- د. خالد معالي
ما جرى في القدس المحتلة من هبة أو انتفاضة ومظاهرات عارمة، أو سمها كما شئت، حركت المياه الراكدة، وجعلت القدس تتصدر الأحداث، فلا حياة مع السكون والصمت الرهيب، بل الحياة وأحداثها تدفع بعضها بعضا ليعمر الكون، عبر قلائل أجادوا فن إدارة الحدث باقتدار وديمومة، وفهموا جيدا سنن الكون.
لله درك يا غزة هاشم، فما أن تذكر القدس حتى تكون غزة مرادفة لها تنصرها إن عز وقل النصير، وانظر معي كيف أن القدس كانت وما زالت في قلب وعقل غزة هاشم، والتي هددت وفعلت بفارق ساعات قليلة جدا، وقصفت الاحتلال ب 36 صاروخ باعتراف جيش الاحتلال، والذي اقر ان ستة صواريخ فقط تم اعتراضها، وهو ما يعني ضعف وهشاشة الاحتلال.
بالمقابل بقي العالم العربي والإسلامي بلا أية مظاهرة لحد الان، لنصرة القدس ولو من باب رفع العتب، وهو ما يؤرق القلب والعقل، فالقدس لا تخص أهل فلسطين لوحدهم، كونها عقيدة أمة، وقرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار.
لاحظ معي أن القدس المحتلة كما عهدناها دوما، فهي توحد ولا تفرق، بمقاومتها وانتفاضتها، وتلملم الشمل الفلسطيني، وبعكس المفاوضات فهي كانت دوما تفرق كونها تفتقد الندية، وجرت من مركز ضعف وليس قوة.
ليس المطلوب من القدس واهاليها أن يبقوا وحدهم في معركتهم مع المحتل، بل يجب على ألفي مليون عربي ومسلم نصرة القدس معنويا وماديا، وبكل الطرق المتاحة، ففي القدس مواجهات من نقطة صفر, ولا يصح للعرب أن يتفرجوا دون مد يد العون، على الأقل مظاهرات تأييد وطرد سفراء الاحتلال فهل هذا كثير.
بصدور عارية يواجه اهل القدس المحتلة جنود وشرطة الاحتلال المدججة بمختلف انواع الاسلحة، فهل بقي عذر لشعوب وجيوش العرب والمسلمين؟!
قد يقول قائل ان ما يجري في القدس لن يحررها ولن يحرر فلسطين، فمظاهرات ومواجهات كيف لها ان تزيل محتل مدجج بمختلف انواع الاسلحة؟! وهذا عين الجهل، فكل حركة وكل مسيرة ومظاهرة، واي عمل ضد الاحتلال مهما كان صغيرا يساهم بطرد المحتل وكنسه، لاحقا، وهو عمل تراكمي وليس كبسة زر.
تسابق القوى على تبني فعل اهل القدس وتصديهم لجيش وشرطة الاحتلال، هو عمل محمود، فالتسابق على الفعل الصحيح والمقاوم مطلب لا يجب ان يتوقف للحظة، بدل هدر الطاقات في تناقضات فرعية، فالمقاومة دائما تجمع وتوحد الطاقات، والمفاوضات كانت دوما تفرق ولا تجمع القوى والشعب.
لن ينجح الاحتلال يتهويد القدس المحتلة، ما دام فيها نفس مقاوم كما نراه بالصوت والصورة، وما دام فيها شباب مستعدون للتضحية وتقديم الغالي والنفيس، والقدس المحتلة، تثبت عروبتها واسلاميتها عبر صمود وثبات أهاليها الابطال رغم شح الإمكانيات وقلة النصير.
القدس هي ضمير الأمة الاسلامية والعربية، والأمة نائمة صحيح، ولكن القدس ها هي تشرع بايقاظها وتنعشها من جديد، وغطرسة الاحتلال وبطشه وغيه هو السبب، وحكاية جيش لا يقهر، وقوة الاحتلال، ما عادت تنطلي على احد، وما عادت كالسابق، فهو لم يقدر على ايقاف صاروخ توجه لمفاعله النووي بديمونا، ولم يقدر على صد وايقاف صواريخ غزة العزة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت