- كتب : محمد بسام جودة
إن ما يجري في مدينة القدس في هذه اللحظة التاريخية أشبه بإنتفاضة شعبية عارمة يجب أن يفتخر بها كل مواطن فلسطيني حر ، من أجل إثبات الوجود والسيادة علي هذه المدينة المقدسة ، التي لن تكون بأي حال من الأحوال إلا سيادة فلسطينية وعلي العالم أن يعترف بذلك ، فالقدس كانت وستبقي درة التاج لفلسطين وعاصمتها الأبدية .
لقد أثبت أهل القدس وأبطالها أنهم ليسوا بحاجة لأذن أو موافقة من أحد لإثبات الوجود الفلسطيني علي هذه الأرض المقدسة ، وأن المعركة الحقيقية مع الاحتلال ، الذي يسرق أرضنا ويصادر ممتلكاتنا وينتهك حقوقنا ويسلب أحلامنا وتطلعاتنا نحو المستقبل ويحرمنا من تنفيذ مشروعنا الوطني الديمقراطي ويعادي كل القيم الأنسانية ، لقد أعطي شباب القدس درساً للجميع كيف ستفرض العاصمة حضورها في معركة السيادة والديمقراطية ، وكيف ستنتزع حقها ولا تسلم بالواقع الذي يفرضه ويقرره الاحتلال .
إن إنتفاضة القدس التي تصاعدت في الساعات والأيام الماضية ضد عربدات المستوطنين، ودفاعاً عن المسجد الأقصى، ورفضاً لسياسات التطهير العرقي وهدم المنازل وسرقة الأراضي وتدنيس المقدسات، هي رسالة من أهل القدس وشبابها للعالم أجمع بأن القدس عربية وهويتها فلسطينية وهذا موقف الكل الوطني ، الذي يدعم ويساند هذه الانتفاضة ويتوحد خلف أهل القدس لتعزيز صمودهم وثباتهم في هذه المعركة الباسلة من أجل إثبات الحق الفلسطيني بالسيادة علي هذه الأرض وبأن القدس هي العاصمة لفلسطين ، وأنها ستفرض نفسها بقوة وستكون حاضرة في معركة الديمقراطية الفلسطينية المتمثلة بالانتخابات رغماً عن أنف الاحتلال وجبروته.
لا شك أن القدس لم تكن يوماً قضية انتخابات بل قضية وطنية وقضية حق ووجود ومصير ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تصغير شأنها أو التقليل منه ، فالقدس العاصمة هي أصل الحكاية وهي مفتاح الحرب والسلام ، وهي عنوان الصراع والقضية ، وهي البوصلة نحو الوطن والثوابت الفلسطينية ولأجلها تهون كل التضحيات والمسميات ، وأن المزاودات التي تطلقها بعض القوائم الانتخابية ومرشحيها فيما يخص القدس ، ومحاولة التقليل من أهمية مشاركة العاصمة في العرس الديمقراطي الفلسطيني ، هو في الحقيقة عمي وطني وسياسي وأخلاقي ، وتساوق مع مخططات الاحتلال وأهدافه ، هؤلاء يجب أن يلفظهم شعبنا إلي المزابل القريبة من عتابات المجلس التشريعي وليس انتخابهم أعضاءاً فيه .
أعتقد أن المقعد في المجلس التشريعي والراتب والفصيل وكل المصالح الشخصية والحزبية لا ترتقي لأن تكون في الميزان مقابل القدس، ولعل شباب القدس مراراً أثبتوا كيف تكون وحدة العمل وكيف تكون التضحية وكيف تكون المقاومة وكيف نتجاوز الفئوية والتقزمات ، وبدلاً من صعود منابر الخطابة لدي البعض بهدف التشكيك والمزايدة وإطلاق خطابات الكذب والتضليل وإشاعة الحقد والكراهية بين الفلسطينيين ، نريد أن نري هؤلاء في ساحات النضال والمواجهة مع المحتل ، وأن يتعلموا كيف يستمدوا القوة من الروح الكفاحية التي يحملها أهل القدس وخيرة شبابه وزهراته الذين يدافعون عن شرف وكرامة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده ، فشتان بين من يريد مقعدا للنضال على درج باب العمود وفي ساحات المسجد الأقصى وأزقة وحارات القدس وبواباتها وبين من يسعى لمنصب ومقعد يؤهله للحديث عن القدس وعن فلسطين علي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي .
أخيراً لابد من القول أنه لا شرعية لأحد في فلسطين إلا من خلال الدخول من بوابات القدس ، فالقدس هي خط الدفاع الاول عن الكرامة الفلسطينية ، وهي مصدر السلطات وليس مجلس الانتخابات ، ولا انتخابات دون القدس عاصمة فلسطين الأبدية ، شاء من شاء وآبي من آبي ، وإنها لثورة حتي النصر والتحرير .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت