جراح، احد اهم بؤر المواجهة مع الدولة الصهيونية برمتها، الذي تجري فيه عمليات الهدم والضم والمصادرة للعقارات على رؤس الأشهاد. نتج عن المعركة أصابة 102 من ابناء الشعب، مقابل اصابة 22 شرطيا وجندي صهيوني.
وكان لوصول نجدات من ابناء مدينة ام الفحم لحماية المسجد الأقصى لإداء صلاة الفجر، وعقب المظاهرات والمواجهات المحتدمة أثرا هاما في تعزيز المعنويات في اوساط ابناء الشعب من المقدسيين، وتمكنوا من كسر حاجز باب حطة، ومنعوا استفراد قوات الصهاينة وقطعان مستعمريهم بالمقدسيين الأبطال.
نعم صوت الفلسطينيون المقدسيون بالدم لفلسطين والقدس العاصمة الأبدية، اثناء مواجهتهم بصدورهم العارية، وإرادتهم الفولاذية آلة البطش الصهيونية، وادواتها الفاشية، وأعلنوا النفير العام دفاعا عن كرامتهم، وكرامة شعبهم وامتهم العربية، وكرامة كل انصار ومحبي السلام والتعايش والتسامح، ورفض الموت والجريمة والإرهاب الصهيوني المنظم.
لم تنته المواجهة عند ما حصل الليلة قبل الماضية، وستتواصل الهبة الشعبية، لإن اجهزة الأمن الصهيونية قامت باعتقال العديد من ابناء الشعب، كما وقامت بالإتصال الشخصي على العديد من نشطاء الدفاع عن القدس من ابنائها لتحذيرهم من التواجد الليلة الجمعة السبت في ساحة باب العامود ومحيط ابواب المسجد الأقصى، غير انهم لم يذعنوا، ورفضوا استقبال التهديدات الإرهابية من ممثلي تلك الأجهزة القمعية. الأمر الذي يفرض على كل القوى والنخب وقطاعات الشعب توسيع دائرة المعركة في الجبهات المختلفة، وتقديم العون والدعم لإبناء جلدتهم لهزيمة مخطط دولة الإستعمار الصهيونية في القدس العاصمة وفي عموم الأرض الفلسطينية المحتلة.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت