على مدار 11 يوما، ولساعات طويلة، دكت الصواريخ الإسرائيلية غزة خلال الحرب الأخيرة على القطاع، لتدمر المنازل والشوارع والأبراج السكنية؛ بحجة سعي إسرائيل للقضاء على ما أطلقت عليه "مترو حماس" في القطاع، فاستشهد العشرات وأصيب مئات آخرون، معظمهم من المدنيين.
وللمرة الأولى منذ انتهاء الحرب، سمحت كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) لقناة الجزيرة بالتجول في مناطق واسعة من أنفاقها، والاطلاع على جزء من الأضرار التي لحقت بها جراء القصف الإسرائيلي.
ورافقنا موسى (أحد مقاتلي كتائب القسام) في جولة شملت أنفاقا مختلفة وممرات طويلة وممتدة وتفرعات ومعابر ومخازن أسلحة ومرابض لإطلاق الصواريخ، تقول القسام إنها جزء من منظومة الأنفاق القتالية والعملياتية تحت الأرض.
أضرار محدودة رغم القصف المكثف
ويقر المقاتل القسّامي بوجود أضرار وصفها بالمحدودة، مؤكدا أنه تم ترميم جزء كبير منها بعد انتهاء الحرب مباشرة.
وأشار إلى أن كتائب القسام لديها آلية لعزل وإبعاد الأجزاء والأماكن التي تتضرر بفعل القصف الإسرائيلي.
ويقول موسى إن "جيش الاحتلال الإسرائيلي وخلال المعركة الأخيرة حاول بكل ما أوتي من إمكانات قتالية وقصف بعشرات القنابل -لا سيما الموجهة بالليزر والقصف المدفعي وقصف الطيران المسير- الوصول إلينا واستهدافنا، لكننا كنا نقوم بمهامنا القتالية من خلال هذه الشبكة الممتدة من الأنفاق على أكمل وجه".
ويضيف "اعتمد جيش الاحتلال في هجماته على الربط والتخيل وليس على المعلومات، حيث كان يقصف مساحات واسعة -بما فيها المنازل والمدنيين- في توقع منه أنه قد يصل إلينا، ولكنه خاب وخسر؛ فالمقاومة ورجالها ومقدراتها ما زالوا بكل خير".
ويستشهد المقاتل في كتائب القسام على صحة حديثه بأن الاحتلال الإسرائيلي لم يستطع التأثير على مستوى زخم نيران المقاومة من أول يوم إلى آخر يوم في المعركة.
غرف مجهزة وخرائط لإدارة المعارك
وخلال الجولة التي استمرت عدة ساعات، شاهد مراسل الجزيرة للمرة الأولى بعد الحرب غرفا مجهزة بمعدات اتصال وخرائط تقول القسام إنها كانت تستخدم لإدارة المعارك والعمليات التي تستهدف الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول جهاد (أحد المقاتلين الذين شاركوا في عدد من العمليات ضد الجيش الإسرائيلي) إن هذه الغرفة واحدة من غرف القيادة والسيطرة التي استخدمت في الحرب، ولا تزال تستخدم بعد انتهاء الحرب، ويوضح أنها مجهزة بجميع المعدات والأدوات اللازمة لقيادة العمليات وإدارة القوات.
ويؤكد المقاتل القسامي أن شبكة الأنفاق كان لها دور مهم في توفير مبادئ أساسية من مبادئ القتال، أهمها التأمين ومرونة المناورة، وهو ما منح المقاومة مستوى مناسبا من التفوق خلال المعركة الأخيرة والمعارك السابقة، رغم كل ما يملكه الاحتلال الإسرائيلي من ألوية مدرعة، وتشكيلات قتالية وسلاح جو، ودعم وغطاء دولي.
وأعطت الأنفاق -حسب جهاد- مزايا عدة للمقاومة الفلسطينية، حيث استطاعت من خلالها أسر جنود إسرائيليين خلال حرب عام 2014، بالإضافة إلى عمليات التسلل خلف خطوط العدو، وإدامة منظومات الصواريخ طوال أيام المعارك.