- د. خالد معالي
حرارة عالية جدا تلزم لفرز معدن الذهب عن المخلفات والملوثات؛ ولاحقا ليتفرغ من بقي معدنهم من الذهب لدولة الاحتلال؛ لإزالتها وطي صفحتها للأبد، وهل هناك معدن انقى من ذهب غزة، فرجالها معادنهم من ذهب وكل رجل يساوي الفا، وان كان هناك منجم من ذهب، فهي غزة، ففوقها وتحتها وبين سراديب وممرات انفاقها، هناك رجال بنقاوة الذهب الخالص.
استراتيجيا، فشل الاحتلال، فخطط كبار الصهاينة في مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897 قد فشلت؛ بجلب 20 مليون يهودي إلى فلسطيني المحتلة؛ حيث لم يستطيعوا سوى جلب قرابة خمسة مليون، والان بعد انتصار المقاومة بحد السيف وبعد 54 عاما على ذكرى النكسة، صار الصهاينة يعدوا العدة ويفكروا بالرحيل وان لم يعلنوها على الملأ.
النكسة بذكراها أل 54 مؤلمة وموجعه، ولكن غزة جعلت هناك بصيص من الأمل والنور؛ تحول إلى واقع ورافعة نصر، للتخلص من النكسة وألمها، بفعل أن الزمن ما عاد يعمل لصالح دولة الاحتلال؛ والدليل واضح امامنا وضوح شمس حزيران، فغزة رغم حصارها تقض مضاجع الاحتلال وتمنع التجول على عاصمته الوهمية الورقية.
أليست غزة هي التي اجبرت الاحتلال ان ينسحب ذليلا صاغرا، من 22 مستوطنة في غزة؟! وهي التي قال عنها "شارون" يوما؛ أنها مثل تل الربيع "تل أبيب".
صحيح انه في الخامس من حزيران عام 67؛ شرعت قوة لدولة لقيطة غير شرعية؛ أقيمت بقوة السلاح والإرهاب؛ بهزيمة مصطنعه، لمحيطها من دول عربية ؛ ما زلنا نعاني منها حتى الآن، لكن حقيقة لم يكن هناك حرب حقيقة، بل سلم واستلم، والدليل معركة حد السيف التي لم يستطع فيها الاحتلال فعل شيئ يقضي على المقاومة، بل ان المقاومة هي التي صارت تحدد التوقيت للبدء والقصف ومنع التجول على الاحتلال.
نكسة عام 67؛ كانت بسبب النظم الشمولية والدكتاتورية؛ تلك الهزيمة المدوية التي ما زالت تتسبب بمعاناة 15 مليون فلسطيني؛ حيث يقتل أو يجرح كل يوم فتية وفتيات وأطفال وشباب؛ على حواجز الاحتلال، وتصادر أراضيهم ويهجروا ويطردوا ويشتتوا في منافي الأرض.
لاحظ معي انه بعد 54 على ذكرى النكسة لم يستطع الجيش الذي لا يقهر على هزيمة قلة مؤمنة في غزة في الحرب العدوانية عام 2021؛ وهو ما يشير ويعني تراجع هيبة وقوة وردع ما يسمى زورا وبهتانا من أنه الجيش الذي لا يقهر.
طيران الاحتلال الذي نجح بتركيع دول عربية خلال ستة أيام بالنكسة؛ لم يستطع هذا الطيران برغم أن قوته التدميرية زادت مئات الأضعاف؛ من تركيع غزة؛ رغم صغر مساحتها، وحصارها برا وبحرا وجوا، وسهولة قصف الأهداف المفترضة فيها بكبسة زر.
دولة الاحتلال بعد 54 عاما من ذكرى النكسة ضعيفة، ولا تملك قوة فكرية وأخلاقية تمكنها من الاستمرار في احتلال الشعب الفلسطيني، ولذلك كان سهلًا على مقاومة بسيطة ومحاصرة في غزة مع فارق القوى الكبير أن تطرده بما تملك من قوة عقدية وفكرية، وتكون مدرسة عالمية في النضال والتضحية، ما زالت دروسها تتوالى، ففي حد السيف بانت عورة الاحتلال، وكشف هشاشة جبهته الداخلية وضعغها، وعدم فاعلية سلاح الطيران لديه الذي كان يعول عليه بهزيمة العرب، بانتظار هزيمته النهائية بجولات مقبلة.
من كان يحلم يومًا ما أن تصل صواريخ فلسطينية إلى عمق الأراضي المحتلة عام 1948م، وتجبر قادته على الاختباء في ملاجئ يعتقد أنها محصنة تحت الأرض، ويتم قنص حافلات الجنود ومركباته بفعل سلاح "كورنيت".
كنا نأمل، ونتمنى أن يجري التغيير في العالم العربي سريعًا دون بحور من الدماء؛ عبر كنس الانظمة الشمولية واختيار الشعرب من يمثلها بحرية حقيقية، للتفرغ لتحرير فلسطين، ولكن الأمنيات شيء والواقع شيء آخر، ونسأل الله اللطف بأمتنا، وأن يحمي شعوبها المغلوبة على أمرها.
أكثر وأكبر عبرة من النكسة يجب أن يخرج بها الشعب الفلسطيني؛ وهي واضحة وضوح شمس حزيران؛ من أن الفرقة والانقسام؛ تشتت وتهدر الطاقات وتسعد المحتل؛ وأنه لا بديل عن الوحدة ورص الصفوف، كما تجلت خلال معركة وجولة حد السيف، وتوحيد الطاقات في مواجهة المحتل؛ عبر برنامج وطني مقاوم متفق عليه، استعدادا للجولة الكبرى القادمة التي هي وعد الله، عندما "وما النصر إلا من عند الله."
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت