- المشاركون: القمع المسنود بالقوانين التمييزية مرشح للتزايد
- افتقاد المواطنين العرب للحماية يسوّغ العمل على تدخل أممي
نظم المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" لقاء صحافيا يوم الإثنين 31 أيار 2021، حول "التطورات الأخيرة للهبة الفلسطينية داخل الخط الأخضر"، استضاف فيه ممثلين عن الصحافة العالمية، وتحدثت فيه المديرة العامة لـ"مدار" د. هنيدة غانم، ونائبة مدير مركز عدالة- المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل المحامية سوسن زهر.
افتتحت غانم اللقاء بعرض موجز للتغيرات السياسية الراهنة في إسرائيل، خاصة في ظل المساعي الحثيثة لتشكيل حكومة جديدة قد تنهي حكم نتنياهو الذي استمر نحو 12 سنة. وقد أوضحت غانم أن التغييرات العميقة التي خلفها حكم نتنياهو اليميني في إسرائيل على المستوى السياسي، الحقوقي، الاجتماعي توفر مدخلا لا يمكن تجاهله لفهم أوضاع فلسطيني الداخل عشية اندلاع الهبة الأخيرة، خاصة في المدن المختلطة.
وحول تراجع التيارات العلمانية واليسارية في إسرائيل خلال الفترة الأخيرة، والانزياح العام للمجتمع الإسرائيلي نحو اليمين، واليمين الديني المتطرف، أشارت غانم أن فترة حكم نتنياهو شهدت تغييرات في ثلاثة مجالات. أولا، على المستوى الاجتماعي داخل إسرائيل كان هناك هيمنة للخطاب اليميني والديني، تمثل في التقليل من شأن القيم الديمقراطية للدولة في مقابل إعلاء شأن "يهودية الدولة". فمثلا، ترك سن قانون أساس الدولة اليهودية في العام 2018 آثاراً حقوقية، اجتماعية وسياسية على وضعية المواطنين العرب. ثانيا، على مستوى المجتمع المدني، شهدت السنوات السابقة نمواً ملحوظاً لمجتمع مدني يميني متطرف يهدف إلى نزع الشرعية عن كل مؤسسات حقوق الإنسان التي تنتقد إسرائيل. فاليمين الجديد لديه اليوم قاعدة "مجتمع مدني" عريضة ومراكز أبحاث يمينية، ومصادر تمويل سخية تسعى إلى توفير حاضنة اجتماعية وحقوقية للأجندات اليمينية داخل اسرائيل. ثالثا، على مستوى الأداء الحكومي، عملت حكومات نتنياهو المتعاقبة على طمس القضية الفلسطينية، ودفعها إلى مكانة ثانوية في مقابل إقامة علاقات تطبيعية من بعض دول المنطقة واقتصار المسألة الفلسطينية على مفهوم "السلام الاقتصادي".
وشددت غانم على أن هذه التغييرات مجتمعة أثرت بشكل مباشر على المواطنين العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل من خلال مأسسة "التفوقية اليهودية"، وتأجيج خطاب داخلي يميني متطرف. وهذه التغييرات لم تصل بعد إلى أوجها، لأنها كما أشارت غانم، فإن أكثر من 72 مقعدا من أصل 120 داخل الكنيست هي لليمين واليمين الجديد الصهيونيين. فحتى في ظل حكومة لا يرأسها نتنياهو، فأن سيناريو توطيد فكرة "الدولة اليهودية" و"التفوقية اليهودية" سيستمر في السنوات القادمة وسيكون العرب داخل إسرائيل من أولى الفئات التي ستعاني من تنامي الاضطهاد من قبل المؤسسة الرسمية.
مواطنون بلا حماية
من جانبها، قدمت المحامية سوسن زهر سرداً مفصلاً لتسلسل الأحداث التي آلت إلى اندلاع المواجهات في المدن المختلطة، موضحة أن اقتحام المسجد الأقصى في الأيام الأخيرة من رمضان، بالإضافة إلى منع أهالي الداخل من الوصول الى القدس في ليلة القدر ساهمت في تأجيج مشاعر الفلسطينيين بالداخل. وقد كان للعنف المفرط وغير المبرر الذي مارسته الشرطة الإسرائيلية، خاصة بحق فلسطينيي الداخل، دور أساسي في اندلاع المواجهات.
وبناء على الشهادات والتوثيقات التي جمعها مركز عدالة، توقفت زهر بشكل مفصل عند الحماية والدعم الذي وفرته الشرطة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية للمستوطنين الذي شاركوا في الهجوم على المدن المختلطة. فمثلا، بعد استشهاد موسى حسونة من مدينة اللد فجر الثلاثاء 11 أيار، قامت الشرطة بإطلاق سراح المتهم الرئيس بدعوى "القتل دفاعا عن النفس". ولفتت زهر الانتباه إلى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين في الداخل وصل إلى نحو 1800 معتقل، من بينهم فقط 180 يهودياً. كما أن الشرطة الإسرائيلية تغض النظر عن مجموعات المستوطنين الذي ينتظمون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المكشوفة للجميع، ويستخدمونها للتخطيط لهجمات على أحياء عربية في الداخل. وانتقدت زهر انحياز الشرطة المطلق ضد المواطنين العرب، وأشارت إلى أن حملة الاعتقالات الواسعة شملت عنفاً شرطياً، وتعمدت إحداث خراب في المنازل وترويع السكان في ساعات الليل، بالإضافة إلى أن الاعتقالات تتم في كثير من الأحيان بدون إذن من النيابة أو المحكمة الإسرائيلية.
وحذرت زهر بأن ممارسات الشرطة والمخابرات الإسرائيلية في قمع المظاهرات العربية، وتنفيذ اعتقالات واسعة واحترازية، قد تكون مجرد جولة واحدة من الممكن أن نرها تتكرر في المستقبل. وذلك بسبب غياب الرقابة على عمل الشرطة الإسرائيلية، وتحديدا بعد سن قانون أساس "الدولة اليهودية" والذي قد يعني حرمان المواطنين العرب من حقهم الدستوري بالحماية. وعليه، قامت عدالة مع لجنة المتابعة العليا بتقديم طلب للأمم المتحدة بتوفير حماية دولية للمواطنين العرب داخل إسرائيل.