- بقلم علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب
إذا أردت بعد محنة اليرموك معرفة أين إستقر (س) أو (ع) مؤقتاً من أبناء اليرموك، فعليك الذهاب الى قهوة الكمال أو الحجاز أو الهافانا ... أو الذهاب الى قدسيا، الضاحية، جرمانا، صحنايا ... أو في الزاهرة. لقد صَنَعت تراجيديا النكبة الفلسطينية الكبرى عام 1948 والنكبات التي لاحقتها كهزات إرتدادية، تاريخاً مأساوياً لشعب مازال يحاول قهر المستحيلات، والبقاء على قيد الحياة، وهو يَحفُرُ طريقه بأظافره على الصخر الصلد والقاسي في بيئة إقليمية شديدة التعقيد، ويُعارك المصاعب التي مازالت تعترض طريقه في دياسبورا المنافي والشتات وحتى داخل أرض وطنه التاريخي على إمتداد أرض فلسطين من أقصاها إلى أقصاها. في التغريبة الفلسطينية الأولى والكبرى عام 1948، كانت (قهوة الصحابة) الشامية الشهيرة في حي الميدان الدمشقي آنذاك وتحديداً بالقرب من (ساحة باب مصلى) نزولاً بإتجاه منطقة (الجزماتية)، المكان الأَنسب لفلسطينيي سوريا في اللقاء بين أهالي المدن والبلدات التي لجأ مواطنيها لسوريا بعيد النكبة من أجل التواصل ومعرفة أخبار من خرج من حيفا ويافا واللد والرملة وصفد وطبرية والناصرة وغيرها من بلدات ومدن وقرى فلسطين، وأين حطت بهم المقادير بعد الخروج الكبير من فلسطين عام النكبة. فكل من كان يريد إلتقاط الأخبار لمعرفة مصير شخصاً فلسطينياً، أو عائلة فلسطينية يذهب ليسأل (عنه أو عنها) هناك بين جموع من اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يتوافدون على مقاهي دمشق المختلفة ومنها مقهى (الصحابة)، فهذا الحيفاوي يسأل عن جاره، واليافاوي كذلك، واللداوي يسأل عن جاره الصفدي وهكذا .... وفي التغريبة الثانية التي يعيشها الآن فلسطينيو سوريا الآن بعد خروجهم القسري من عدد من مخيماتهم ومناطق سكنهم وتجمعاتهم بفعل الأحداث خصوصاً من مخيم سبينة، ومخيم درعا، ومخيم اليرموك المدينة الكبرى التي كانت عامرة بسكانها ومواطنيها من سوريين وفلسطينيين، باتت مقاهي دمشق الكبرى والتاريخية كقهوة الحجاز وقهوة الروضة ومقهى الكمال، والكمال الجديد، والهافانا... مواقع اللقاء والتواصل بين أبناء فلسطيني الذين يتلوعون على حال البلاد، على حال سوريا التي أحَبوها حُبهِم لفلسطين، منتظرين وبكل لهفة الوطنيين المخلصين خروج البلاد من محنتها. إنها تراجيديا النكبة الفلسطينية وقصة اللجوء والتغريبة الفلسطينية بين مكانين : مقهى الصحابة في حي الميدان الدمشقي ومقاهي الحجاز والروضة والكمال والكمال الجديد والهافانا وغيرها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت