- ثائر محمد حنني الشولي
منذ إعلان تأسيس الحركة الصهيونية العنصرية الفاشية في القرن التاسع عشر الميلادي وعيون جهابذتها وعتاتها وما يسموهم (حكماء صهيون) تتطلع الى القدس بعين الإستعمار والإستيطان والإستيلاء والإستحواذ, ونزعها من أصحابها الشرعيين لما تشكله من مكانة دينية وروحية للأمة العربية بمسلميها ومسيحييها , حيث كانت قبلة المسلمين الأولى ومسرى الرسول صل الله عليه وسلم وقيامة المسيح ومهبط الرسل جميعاً, وإن عملية السيطرة عليها تعني الكثير من الخطط والبرامج الإستعمارية الهادفة أساساً شل الأمة العربية والحؤول دون نهضة الأمة العربية الإسلامية وتالياً السيطرة على مقدراتها وثرواتها وخيراتها .
وعندما تسنى للحركة الصهيونية الإستعمارية تحقيق بعضِ من أهدافها بمساعدة القوة المنتدبة لفلسطين وهي (بريطانيا) والإعلان عن قيام الدولة العبرية في العام 1948م على أجزاء كبيرة من الأراضي العربية الفلسطينية على حساب الشعب العربي الفلسطيني الذي تعرض لفصول نكبته الكبرى في ذلك العام , حيث جرائم الحرب والإبادة الجاعية التي راح ضحيتها عشرات الاّلاف من الشهداء رجالاً وشيوخاً ونساءً وأطفالاً, وكذلك جرائم التطهير العرقي التي تسببت بتهجير الملايين من أبناء شعبنا ممن لا زالوا حتى يومنا هذا يقاسون ويعانون ويكابدون اّلالام اللجوء والشتات في أصقاع المعمورة .
ولقد واصل جنود الإحتلال وعصاباته زحفهم الإستعماري الإحلالي صوب القدس هدفهم الأساس والتي تصدت لهم ببسالة منقطعة النظير شارك في الدفاع عنها فرسان من الجيشين الأردني والعراقي . ودارت هناك رحى حرب حامية الوطيس سقط فيها مئات الشهداء الفلسطينين وكل الجنود العرب المرابطين على أسوارها والذين أبو الإستسلام وأصروا على نيل الشهادة دفاعاً عن عروبة القدس. ولما ظن الأحتلال إحكام سيطرته على القدس وراح يمارس فيها كل جرائمه بشكل ممنهج وبهدف تصفية الوجود العربي والمعالم الإسلامية والمسيحية فيها , والتي بائت جميعاً بالفشل نظراً لوقفة أهالي القدس البطولية وإستعدادهم الدائم للدفاع ليس عن عروبة القدس فحسب,وإنما عن شرف الأمة العربية الإسلامية من محيطها الى خليجها مهما كلفهم ذلك من ثمن .. يفدونها بأرواحهم.. ويسقونها من دمائهم الزكية..يواصلون إشتباكهم مع العدو رغم قساوة الظروف التي يعيشوها وثقل الإجراءات العنصرية الصهيونية على كاهلهم.. وحجم الإستهداف الذي طال كل تفاصيل حياتهم اليومية .. لم ولن تثنهم كل أشكال القمع والترهيب والترغيب تلك عن مواصلة الكفاح الدؤوب والمشروع بشتى الوسائل والسبل دفاعاً عن عروبة القدس في وجه التهويد والأسرلة ,وكذلك حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وصد كل المحاولات المحمومة الرامية الى تقسيم المسجد الأقصى مكانياً وزمانياً , بل وحتى هدمه لصالح بناء هيكلهم المزعوم والمزروع في خيلاتهم المريضة.
وإزاء صمود أهلنا الأسطوري في القدس المحتلة وعجز جيش الإحتلال وحكومته عن كسر إرادتهم في عدة إختبارات , جاء دور المنظمات الإستيطانية الإرهابية لتجرب حظها مع أهلنا هناك , حيث دعت منظمة لاهافا الإستيطانية الإرهابية لتنظيم مسيرة مسلحة من عتاة المستوطنين المجرمين في شوارع القدس تحت شعار ( الموت للعرب) , كما ودعت تلك المنظمة وبشكل مفضوح على وسائل التواصل الإجتماعي (واتس اب)وعلى مسمع ومرأى جيش الإحتلال وشرطته وحكومته الى كسر رؤوس المقدسيين والإعتداء عليهم بالسلاح والسكاكين والعصي, ظناً منهم أنهم سيلقون الرعب في قلوب أهل القدس والمرابطين في المسجد الأقصى , وبالتالي إجبارهم على بيع ممتلكاتهم ومغادرة مدينتهم المقدسة وهجرتها طمعاً في الحفاظ على حياتهم وسلامة أولادهم وعوائلهم , فخاب فألهم ومرة تلو المرة وجدوا فيها قوماً جبارين لا ترهبهم تلك الوجوه الصفراء من أشباه الرجال , وخاضوا معهم وهم عزل إلا من إرادة البطولة والتصدي معركة غير متكافئة وحامية الوطيس في شوارع وأزقة القدس العتيقة , أسفرت عن تحقيق إنتصاراً باهرا ومظفراً على قطعان المستوطنين المدججين بالسلاح يساندهم جيش وحكومة الإحتلال .. ليضاف الى سلسلة إنتصارات حققها أهلنا هناك ومنها ما هو ليس بعيد وكلنا يتذكر معركة البوابات والكاميرات الإلكترونية التي إنتهت بإنتصار ساحق للقدس العربية الإسلامية على كل محاولات التهويد والأسرلة . لقد شكل إنتصار القدس والخان الأحمر وقرى النقب المهددة بالهدم والشطب عن الخارطة الجغرافية باكورة الإنتصار الفلسطيني في كل بؤره الساخنة.. في الأغوار ونعلين وبلعين وكفر قدوم وبيت فوريك وبيت دجن وترمسعيا والخضر وغيرها الكثير .
بل وستنعكس جملة هذه الإنتصارات الشعبية في القدس وباقي الأراضي الفلسطينية إيجاباً على الحالة العربية نحو تعزيز نهج المقاومة والعمل القومي المشترك في مواجهة كل التحديات والمخاطر المحدقة التي تتعرض لها الأمة العربية وقضيتها المركزية ( فلسطين), وعلى طريق دحر قوى الإستعمار والإحتلال والإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية, وردع ولجم كل الأطماع المحيطة بأمتنا العربية.
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي بيت فوريك – فلسطين المحتلة نيسان – 2021م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت