- الدكتور هاني زبيدات
- المستشار القانوني لمحافظ أريحا والأغوار
لقد حققت فلسطين عدد من قصص النجاح عبر تاريخها النضالي،كان آخرها قصة نجاحها في القضاء على فيروس كورونا،وذلك من خلال تضافر الجهود المبذولة من قبل جميع اجسامها المهنية التي اتسعت للجميع وتوحدت تحت شعار واحد موحد "فلسطين خاليه من الكورونا " .
ولا شك أن أزمة كورونا، التي أضحت العنوان الرئيسي والوحيد في وسائل الإعلام المختلفة في كافة دول العالم من أقصاه إلى أقصاه، تُعدّ تحدياً غير مسبوق، الأمر الذي حدا بفخامة السيد الرئيس بالإعلان عن حالة الطوارئ وتشكيل لجنة الطوارئ العليا برئاسة دولة رئيس الوزراء وذلك لمواجهة هذا التحدي، إذ لم يرتبط بقطاعٍ ما، بل بمسار الحياة اليومية الاعتيادية، فعلى إثره توقفت الحركة وأُصيبت كافة القطاعات الحيوية في فلسطين بحالة من الشلل التام .
فبالرغم من ارتباط الأزمة بالقطاع الصحي، إلا أنها تمسّ حياة ووجود الإنسان وترتبط بالمجتمع بأسره، وبالتالي تقع مهمة حماية المجتمع على عاتق الدولة بكل اجهزتها، حتى لو تطلب ذلك التدخل لإنفاذ القانون بالقوة، واتضح ذلك من خلال إعلان حالة الطوارئ، واستنفار أجهزة الامن مجتمعه، وكذلك الأجهزة الطبية، وقد تبيّن أن عمل تلك الأجهزة كان محكوماً بقوانين الطوارئ ، حيث سادت قناعةٌ لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية، مؤدّاها أن دولة فلسطين في حالة حربٍ حقيقية، الأمر الذي كان له أثرٌ ملموس في الفرض الإجباري للإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية. وتميّزت دولة فلسطين بجهودها في هذا الشأن، من خلال الشرطة والدوريات الأمنية التي انتشرت في الشوارع العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد أيّ مخالف لإجراءات السلامة العامة التي فرضتها الحكومة .
ولا شكَّ أنَّ وباء كورونا كان تحدياً هائلاً للاقتصاد للفلسطيني، نظراً لتأثيره الشامل على كافة القطاعات الاقتصادية في وقتٍ متزامن، وبعيداً عن الخوض في تفاصيل الأرقام – وهي عديدة، الا ان الحكومة الفلسطينية قامت بتقديم معوناتٍ ماليةٍ عاجلة للطبقات محدودة الدخل، ودفع رواتب الموظفين باستمرار، والأمثلة في هذا الشأن عديدة لا يتسع المجال للحديث عنها في هذا التقرير المختصر.
ونظرا لطبيعة الواجبات الملقاة على عاتق الحكومة الفلسطينية في ظل ازمة كورونا، وتطور وتنوع الخدمات التي تقدمها للأفراد ، كان من الصعب عليها تحمل كافة تلك الاعباء في جميع ارجاء الدولة، لذلك كان من الضروري ان تستعين الحكومة بالمحافظين في محافظاتهم، لتساعدها في اتخاذ الاجراءات والتدابير التي تكفل المحافظة على صحة الافراد، واتخاذ القرارات التي تساعد في منع انتشار فيروس كورونا ، وخصوصا بان المحافظة على الصحة العامة، واتخاذ كافة التدابير والاجراءات اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث ذات الاهمية، وتنفيذ القوانين والانظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من رئيس السلطة الوطنية،تعتبر من ضمن الاختصاصات الأصيلة للمحافظ بموجب المرسوم الرئاسي رقم (22) لسنة 2003 بشأن اختصاصات المحافظين، وان التخويل الممنوح لرئيس الوزراء بتحقيق غايات اعلان حالة الطوارئ لا يتعارض مع اختصاصات المحافظين ولا ينتقص منها، لذلك فان جميع القرارات الصادرة عن المحافظين وجميع الاجراءات التي قاموا بها بخصوص حالة الطوارئ بصفتهم رؤساء للجان الطوارئ المحلية في محافظاتهم لا تخالف المراسيم الرئاسية الصادرة عن فخامة السيد الرئيس والمتعلقة بحالة الطوارئ كما كتب البعض في مقالات سابقة لهمبهذا الخصوص .
فالمحافظين في فلسطين - الذين لطالما كانوا هدفاً لحملاتٍ منظمةٍ من جانب المنظمات الحقوقية المحلية والدولية- قدموا نموذجاً يحتذى به في احترام حقوق الإنسان منذ بدايات أزمة كورونا، حينما قاموا بالإجراءات الاحترازية، وتشكيل "خلايا أزمة" برئاستهم وعضوية قادةٍ عسكريين، بهدف ضبط الأمن وفرض القانون في المحافظات والتأكيد على القدرة الاستيعابية للتعامل مع حالات الإصابة أو الاشتباه في الإصابة بذلك الفيروس، فضلاً عن التأكيد على أن الخدمات الطبية تُقدّم بالشكل الذي يجب ،وتسخير كافة إمكانيات محافظاتهم لمواجهة هذا الفيروس الامر الذي عزز ثقة المواطنين بالحكومة ، كما انهم لم يتوانوا عن القيام بدورهم في مواجهة فيروس كورونا والقيام بدورهم كممثلين للدولة ومندوبيها والمتصرفين بسلطتها في محافظاتهم، والممثل المباشر والوحيد لكل وزير من الوزراء في ألمحافظه والساهر على تنفيذ القوانين والانظمة والتعليمات والاوامر الصادرة من رئيس السلطة الوطنية او مجلس الوزراء، وبنفس الوقت بصفتهم ممثلين لمحافظاتهم امام الدولة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت